الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

عمر الإيبوركي: موسم الطلبة ببوشان صلة الرحم واستمرارية عبر الأجيال

عمر الإيبوركي: موسم الطلبة ببوشان صلة الرحم واستمرارية عبر الأجيال عمر الإيبوركي

تصنف قبيلة الرحامنة ضمن القبائل المكونة لعرب "معقل" ذات مميزات ثقافية عربية صرفة على مستوى لهجة التخاطب، لأن لغتها هي العربية الملقحة ببعض المفردات الأمازيغية، إلى جانب اللهجة الحسانية المنتشرة في منطقة واسعة من القبيلة، وخاصة في منطقة (بوشان الرحامنة الغربية)، التي استقرت فيها العشائر الصحراوية الممثلة لقبائل يكوت والركيبات، وتاجكانت، واولاد ادليم، وتدرارين وسلام لعرب... وقد شكلت هذه المنطقة بجذورها القرابية استمرار ثقافة القبائل الصحراوية، إضافة إلى خصائص اجتماعية وثقافية كالتقاليد والقيم ونمط العيش الرعوي يجعل منها قبيلة معقلية لحقتها بعض التأثيرات الأمازيغية، وامتزجت داخلها عناصر مركبة تعكس التنقلات التاريخية التي قطعتها القبيلة قبل الاستقرار النهائي. إن طبيعتهم المتميزة بالشجاعة والكرم تنطبق مع الطابع العربي، ونمط عيشهم يعتمد على التجارة والرعي، وقد لحقتهم أيضا بعض التأثيرات من الثقافة الأمازيغية.

منذ قرون انتشرت مجموعة من المدارس القرآنية في قبيلة الرحامنة، وتوافد عليها الفقهاء والعلماء خاصة من منطقتي الصحراء وسوس، كما كانت محجا لطالبي العلم من القبائل المجاورة، وخاصة قبيلتي دكالة والشاوية، ومن بين ما يميز الرحامنة أنها من المناطق المغربية التي تتميز بكثرة حفظة القرآن الكريم لما له من قيمة اجتماعية، ونذكر هنا أشهر هذه المدارس:

- مدرسة “كدالة” تعتبر أم المدارس تقع شرق بوشان التي شيدها العلامة سيدي محمد بن عبد القادر الكدالي وعياد الكدالي، والذي خصهما وتلامذتهم المختار السوسي بترجمة هامة في كتابه “المعسول”. ومن بين الشيوخ بهذه المدرسة: سيدي دليل بن عبد القادر الكدالي، وسيدي عبد المعطي بن الفقيه وسيدي عثمان بن عبد القادر.

- مدرسة دوار صالح لعبيدات بجماعة أيت الطالب بوشان .

- المدرسة “الخضراوية” بالجبل الأخضر بأقصى الشمال الشرقي للرحامنة، والتي أسسها الفقيه الحاج احمد الخضراوي.

- مدرسة مركز بوشان.

- مدرسة الهدى للتعليم العتيق بدوار الفدان العريان بجماعة الجعيدات بقيادة رأس العين بجنوب الرحامنة.

- مدرسة ابن خيران بقيادة أولاد أتميم بشمال الرحامنة.

- مدرسة “القائد العيادي العتيقة” بابن جرير.

لم تكن فعالية حقل العلم والصلاح بمعزل عن حركية المجال الرحماني الاجتماعية والثقافية، في مختلف مراحله وتحولاته.. فالرحامنة كانت أرض العلماء والصلحاء، فالـ "العمران الديني والعلمي القدسي" يحتل مكانة أساسية في المجال الرحماني، متميزا بحضوره وتنوعه، فلا يكاد يخلو موضع من فضاء الرحامنة من مدرسة قرآنية عليمة أو مسجد أو ضريح لولي من الأولياء.

ويوجد بالرحامنة ما لا يعد من الأضرحة لأولياء صالحين وعلماء تتفاوت درجة إشعاعهم المحلي أو الإقليمي أو الوطني، فلم يكن ذلك غريبا عن مجال عرف تاريخيا بالعلم والصلاح والولاية، يحج إليه الراغبون في طلب العلم، وتحقيق الوصل وبلوغ مراتب الصلاح.

من المؤكد أن جوانب مهمة من تاريخ العلم والصلاح بالمنطقة ما زال مغمورا، وهناك فراغ شديد في الترجمة والتوثيق والتعريف بالعلماء والصلحاء الذين عرفتهم الرحامنة عامة، ومنطقة بوشان خاصة. وعليه فقد سعت الجمعية المنظمة لموسم الطلبة منذ نشأتها على تقييد وتأريخ سيرة بعضهم، من الذين فاقت شهرتهم الأطباق، اعتبارا لما حازوه من معارف، وما أسسوا له من قيم و مبادئ.

استمرارا لرسالتها الروحية والثقافية دأبت جمعية الامام ورش لحفظة القرآن الكريم ببوشان على إحياء موسم الطلبة للاحتفاء بحفظة القرآن الكريم، وتأكيد الروابط الروحية والدينية بين الصحراء المغربية والرحامنة، ونقل هذه السنة الحميدة عبر الأجيال لضمان استمراريتها، والحفاظ على هذه الرسالة الروحية من خلال تشجيع الحفظة باعتبار ان المغاربة هم أكثر المجتمعات حفظا لكتاب الله.

يذكر أن موسم الطلبة ببوشان سينظم من 24 إلى 28 يوليوز 2019، تحت شعار "ثوابت الأمة المغربية مظهر من مظاهر أصالة وتماسك المجتمع المغربي"، دورة العالم سيدي عيسى بن خليفة الرحماني.