الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

رضا الفلاح: اندلاع حرب جديدة ضد إيران ستكون لها تداعيات جد سلبية على المنطقة

رضا الفلاح: اندلاع حرب جديدة ضد إيران ستكون لها تداعيات جد سلبية على المنطقة رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي
يرى د. رضا الفلاح أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير أن الرأي العام الأمريكي لايؤيد خيار الحرب ضد إيران، مشيرا الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها أن تمهد لحرب جديدة ضد إيران، دون أن تدخل في مواجهة مباشرة معها عبر الدفع بسيناريو مواجهة عسكرية بين السعودية وحلفائها وإيران ووكلائها من جهة ثانية، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة التي سجلت بكل من الإمارات والسعودية ( استهداف مطار أبو ظبي، إلحاق أضرار بأنابيب النفط السعودية من قبل الحوثيين) تعزز هذا السيناريو بقوة، مشيرا بأن اندلاع هذه الحرب ستكون لها تداعيات خطيرة على الإستقرار في المنطقة.

كيف تقرأ التوتر الحاصل في الخليج، في ظل الأزمة القائمة بين إيران والسعودية، وتحرك الأساطيل الأمريكية؟ هل الأمر يتعلق ببوادر حرب خليجية جديدة ؟

في البداية، لابد من الإشارة إلى أنه اليوم تدور حرب في الخليج، بين قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والحوثيين في اليمن، والخليج من الحرب الإيرانية – العراقية يعيش على وقع حروب منتظمة، فهناك دورة للحرب كل عشر سنوات بالخليج. اذا هذه المنطقة تعيش توتر جيوسياسي دائم، واليوم هناك نذر للحرب في المنطقة، وأنا لا أعتقد أننا سنعيش حرب جديدة، لكن من المتوقع أن يكون هناك تهديد أمريكي، وتصريحات، وأعتقد أن رغبة السعودية في قيادة حرب ضد إيران ستكون لها تداعيات جد سلبية على المنطقة، ونحن نعرف أن إيران تتوفر على وكلاء في المنطقة ( جماعات مسلحة، أدرع عسكرية مثل حزب الله، الحوثيين ) كما تتوفر على تحالفات في المنطقة، فهي تدعم حركة حماس في فلسطين، ولها علاقات مع قطر. اذا إيران تمتلك عدة أوراق والتي يمكن تحريكها في أي لحظة، وأظن أن الولايات المتحدة الأمريكية غير راغبة في مواجهة مباشرة مع إيران، وليس في مصلحتها تحريك أسطول بمئات الآلاف من الجنود والعتاد في مواجهة عسكرية محفوفة بالمخاطر ضد إيران، اذا علمنا أن مغامراتها السابقة منيت بالفشل، سواء في أفغانستان أو العراق، علما أن الرأي العام الأمريكي لايؤيد خيار الحرب ضد إيران، ناهيك عن ضرورة تصويت الكونغرس بشأن ذلك، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها أن تمهد لهذه الحرب، لكنها لن تدخل في مواجهة مباشرة، فهي يمكنها أن تحرك أسطولها وأن تنشر قاذفاتها وحاملات الطائرات من أجل بث نوع من التوتر والذي سيجعل من احتمال اندلاع مواجهة بين السعودية وإيران، عبر مناوشات مباشرة أو غير مباشرة، أي الدفع بسيناريو مواجهة جديدة ضد إيران من قبل السعودية وباقي بلدان الخليج التي تدعمها، وطبعا هذه الخيار سيخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، خصوصا وأن الأحداث الأخيرة التي وقعت بكل من الإمارات والسعودية ( استهداف مطار أبو ظبي، إلحاق أضرار بأنابيب النفط السعودية من قبل الحوثيين ) تعزز احتمال اندلاع مواجهة مباشرة أو غير مباشرة بين حلفاء السعودية من جهة وإيران ووكلائها من جهة ثانية .

