قليلون هم من يحملون أسماء على مسميات صحيحة في زماننا هذا، كما كانوا بالأمس القريب، حينما كنا نعتبر المثقف مثقفا بصدق، وكذا الأديب أديبا صورة وصوتا، والجمعوي له ميزة الجمعوي قلبا وقالبا، والسياسي بطعم ورائحة السياسي بأخلاقه وتواجده في الساحة كمناضل شهم وشريف وليس بالجري وراء مصالحه ومصالح من يدورون في فلكه…!!؟؟ وكذلك فيما يخص الممثل النقابي قد نعتبره نقابيا، لما نشعر بحق بأنه يدافع عن المصلحة العامة للشغيلة والفئات الحرفية والمهنية التي يمثلها.!!!؟؟
وكل ذاك بعيد المنال في الواقع، وعلى الأرض وخاصة فيما له علاقة بالعمل النقابي والسياسي لما تشوبهما شوائب كثيرة، لأنهما لا يخرجان عن نطاق عالمي المصالح والمنافع وتحقيق المكاسب الشخصية على حساب مصلحة الآخرين. وخاصة الطبقات الهشة والفقيرة والمتوسطة من أبناء الشعب، إذ يعدونهم وما يعدونهم إلا كذبا وغرورا!!؟؟ (غادين نديروا ليكم كذاوكذا... وغادين وغادين وهما غادين!!؟؟...)... ( أوغادين أما زالوا غادين )..!!؟؟
لكن دعونا نتكلم بكل صدق وبصراحة تامة ، من خلال هذا المقال ونقول: قليلون بالفعل من هم، يحملون اسم على مسمى ونقول فلان مثقف بحق، وفلانة أديبة بحق أو جمعوي أو سياسي أونقابي بحق وحقيقة. وذلك لما يقترن اللقب بالأخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة في محك العلاقات الشخصية والاجتماعية بين هذه الفئة ومحيطها القريب والبعيد…!!؟؟
وحينها تحكم عن كل واحد منهم ينتسب إما لعالم الثقافة أو السياسة أو المجتمع المدني وذلك لما تعاشرهم عن قرب و لما تتعرف على سرائرهم ومعاملاتهم فيما بينهم و مع الآخرين. وحينها تخرج قلمك الأحمر وتبدأ في تقييم المعاملات والسلوك والأخلاق وعندما تنتهي من كتابة ملاحظاتك العامة تذيل وتدون بكلمة واحدة "مثقف" "شبه مثقف" "أديب بحق" أو الأدب يتبرأ منه ومن أفعاله وأعماله الشيطانية "جمعوي بحق" أم "مرتزق" يعمل على تحسين صورته وتبييض ماضيه وحاضره والظهور بمظهر الإنسان الحضاري المتمدن والفاعل الجمعوي الذي يفهم في كل شيء ولا أحد ينافسه. وفي حقيقة أمره هو بالفعل كلام لا تتحمله حتى الجبال لأخلاقه المشينة إن لم نقل أكثر…!!؟؟
فلذلك كله؛ نتأسف أسفا شديدا لما آلت إليه أوضاع الثقافة والسياسة والعمل الجمعوي في غياب إنسانية الإنسان وطيبوبته وأخلاقه الفاضلة ونكرانه للذات والتضحية من أجل الصالح العام..!!؟؟
وما أمست تعانيه هذه الميادين خلال العقود الأخيرة من أوضاع غير صحية البتة، ومن حالات شاذة وصراعات بينية لا تخدم في أي شيء مصالح الفرد والمجتمع في هذا الوطن، لأن المنفعة الشخصية حاضرة وبقوة وغياب لغة التشارك مع الآخر للمصلحة العامة حتى ولو كان يخالفني الرأي أو التوجه الأيديولوجي والفكري. وطغت المظاهر والزواق وغاب المثقف العضوي والحقيقي والأديب المصلح لما أفسده الناس بخياله ولغته وقلمه، وغاب أيضا السياسي والنقابي اللذان يعملان في خندق واحد للدفاع عن المصالح العمومية لأبناء الطبقات الشعبية الفقيرة والمهمشة والمحرومة من العيش الكريم، بل يتم استغلالها للمزيد من تلميع الذات وكسب تعاطف هو في الحقيقة ليس بالسليم ولا بالصادق لأنه تعاطف مصلحي لا غير..!!؟؟
وبتلك الأخلاق والمعاملات المشينة فقدت الثقافة رمزيتها ومكانتها بين أبناء المجتمع، وتجد في كل مدينة "رباعة ديال الأشخاص" يمثلون الثقافة وقس على هذا بالنسبة للسياسة وللعمل الجمعوي وغيره، مما أفقد كل شيء طعمه الأصيل والحقيقي وغاب الشباب الذين يمثلون بنك للاحتياط والخلف، و توافدهم على الانخراط والتجديد وضخ دماء جديدة في هذه القطاعات الحيوية التي تساهم في التنمية المحلية، لأن كل واحد صار يبحث له عن مصلحته لا غير تحت شعار "أنا ومن بعدي الطوفان"!!؟؟
وصدق من قال: إن رجالات الدولة يفكرون على المدى البعيد أما السياسيون وما يدور في فلكهم يفكرون في أقرب محطة انتخابية!!؟؟