الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

"حرفة الفيلسوف" ولحظة وفاء واعتراف بأستاذ الفلسفة عزيز لزرق بسلا

"حرفة الفيلسوف" ولحظة وفاء واعتراف بأستاذ الفلسفة عزيز لزرق بسلا الأستاذ عزيز لزرق لحطة الاحتفاء به

نظم الفرع المحلي للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة بسلا، يوم الثلاثاء 18 يونيو 2019، بقاعة اباحنيني بالرباط، لقاء احتفائيا بالأستاذ عزيز لزرق، باحث في الفلسفة والسوسيولوجيا، عضو مسير سابق بمكتب الجمعية، بمناسبة إنهائه سنوات الخدمة في مهنة التدريس. لقاء حضره أصدقاء وأقارب ورفاق في الدرب المهني، وطيف من عشاق منارات الأستاذ لزرق، قدم خلاله فرع الجمعية إصدار كتاب تحت عنوان  "حرفة الفيلسوف"، عبارة عن مجموعة أعمال مهداة للأستاذ المكرم  في اللقاء. "أنفاس بريس" تابعت لحظة التتويج وأنجزت هذه الورقة.

"عاش عزيز دوما قريبا من هذيانه، لأنه فهم أن أجمل ما في الإنسان هذيانه"، يقول رفيق المسار المهني منير الحجوجي في حق المحتفى به.. "كان عزيز يطلب الفكرة فقط..، لقد حفرت أفكار عزيز طريقها متوسلة فقط بضوئها الخاص..."، يضيف الحجوجي في كلمة عنونها "دروس عزيز"، قرأتها نيابة عنه الأستاذة سعيدة أوزن من فوق منصة لقاء الوفاء والاعتراف..  فيما اعتبر خالد العبيوي، الكاتب العام لفرع الجمعية بسلا، أن تنظيم هذه الالتفاتة في جوهرها إنما هو "احتفاء بصديق عزيز ملأ مداركنا فكرا وثقافة، وقلوبنا محبة واعتزازا.."؛ منوها بالأثر الفكري الذي راكمه لزرق ولا يزال قائلا: "مجهوداته وإنتاجاته الفكرية تشهد على عطاءاته في مجالات التجديد البيداغوجي والديداكتيكي في تدريس مادة الفلسفة وفي الكتابة التربوية والفلسفية والسياسية والحقوقية.."

هذا وجاءت شهادة ذ. عزيز بوشقطاط مدثرة بكثير من تجاويف أواصر الصداقة وألوان الاعتراف في لقاء الاحتفاء، إذ نعت المتحدث لزرق بقوله: "عزيز واحد من الذين لهم فضل في إحياء جمعية مدرسي الفلسفة وانتشالها من الرماد..". واعتبر بوشقطاط، الذي ساهم إلى جانب ذ. عبد الله باعلي في تنسيق وتحرير كتاب "حرفة الفيلسوف" أن "لزرق هو صاحب رؤية ومشروع فكري عمقه الانتماء والهم والمصير المشترك". فيما وصفه زميله ذ. محمد الخراطـ في شهادة متضمنة في طي الكتاب بـ "البوصلة المضيئة"، متطلعا في سياق اللحظة لضوء جديد من أضواء المحتفى به، إذ يقول الخراط: "توديعك للقلعة هو فقط نزول في محطة من المؤكد أنها نبراس لعطاء جديد.." فيما قالت عنه الحسنية شويكة، الزوجة ورفيقة الرحلة والمسار في اللقاء: "عزيز زوج ورفيق، أب وصديق قلب الإنسان...، شكرا لك عزيز على تضحياتك وعلى عشرتك الطيبة ومحبتك السامية"...

ولأن شهادات الأحباء والزملاء والأصدقاء، سواء من فوق المنصة أو بين دفتي الكتاب/ الإهداء، جاءت شفيفة منسابة "من القلب إلى القلب" مثل موسيقى، فقد طفت كيمياء فريدة بين تناغم الأجواء والأمزجة داخل القاعة، وخيمت هرمونيا في اللقاء حين غنت الفنانة الواعدة ياسمين بوخة بصوتها الفيروزي "سنرجع يوما إلى حينا"، و"عصفور طل من الشباك"، وكذلك كان وهي تؤدي في بهاء أغنيتي "غير أنت" و "خلوني" من ريبيرتوار سعاد ماسي..

