الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

خمريش: الملك تجاوب مع الاحتجاجات التي أثيرت حول طريقة التعيينات في المناصب العليا

خمريش: الملك تجاوب مع الاحتجاجات التي أثيرت حول طريقة التعيينات في المناصب العليا عز الدين الدين خمريش
كان خطاب الملك محمد السادس بمناسبة حلول الذكرى الـ20 لعيد العرش، راصدا وقويا واشتمل على العديد من التلميحات التي اعتبرها المحللون معالم لخريطة طريق جديد "أنفاس بريس" اتصلت بعز الدين الدين خمريش، أستاذ العلوم السياسية، والعلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وحاورته في بعض من هذه التلميحات:
أشار الخطاب الملكي في تلميح أول إلى التعديل الحكومي؛ في نظرك ماهي دواعي هذا التعديل؟ إذا استثنينا داعي حالة التنافي التي أصبحت عليها كاتبة الدولة مباركة بوعيدا بعد انتخابها رئيسة لجهة كلميم واد نون؟
أولا، لابد من الإشارة إلى أن الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش لم يكن من باب التلميح أو الإيحاء بتغيير بعض الأسماء داخل الجهاز الحكومي ولكن كان هناك إقرار واضح بضرورة ضخ دماء جديدة في مجموعة من القطاعات الوزارية والإدارية التي لم تستطع معالجة بعض القضايا الوطنية وإبداع الحلول لبعض المشاكل القطاعية والاستجابة لٱنشغالات المواطنين اليومية خاصة في ظل الترهل وعدم التجانس ما بين مكونات البيت الحكومي على مستوى كتابات الدولة التي توجد تحت وصاية الوزير المعني والتي كانت فقط لترضية بعض الأحزاب في إطار الٱستفادة من الكعكة الحكومية وهذا ما جعل ملك البلاد يفضل اللجوء إلى آلية اللجان الإستشارية كآلية من آليات البت في بعض القضايا الوطنية الكبرى التي لا يمكن تأجيل معالجتها والإنكباب على إيجاد الحلول والسبل لتجاوزها وهذه الآلية وبالعودة إلى مختلف مراحل تدبير الشأن العام الوطني بالمغرب فقد أثبتت طريقة اللجان الإستشارية نجاعتها في إعطاء تصورات ومخارج لعدد من الأزمات والقضايا فعلى الصعيد الحقوقي مثلا ولمعالجة قضية المعتقلين السياسيين والمختفين تم إنشاء لجنة الإنصاف والمصالحة كما تم قبل وضع قانون الجهوية المتقدمة تعيين لجنة قامت بالتشاور مع مختلف الأحزاب السياسية والفعاليات الأكاديمية والعلمية وخرجت بتهيء الأرضية القانونية للنظام الجهوي للمملكة وعلى هذا الأساس جاء الخطاب الملكي الأخير ليعلن عن إنشاء لجنة جديدة ستوكل إليها مهمة وضع مشروع النموذج التنموي الجديد أمام عدم استجابة الأحزاب السياسية لوضع هذا المشروع الذي طالب به رئيس الدولة في أكثر من مناسبة الڜيء الذي يدفعنا نجزم بالقول بأن هذه الأحزاب قد فقدت بكارتها السياسية وأصبحت عبارة عن وجبة عشاء بائتة غير قابلة للتسخين
وفي تلميح ثاني يلاحظ تركيز الخطاب على الكفاءات كبديل عن بعض الوزراء والمسؤولين أليست إشارة إلى إمكانية اللجوء إلى التقنوقراط في صياغة السياسات العمومية؟
لقد أشار الملك في خطابه إلى أن النموذج التنموي الجديد والمرحلة الجديدة التي تقبل عليها المملكة تتطلب كفاءات من نوع خاص ذات جودة عالية وتدبير عال للقضايا الوطنية الكبرى وهذا النوع من الكفاءات لا تتوفر عليه أحزابنا المشكلة للحكومة الحالية التي تجيد فقط السجالات العقيمة والمزايدات السلبية وأسلوب التسويف والكولسة والافتقاد للرؤى السياسية بعيدة المدى وتبني ثقافة انتهازية مقيتة بدعوى البراغماتية والوصاية الأبوية على المؤسسة الحزبية وكأنها ضيعة فلاحية تمت وراتثها وهو ما دفع الدولة في الوقت الحالي إلى الإستنجاد بأشخاص تقنوقراط من العيار الثقيل والإستعانة بخدماتهم استجابة لظرفية اقتصادية واجتماعية خاصة.
التلميح الثالث: أليس فشل أداء بعض المسؤولين هو فشل للتعيين في المناصب العليا من طرف المجلس الحكومي وبالتالي إمكانية الرجوع إلى النظام السابق الذي كان التعيين فيه يتم عبر " الظهير ؟
عندما أشار ملك البلاد إلى ضرورة تجديد مناصب المسؤولية الحكومية والإدارية كان في الحقيقة يتجاوب مع مجموعة من الدعوات والاحتجاجات التي أثيرت حول طريقة التعيينات في المناصب العليا من طرف الحكومة والتي شابتها مجموعة من الإختلالات والتجاوزات لمعايير الاستحقاق والكفاءة والشفافية بل تحكمت فيها معايير الزبونية والولاءات الحزبية والمحاباة وهذه سلوكات تضرب في الصميم طموحات المغرب و رهانات محاربة الفساد والمفهوم الجديد لربط المسؤولية بالمحاسبة الذي دشنه الملك بإعفاء مجموعة من المسؤولين والوزراء وإقبار مستقبلهم السياسي والمهني وهذا ما جعل اليوم مجموعة من الأصوات تنادي بضرورة عودة اختصاص التعيين في المناصب العليا إلى المؤسسة الملكية خاصة في قطاع التعليم العالي، وبالأخص منصب العميد ورئيس الجامعة، حيث أبانت مجموعة التعيينات في هذه المناصب على أنها توزع على المقاس لأشخاص تنعدم فيهم الكفاءة والاستحقاق، في حين تم إقصاء مجموعة من ذوي الكفاءات العالية وبروفيلات متميزة وأبانوا عن قدرة فائقة في تسيير وتدبير بعض المرافق العمومية.