وماذا عن دعوة الملك سلمان لعقد قمة خليجية وقمة عربية، هل تدخل في سياق التحضير لسيناريو الحرب ؟ أم ماذا ؟

بعد أن تحركت الولايات المتحدة الأمريكية عسكريا، نجد أن السعودية تريد أن تتحرك دبلوماسيا، وهذا ما يبعث على الشك والريبة، ويعزز من السيناريو الذي طرحته قبل قليل. المواجهة المباشرة ليست في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا وأن المنطقة مليئة بالقواعد والمصالح الأمريكية. وأعتقد أن السعودية تريد أن تختبر البيت الخليجي بعد تحرك الولايات المتحدة الأمريكية، ومدى متانة البيت الخليجي للقيام بهذه الحرب، خاصة قطر، وهل ستظل قطر مخلصة لتحالفها مع إيران في حالة اندلاع مواجهة عسكرية ضدها ؟ أم أنها ستفضل ارتباطها بالبيت الخليجي بحكم عضويتها في مجلس التعاون الخليجي ؟

أما على مستوى الدول العربية عامة فأعتقد أن السعودية بعد تجربتها في الحرب ضد اليمن، تعي جيدا أنه من الصعب حشد دعم ومساندة شاملة لرغبتها في قيام حرب ضد إيران، وأعتقد أن السعودية مهووسة بشن حرب جديدة ضد إيران عبر حشد كل الوسائل وكل الطاقات وكل التحالفات سواء في الوطن العربي أو في جميع بلدان العالم، وأعتقد أنها ستقوم بضغطها المعتاد من أجل كسب الدعم والمساندة في هذه الحرب، وأظن أن التجاوب معها في المنطقة سيكون أقل من التجاوب مع حملتها العسكرية ضد اليمن، في ظل فشل تحالف ما يعرف ب"الناتو العربي"، علما أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يتوجسان من مشروع "الناتو العربي"، وفي نهاية المطاف ستجد السعودية والإمارات نفسيهما شبه منعزلتين اذا حدثت مواجهة مع إيران، اللهم الدعم الذي قد تقدمه مصر، والذي لن يكون إلا دعما جزئيا، كما أن التشتت والتشرذم الذي تعرفه المنطقة سيؤثر بشكل كبير على أي قرار أو توصية ستتخذها الجامعة العربية في هذا الأمر.

وماذا عن تداعيات هذه التحركات التي تقودها السعودية على الإستقرار في المنطقة ؟

محاولة السعودية تشكيل تحالف عسكري ضد إيران ستكون له طبعا انعكاسات وخيمة وآثار جد سلبية على المنطقة، وعلى البلدان العربية والإسلامية عامة، وأتوقع أن لايحدث أي تجاوب مع الدعوة السعودية، خاصة بعد فشل مغامرتها العسكرية في اليمن، وغياب أي تجاوب مع دعوتها لإنشاء حلف"ناتو عربي"ن فضلا عن رفضه من طرف قوى كبرى.

وهل هناك أمل في ترميم العلاقات العربية مستقبلا في ظل التطورات الأخيرة؟

لا أعتقد ذلك، العلاقات على مستوى المنطقة برمتها، يحكمها منطق التحالفات الهجينة مع مناطق أخرى في العالم، وليس هناك منطقة واحد يحكم هذه التحالفات، وهذا يعكس حالة من الإنقسام وأيضا من العدائية، داخل المنطقة نفسها، والإنقسامات في المنطقة العربية تجد أصدقاء وأعداء واللذان يرفعان من سقف العدائية والتوتر في المنطقة، وأعتقد أن التشرذم والإنقسام ستزداد حدته، وأظن أن السبيل الوحيد للحد من هذا التشرذم هو بلورة مبادرات دبلوماسية جامعة تصب في اتجاه إعادة الثقة في العلاقات بين الأطراف، وبناء تحالفات جديدة تضم كل مكونات المنطقة( خليجية، تركية، إيرانية) وأيضا على مستوى شمال إفريقيا لإيجاد حلول لهذه التوترات، سواء منه التوتر على مستوى البيت الخليجي أو على مستوى العلاقات مع إيران.