الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد المجيد مومر: محمد مرسي ومرتزقة الإخوان في المغرب

عبد المجيد مومر: محمد مرسي ومرتزقة الإخوان في المغرب عبد المجيد مومر

كفى بالموت واعظًا، هكذا نستذكر الأموات بِخَيْرٍ، ونستحضر الانتقال إلى جوار الله بِخُشُوعٍ، ونستنكر استغلال وفاة محمد مرسي لإحياء نَعْرَةِ تقسيم الشعوب المسلمة إلى مُعَسْكَرَيْنِ مُتَناحِرَيْنِ .

ولأن صغار تنظيم العدالة والتنمية قد شحذوا أقلامهم وأقوالهم من أجل تصفية حسابات سياسوية دنيوية رخيصة، وشرعوا في صب زيت الحقد الطائفي على نار التفرقة الدينية؛ فإننا نحذر أولئك الشباب المُسْتَلَب من مغبة اللغو الفارغ الذي يخدم أجندة فوق وطنية تجعل من جثة الميت ورقة سياسية في مهب رياح التدابز الأيديولوجي. فَهَا نحن أَيْنَما وَلَّيْنَا وُجوهَنَا تُلَاقِينَا عبارات طلب الثأر المدسوسة ضمن بيانات النعي عند الكثير من "علماء" الإسلام السياسي.

"مات مرسي.. عاش الإخوان"؛ هكذا يريدون إحياء مشروع الجماعة الضالَّة عبر الاسترزاق بالموت، والأخطر من ذلك حديث الرميد مصطفى الإخوان في المغرب عن الشهادة في سبيل الله، وكأن المعارضين لنهج الإخوان ثلة من الكافرين المشركين الذين حق عليهم العذاب الأَليم. رغم أن الشهيد في الإسلام هو القتيل الحريص على أنْ يكون خروجُه من الدنيا في سبيل الله، وليس في سبيل كرسي الرئاسة الدنيوي.

وقد استفزني الكاتب الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، محمد أمكراز، حين لجأ إلى القول السفيه، واعتبر كل من تحدثوا اليوم عن وفاة محمد مرسي، أنهم مناصرون للظلم والقهر والاستبداد. بل تمادى أمكراز في غَيِّه وجزم بأن الذين تحدثوا عن محمد مرسي، لا يحق لهم الحديث مستقبلا عن مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية.

رغم أننا في المغرب نعاين عن قرب فشل التنظيمات السياسية المُؤَدْلِجَة للإسلام في ممارسة السلطة بنفس ديمقراطي تنموي حقيقي، وذاك نابع من حقيقة ملموسة تتلخص في عقيدتهم السياسوية الكهنوتية الجامدة الساعية للتمكين التام بادعاء الطهرانية العقائدية والتمترس خلف ديماغوجية المظلومية. عقيدة سياسية نشأت وترعرعت على تكفير الديمقراطية كمنظومة قِيَم أولاً، ثم سارعت إلى الالتفاف على الشق الانتخابي للعملية الديمقراطية قصد تأمين وصولها إلى المشاركة في تسيير أمور الدولة، قبل مباشرة الانقلاب من جديد على الإرادة الشعبية ونظامها السياسي الوطني، وإعلان رغبتهم في الاستفراد المُفْتَرِس لباقي المكونات السياسية باسم التفويض الشعبي المزعوم وخدمة لأهداف وغايات عقيدتهم الدينية - السياسية الخاطئة، وليس بغرض إحقاق الديمقراطية التشاركية .

هذه شبيبة الصحوة الدينية المزعومة التي نتابع شروع بَناتِها في خلع الحجاب بعد انتهاء عِفَّةِ صلاحيتِه الانتخابية. إِذْ بِنَا اليوم نجدُ أبناءَها يُثَمِّنون السياسات اللاشعبية لحكومة سعد العثماني التي تستهدف القوت اليومي للشباب المغربي، بينما إخوانهم الكبار يتلذذون في نعيم التعويضات والمعاشات والامتيازات من ميزانية الدولة المغربية.

هذا الصغير أمكراز، رئيس شبيبة إخوان المغرب، يتحدث في تدويناته الماكرة عن مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية التي راكمتها البشرية عبر قرون من النضالات المريرة، ويقول إنها ليست فقط عبارات أو شعارات يتم رفعها كلما كنا في حاجة إليها لدعم موقف سياسي معين. بل يتمادى -بِنِفَاقٍ كَرِيهٍ- في التأكيد على أنها قناعات راسخة وممارسة منضبطة، لا تقبل التجزيء ولا الانتقائية.

وبالمقابل نجد إخوانه المُسْتَكْبرين في المغرب يعملون بسعي حثيث على تحريف مفهوم التأويل الديمقراطي عن مواضِعِه الدستورية، من خلال التكتيكات السياسوية الجديدة التي دشَّنَتْها قيادات تنظيم العدالة والتنمية، بعد انكشاف أوهام التنمية ضمن برنامج العبث الحكومي "البَاسِل" وانفضاح كذب الإخوان في أرقام البرنامج الانتخابي الفاشل، والذي بِمُوجَبِه تصدَّر الذراع السياسي لجماعة التوحيد والإصلاح نتائج اقتراع السابع من أكتوبر 2016.

وَلَا غَرَابَة -بعد وفاة محمد مرسي- أن نجد الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية يزايد علينا بالقول أنه عندما يحل القتل والظلم واستعباد الناس وقمع حرياتهم؛ وغيرها من الأفعال المنافية لفطرة الناس والمبادئ الحامية لها، فلا مجال للإيديولوجية والسياسة كمحدد للاصطفاف.

في حين أننا نقف مشدوهين مصدومين أمام أشكال التأثير السياسي المُفْزِع الذي تنْهَجُهُ قيادات حزب العدالة والتنمية من أجل تغيير مجرى العدالة في قضية تورط الإخواني عبد العالي حامي الدين في مقتل الطالب اليساري بنعيسى آيت الجيد، لاسيما وأن هذه القضية تحولت إلى محاكمة تاريخية لسنوات جاهلية العنف في تدبير النزاعات والاختلافات داخل الفضاء الجامعي من خلال استعراض العضلات الذي هيمنت به بعض المكونات الطلابية والتي تشكل اليوم القدوة السيئة للشباب.

إن الركوب الجبان لشبيبة العدالة والتنمية على جثة محمد مرسي، يجسد بوضوح أخلاق شبيبة الإخوان بالمغرب الأقصى التي لم تفتح فمها للتضامن مع الشباب الحداثي الذي سالت دمائه حتى الموت، أولئك الشباب الذين تم سَحْلُهُم ثم ذَبْحُهُم أو تهشيم رؤوسهم من قبل ميليشيات جماعة الإخوان في مختلف أقطار العالم الإسلامي.

إن المدافع عن حق الحياة لا يجب أن يحتكر هذا الحق لِذَوِيهِ وعشيرتِهِ من الإخوان كما لا يجب التعامل مع نفس الحق بانتقائية مقيتة، لأن الحق في الحياة هو حق لجميع الناس. وبالتالي، تالله مُذْنِبٌ من يعتقد أن النضال من أجل الكرسي الرئاسي هو استشهاد في سبيل الله، مثلما أنه مُجرم من يعتقد أن الركوب على جثث الموتى هو اقتداء بسنة رسول الله. والخاتمة أنه حقير من يعتقد أن الحياة حق له دون سائر خلقِ الله .

- عبد المجيد مومر الزيراوي، شاعر وكاتب رأي