قبل أن يأخذ المتوج الحضور معه في سفر آسر في عوالم بوح عنونه: "الزمن المستعاد: حفريات الاسم ورماد القصيدة."، استهله بنبش في حفريات وأغوار "الاسم" والبدايات الأولى في رحلة البحث عن "الاسم" (عزيز لزرق) في رحاب جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس: "أنا ابن العرصة، أنا ابن ظهر المهراز، هناك استنبت زروعي.." هكذا يستحضر لزرق بعزة وانتشاء، زروع ستسقيها ينابيع سليم رضوان، خديجة شاكر والأستاذ محمد الدكالي وهي تبث في خلايا الاسم "نخوة الفلسفة وعزة القيم". بعدها ستوضع بصمة الاسم ويصير له فعل وتاريخ بفضل "الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة" مع جليل طليمات، مصطفى أمال، محمد الخراط وحلقة أخرى من "محبي الحكمة": "كثير من مشاريعي الثقافية، أنا مدين بها للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة"، تقول شهادة البوح، ليحلق بعدها "الاسم" عاليا ويجد له موطأ قدم دولي حين وقع عليه اختيار من لدن ميشيل طوزي باقتراح عضوية في جمعية دولية تعنى بتدريس الفلسفة، ثم جاء اختيار "الاسم" أيضا عضوا ضمن هيئة تحرير مجلة "ديوتيم أغورا"، الصادرة في مدينة مونبوليي بفرنسا..

نبش في "حفريات الاسم" وسفرية نبش في "رماد القصيدة"، وبينهما رجع صوت الأب الهادي لزرق "أريدك أن تفعل لي اسما"، يتردد رمادا لم ينطفئ، يقول نفس البوح، إذ ظلت جملة الأب، وشما محفورا في الوجدان مثل وشم لا ينمحي:

- "تسمعت صوتي المنبجس من الرماد يقول: ابني مسكنا لك، احلم بالزمن المستعاد واكتبه قصيدة"؛

- "وأنا أنهي مشواري المهني التدريسي، أقول إنني أعيش زمن الاستعادة، بفضل هذا الزمن المستعاد أعيش الخلود في الزمن الحاضر"؛

- "لم تكن الفلسفة بالنسبة لي مجرد مادة أدرسها بل روحا أعشقها، كلما ارتويت منها زدت عطشا"؛

- "شكرا لأنكم جزء أكبر من رمادي...، فهذا الزمن المستعاد، ما هو سوى قصيدتي التي أتأبطها، كملحمة خالدة"..

ثم جاء مسك ختام  قراءة شذرات صنيعة ألوان من إنتاجات "الاسم"، طرزها المحتفى به في رفقة مجموعة من طلبة وأساتذة جمعتهم به ذات محطات "إشراقات الفلسفة"، شذرات بمثابة أجوبة عن هواجس وحرقة كتابة "الاسم" وهي تتردد في صدى صوت الأب (الغائب/ الحاضر) القادم من الهناك من خلال سؤال: أكتب، ليتأتى كتابة الاسم الشخصي: "عزيز" وكتابة الاسم العائلي: "لزرق"، ثم يتوالى فعل السؤال وفعل الكتابة: اكتب.. ليكن حلم الانتماء../ اكتب ليكن هاجس السؤال../ اكتب ليكن معبر الحياة../ اكتب ليكن منبث الثقة../ اكتب ليكن موطن السكينة../ اكتب ليكن مقصد الحكمة../ اكتب.. سأجعله أثر الحضور../ أكتب فعلا.. ليكن رماد القصيدة... هي أضواء صنيعة ألوان اسم "عزيز لزرق" قرأ شذرات فيها كل من ذ. سعيدة أوزن: "تأبط حلما" من مقدمة كتاب الفلسفة ورهانات تدريسها(1997)، ذ. سمير شريفي/ من "أسئلة ممكنة" من مقدمة كتاب "حدود وممكنات إصلاح التعليم"(2001)، ذ. عبد الكبير الحيمر/ "حياة المدينة وتقريظ الثقافة" من مقدمة كتاب "العولمة ونفي المدينة"، الطالبة كنزة أوشي/ " مطلب النقد مطلب التاريخ وغاية الحرية" من مقدمة كتاب " الدين والسياسة، الدعوة والثورة"(2015)، الطالبة أسماء ملياني من "مسكن الفلسفة" في مقدمة كتاب "الفلسفة أو العلاقة المبتورة، بين الاستنساخ والإبداع"(2017)، الابنة ملاك لزرق/ "حكمة الانعكاس" في مقدمة كتاب "مرايا فلسفية: الحب والضيافة" (لم يصدر بعد)، وتلاها في ختم بهاء السوار الابن جبران لزرق/ "لماذا هذا الكتاب؟" في مقدمة كتاب "التميز في الفلسفة، دروس وتطبيقات 2019 (لم يصدر بعد)، وعلى أنغام سفر الأفكار وعبق موسيقى وفيض محبة وعناق كان ختم لقاء جاء قشيبا في لون البهاء..