الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

زكتها أحكام شمهروش: إعلان مراكش "إمارة" للمغراوي والأصوليين والمتطرفين!!

زكتها أحكام شمهروش: إعلان مراكش "إمارة" للمغراوي والأصوليين والمتطرفين!! الوزير مصطفى الرميد وفي الأسفل الشيخ المغراوي وصورة مجرمي فاجعة شمهروش

أجزمت الأحكام الصادرة مؤخرا في حق خلية جريمة "شمهروش" الإرهابية (التي ذهبت ضحيتها سائحتان اسكندنافيتان)، خطر التغلغل الأصولي المتزمت بمراكش التي كانت من عواصم التنوير قبل أن يسطو عليها أتباع الطريقة "المغراوية" التي تنهل فكرها المتطرف من شيوخ الوهابية وحركة الإخوان المسلمين.

 

مراكش في زمن البيجيدي غيرت جلدها وتكالب عليها الأصوليون المتطرفون، ولعل من يسمع "الخطبة" البتراء الشهيرة للوزير مصطفى الرميد، في افتتاح دور القرآن، وتهجمه على السياح الأجانب بمراكش، يدرك كيف تحولت المدينة الحمراء من عاصمة كونية تتعايش على أرضها مختلف الجنسيات إلى مدينة "دموية" يفتي فيها وزير (يا حسرة) برفض الآخر، ويوفر البيئة المساعدة لشحن الناس بالغلو والتشدد.

 

"أنفاس بريس" تعيد نشر مقال سبق أن نشرته أسبوعية "الوطن الآن" تحذر فيه آنذاك من مخاطر التساهل مع تواطؤ وزراء البيجيدي في نشر التطرف ببلادنا...

 

"ليس سرا أن مدينة مراكش ظلت، لسنوات طويلة، معقلا حصينا من معاقل التنوير في بلادنا. بل إنها استطاعت أن تتحول إلى منطقة جذب سياحي استقطب مشاهير العالم الذين لم يكتفوا بزيارتها أو الإقامة فيها، بل اختارها بعضهم مثوى أخيرا لترتاح تحت ترابها أجسادهم. غير أن مراكش، المنارة التنويرية التي كانت تقدم الدليل على أن المغرب ينتمي إلى عصره، بدأت تتحول، في السنوات الأخيرة، إلى دار مفتوحة للوهابيين الذين يتساقطون بغزارة من جلباب الشيخ عبد الرحمان المغراوي المدعوم من علماء الفكر السعودي، مما يهدد بتحويلها إلى محضنة لهذا الفكر الحاد والمتطرف والمستورد.

 

والغريب في الأمر أن «المغراوية»، الذين يدعون أن مسعاهم هو تخليص الإسلام من آثار الردة والكفر والشرك والإلحاد، إنما يسعون إلى تجميد حركة التاريخ في «القرون الوسطى» بلا راد ولا رادع، بل إنهم يسلكون جميع الطرق ويتخذون كل ما يلزم من الاحتياطات لحماية دعوتهم، ولو كان الثمن هو التحول إلى سيف الحاكم في وجه الخصوم (والخصوم هنا هم في المقام الأول اليساريون والحداثيون ثم المتصوفة والمتشيعون والمبتدعون)، وإلا بماذا نفسر «العودة المظفرة» للشيخ المغراوي من منفاه الاختياري بالسعودية؟ وكيف نفسر مداخلة وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي رفع شيخ الوهابية وصاحب الفتوى الغريبة بخصوص زواج بنت التاسعة إلى مصاف الأنبياء والمرسلين؟ وكيف نفسر تلك التساؤلات المقلقة حول الأموال الطائلة التي تأتي من «اللامكان» لتستمر في فتح دور القرآن؟

 

لقد انتزع المغراوي اعتراف وزير العدل والحريات، ونال مباركة جماعات السلفيين، كما أنتج آلاف المواطنين المغاربة الدائرين في فلكه، ويطمح إلى جعل دور القرآن، خزانا انتخابيا لحزب بنكيران. فأين ذهب علماء المغرب وساسة المغرب؟ وما هي أسباب إفساحهم الطريق لهذا التقدم المغراوي بمدينة يوسف بن علي والقاضي عياض وأبو العباس السبتي وسليمان الجزولي وعبد العزيز التباع وأبو محمد الغزواني وبن عبد الله السهيلي؟ وما هي مسوغات الصمت الذي يعتلي أفواه المثقفين اليساريين والحداثيين المتنورين الذين كانت تنغل بهم المدينة؟ أين ذهب ماركس وإنجلز وغرامشي وألتوسير ومهدي عامل وحسين مروة ومحمود أمين العالم... إلخ، الذين كانت أسماؤهم تتدافع على ألسنة كل متحدث يساري عن الصراع الطبقي وديكتاتورية الطبقة العاملة والعدالة الاجتماعية ونمط الانتاج الأسيوي... إلخ؟

 

وما هي مسؤولية الأحزاب التي كانت تسهر على تسيير الشأن العام (حزب الاستقلال، الاتحاد الدستوري، البام)، التي سمح انشغالها بالكراسي داخل المجالس المنتخبة والتطاحن حول الصفقات الكبرى برواج مدارس المغراوي على أوسع نطاق في مدينة مراكش، وساهم بذلك في اغتيال مبادئ التعدد والاختلاف والتسامح، علما أنها أحزاب حين أمسكت بزمام تسيير المدينة الحمراء، ادعت بأنها ستقود المراكشيين إلى الإصلاح والتنوير، ومنافسة المدن العالمية الكبرى؟ لقد تحولت مدارس المغراوي إلى حضن إيديولوجي للوهابيين ومضخة للأصوات لفائدة الأصوليين. والخوف، كل الخوف، أن نستفيق على جيل من المغراويين يقذفون «الزناة» بالحجارة، ويعدمون بالسيف القتلة، ويطبقون الحد على اللصوص، ويحرمون الموسيقى، ويمنعون التلفزة، ويفرقون بين الرجال والنساء في المدارس والحافلات والقطارات والمصانع... ويرغموننا على ارتداء الشعر والصوف و«الصندلة»، وعلى الإقامة في الكهوف والخيام.

 

الخوف كل الخوف أن تتحول بلادنا، بتواطؤ مع حكومة الأصوليين، إلى استوديو كبير وواقعي وطبيعي لما كان يجري قبل 14 قرنا؟!"