الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

الباحث وردي يكشف أهمية الفيديوهات في مساعدة العدالة على ملاحقة الأشرار

الباحث وردي يكشف أهمية الفيديوهات في مساعدة العدالة على ملاحقة الأشرار القاضي وردي (يسارا) إلى جانب زملاء له

ضمن سلسلة مقالات وحي القلم، التي يخص بها الأستاذ حكيم وردي، عضو نادي قضاة المغرب، والباحث القانوني، جريدة "أنفاس بريس"، فيما يلي مقالة عنونها بـ "كاميرا الجريمة":

"تعززت وسائل الإثبات في المادة الزجرية المحكومة بمبدأ حرية القاضي في تكوين قناعته الوجدانية بوافد جديد/قديم هو في المحصلة وليد الهوس المتزايد بتوثيق الممارسات السادية بالصوت والصورة في الفيديوهات المنشورة.

فيديوهات على بشاعتها أسهمت بفعالية في جعل الجريمة قابلة للمشاهدة والاستعادة، وناطقة بعناصرها التكوينية، وحاسمة لأي إنكار محتمل أو سعي يائس للتملص من المسؤولية الجنائية.

ويكفي الربط بين التفاعل الآني لأجهزة إنفاذ القانون مع المنشورات الالكترونية السمعية البصرية الموثقة لأفعال جرمية وإيقاف المشتبه فيهم بخصوصها ومواجهتهم بجرائمهم كما تم تسجيلها للوقوف على أهمية هذه الفيديوهات في مساعدة العدالة على ملاحقة الأشرار والحيلولة دون إفلاتهم من العقاب.

كثيرة هي الجرائم التي لم يكن بالإمكان الحسم في شخوص مقترفيها أو الإحاطة بظروف إتيانها لو لم تتوفر كاميرا بالقصد أو الصدفة تسجل بحياد ما يجري تحت عدستها الباردة.

لذلك لا ينبغي التهويل من ظاهرة النشر المتزايد لمقاطع فيديوهات أفعال مخالفة للقانون الجنائي، أو اعتباره مؤشر حاسم على انتفاء الأمن طالما لم يثبت أن فيديو فعل جرمي جرى نشره وظل فاعلوه بمنأى عن المساءلة، متلما أن القياس العلمي لمؤشرات الظاهرة الإجرامية لا يتأسس على الجريمة المنتشرة في العوالم الافتراضية.

حقيقة أن تصوير الجريمة من طرف الفاعل أو الغير وتداولها على شكل واسع هو إحدى ضرائب حرية استعمال التكنلوجيا التي قلما تنضبط للمعايير القيمية، والتي تستدعي دراسات معمقة من مقتربات عديدة كعلم النفس الاجتماعي يقوم بها متخصصون بآليات علمية، إلا أنه من منظور هاجس الرغبة في تحصيل الدليل المولد للجزم واليقين بدل الظن والتخمين ليس أفضل من فيديو واضح التسجيل سليم من احتمال التلاعب دليلا مساعدا لأجهزة العدالة الجنائية في ردع المجرم وقمع الجريمة.

ففي جميع دول العالم الحر يساهم مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي بما ينشرونه ويوثقونه من معطيات صحيحة في تحقيق العدالة بمفهومها الفلسفي. طالما أنهم ينشرون بوعي ومسؤولية بعيدا عن شهوة الرغبة في جلب المشاهدات وجني اللايكات، وعلى قناعة من أن هناك أجهزة رسمية مستعدة للتفاعل معهم ويترقبون نتائج تحرياتها التي أظهرت الممارسة أنها قلما تأخرت عن الجواب.

ولا شك أن حجم تفاعل الرأي العام الافتراضي مع هذه الفيديوهات واستنكاره لمنسوب الهمجية التي تعكسها سيدفع حتما إلى اختلال ميزان قوى الفاعلين في النقاش الدائم بين المتخصصين حول قضايا إشكالية متعلقة بالاعتقال الاحتياطي ونجاعة العقوبات السالبة للحرية وحدود إمكانية إلغاء عقوبة الإعدام وغيرها من أسئلة المجرم والجريمة التي لم يعد مقبول أن يجري الجدال حولها في الملتقيات المغلقة دونما استحضار أو معرفة كافية بما يطلبه المغاربة".