الثلاثاء 16 إبريل 2024
سياسة

الزاهدي يكتب عن التعديل الحكومي : من كفايات الوزراء إلى كفاية الحكومة

الزاهدي يكتب عن التعديل الحكومي : من كفايات الوزراء إلى كفاية الحكومة الحسين الزاهدي
لم تعد المقاولة المعاصرة تراهن على الكفايات الفردية للأطر العليا والمتوسطة والصغيرة، بقدرما تعول على ما يصطلح عليه اليوم ب"الكفاية الجماعية" للمقاولة.
لقد تبين للمتخصصين في تنافسية ومردودية المقاولة أن كثرة الكفاءات الفردية مهما كانت نوعية ومتميزة ليست كافية لامتلاكها قدرة تنافسية تسمح لها بتطوير مكانتها داخل السوق الحرة. لقد انتبهوا إلى أن "الذكاء الفردي" و"المهارات الشخصية" لن تكون فعالة ومفيدة مالم يتم تدبيرها بمنهجية تضمن انسجامها وتفاعلها وتعاونها، فتحولها إلى "كفاية المقاولة"، أي "كفاية جماعية" قادرة على تحقيق أهداف المقاولة نفسها ب"روح الفريق والجماعة" التي تحفظ للفرد مكانته المثلى دون أن ترفعه فوق "شخص المقاولة".
     إذا سمحنا لأنفسنا باستحضار هذه المقاربة للإسهام في مناقشة التعديل الحكومي، حق لنا أن ندعو للتمييز بين "كفاءات الوزراء" ، و"كفاءة الحكومة"؛ معتبرين الحكومة كمنتخب وطني لكرة القدم يرغب في خوض غمار منافسات قوية، لا يكفيه لتحقيق مراده منها أن يستقطب عددا من اللاعبين ذوي المهارات الفردية فحسب، وإن كانوا قد حققوا نتائج جيدة مع فرقهم المحلية أو الدولية؛ ولكن سيكون المعول على خطة عمل يعتمدها المدرب، تحول تلك الكفاءات الفردية إلى كفاءة منتخب وطني، تقوم على التحديد الدقيق والمناسب للمواقع، والدراسة الصحيحة لواقع النزال، والخطط البديلة عند الاقتضاء، والأهم من ذلك  على بث "روح جماعية "تجعل من أهداف الفريق، ونجاحه هدف الجميع بدون استثناء.
 التعديل الحكومي في نظرنا اذن عليه أن ينصب على طريقة العمل، وهندسة العمل الحكومي، لتسمو أهداف الحكومة، فوق الأهداف القطاعية، ويتحلى أعضاء الفريق برو ح الجماعة المتضامنة، المعتزة بذكائها الجماعي، و"كفايتها الحكومية"، ملتزمة بخطة رئيسها الساهر على نجاحها، والمؤتمن على وحدتها وفعاليتها.
قد لا نحتاج إلى أطر تقنية فريدة لتحقيق النجاح المطلوب، قدر حاجتنا إلى وزراء سياسيين متشبعين بروح العمل الجماعي، ومتمرسين عليه، مؤمنين بأن النجاح لا يكون فرديا أو قطاعيا، وواثقين كذلك في قدرات الأطر الذين يشتغلون معهم وبجانبهم. إننا في حاجة إلى هندسة حكومية تستحضر روح النموذج التنموي الجديد، وأهدافه الاستراتيجية، بروح وطنية عالية تسمو فوق النزعات السياسوية الضيقة، وإلى وزراء، همهم الوحيد هو تحقيق النجاح الحكومي، وليس النجاح الوزاري، يعتبرون تحقيق الأهداف القطاعية مجرد طريق نحو تحقيق الأسمى، الذي هو نجاح الحكومة نفسها.
 
الحسين الزاهدي/ استاذ باحث