الثلاثاء 19 مارس 2024
منبر أنفاس

عبد الرحيم هريوى: كثيرون هم..!!

عبد الرحيم هريوى: كثيرون هم..!! عبد الرحيم هريوى

لما تأخذك اللحظات العابرة لمعانقة الطبيعة وجمالها الخلاب وسط مناطق خضراء قاومت غول الإسمنت كي يطول عمرها ويمتد رغم أنفه وسطوته؛ في جل مدننا هذا الزمان..!!

ها هنا؛ وبهذا الفضاء الأخضر الممتد، من ملعب الفوسفاط للمدينة المنجمية خريبكة حتى مشارف الشارع الرئيسي الذي يأخذك للكلية المتعددة التخصصات، وعادة ما تصادف عينيك من يبحث له هناك عن عناق حميمي وممتع مع عالم الطبيعة الهادئ، وهو يرخي سمعه لأصوات عصافير تنوعت تغاريدها.. وتزيد من جاذبية الفضاء، لكل باحث عن راحة مفقودة لم يأنسها بين ضجيج وصخب وقلق هذه الحياة..!! وقد يمتد بك الجلوس لساعات طوال، وتنسيك اللحظات في لقائك الحميمي مع العشب الأخضر؛ وألوان شتى من الزهور التي كست هذا الفضاء الرحب الجميل. وأعطته صورة للوحة فنية طبيعية تثير لدى كل عاشق للحياة الأخرى غير تلك التي اعتادها خلف سجون الجدران وصمتها، وكآبة منظر الحيطان وسكونها ولا نقول موتها..!!

هي بالفعل لحظات عبور جارفة تجذب النفس إليها جذبا خفيفا إذ تصادفنا في زحمة وضجيج هذه الحياة، ونلتقي بها بأرواحنا كي نسمو نحو أفق لا حد له.. كي نعيد لأنفسنا توازنها الطبيعي المفقود ونحارب القلق والضغط والروتين والصخب والضجيج...!!

كثيرون هم أمثالي، قد لا يشعرون بالسعادة إلا في وسط تلك الألوان الخضراء التي تصنعها الطبيعة وتمدها بجمالها العذري ..!!

كثيرون هم أمثالي، من يهربون بأجسادهم لعالم مثالي آخر كي يضبطون ميزان ضغطهم في زمان اللحظات الباردة والمملة حيث تتشابك الخيوط ويطفوا دخان واحتراق الذات..!!

كثيرون هم أمثالي، من يقصدون مناطق خضراء بعينها كي يمتد بصرهم للأفق، هناك في أعالي الفضاء حيث تحلق أسراب من الطيور كي تعيش حياة أخرى لم تألفها على بساط تراب قاحل  وفوضى ما صنعه يد البشر...!!

كثيرون هم أمثالي، من يطلقون العنان كلمات صعبة عصية المراس وأشعار عذبة تستحضرها الأفئدة، كي تتلاحم في تناعم، وشذى أصوات طيور وعصافير، ويكون ذلك الشجى لعله يبكي كل عاشق ولهان بحب وطقوس  وبفلسفة الحياة...!!

كثيرون هم من يملكون شجاعة الكلمات وينطقونها كي تصرخ غاضبة في وجه كل من يطلق بدون رحمة كاتم الرصاصات ويدمي كل أجسام تحب الطبيعة الخضراء ورومنسية الحياة...!!

كثيرون هم...!!

كثيرون هم...!!

● كثيرون هم من لا تفارقهم أقلامهم المفعمة بالحياة.. فتحية إجلال وإكبار لهم، ما داموا سعداء بما يفعلون وما ترسمه أقلامهم وتخطه عن كل فضاء ترتاح فيه النفس وتجد لذتها فيه، وفي معانقة الجمال حيثما كان وحيثما وجد....!!!!