الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

سيرة رجل سلطة: الحسن مختبر.. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة 3)

سيرة رجل سلطة: الحسن مختبر.. من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح (الحلقة 3) الحسن مختبر
في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الإعدام ونفذت بعد ذلك.
انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون- الفقيه البصري- اغتيال الجنرال أوفقير - زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان ... عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب... رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح:
فوزي بلقب أحسن لاعب شاب سنة 1962 كان مناسبة للسلام على الملك الحسن الثاني في نهاية كأس العرش 
 
حققت حلمك للعب كرة القدم، من كان معك في فئة الصغار ؟
بدأت ألعب رسميا في فئة الصغار إلى جانب كل من عبد الحق ماندوزا، الشرقاوي، بهادي . كنا نتوفر على فريق ممتاز، حيث فزنا ببطولات على مستوى الفئات. رغم ذلك، لم تكن كرة القدم تستهويني للذهاب بعيدا في هذا المجال، كانت لعبة كرة القدم بالنسبة لي مجرد موهبة تفجرت.
 خلال أربع سنوات، كانت تجري مباريات لاختيار أحسن لاعب ضمن الشباب، وكانت تشارك في تلك المباريات خمس مناطق، الدار البيضاء، الشاوية، الرباط ...أما المدربون الذين كانوا يسهرون على اختيار أحسن لاعب شاب،  فكان من بينهم الحاج عبد القادر الخميري والحاج العربي بنمبارك والسطاتي...
كيف كان شعورك عند لقائك بالملك الراحل الحسن الثاني؟
في السنة الاولى، انطلقت بطولة أحسن لاعب شاب، وقد فاز بها لاعب من " كادي" الرجاء البيضاوي يقطن في حي درب الكبير اسمه " الروبيو "، في السنة الثانية فاز بها لاعب من الاتحاد البيضاوي "الطاس" اسمه "علال نومير". بعد وفاة محمد الخامس ووصول الحسن الثاني إلى الحكم، تم اختياري تلك السنة1962،  كأحسن لاعب في فئة الشباب، وكانت نهاية كأس العرش قد جمعت بين مولودية وجدة والكوكب المراكشي وانتهت بانتصار وجدة بهدف لصفر سجله اللاعب قدور، شعور غامر انتابني وأنا أنتظر دوري للسلام على الملك أمام جمهور غفير بالمركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء حيث قبلت يد الملك الحسن الثاني الذي خاطبني قائلا: (الله يرضي عليك أولدي ) وهو يهنئني  على فوزي بلقب أحسن لاعب شاب في فريق الراسينغ البيضاوي (الراك).
 كيف أصبحت علاقتك مع المحيطين بك بعد ولوجك نادي "الراك" وفوزك بلقب  أحسن لاعب شاب؟
في هاته المرحلة، كانت علاقتي مع الجميع ممتازة، بمن فيهم المشاغبون وأصحاب السوابق، وفي تلك الأيام كانت هناك "أسطورة" أحمد الغول الذي ملأت أخباره الدار البيضاء وقام ثلاثة عناصر من أبناء درب الكبير بضربه بشكل وحشي ولولا ألطاف الله لتم قتله.
كيف جاءت فكرة تأسيس جمعية "نادي الوعي"؟
في إطار هذا الاهتمام بكرة القدم التقيت مع أصدقائي في الإعدادي، أذكر من بينهم المحامي محمد كرم، المحامي محمد الصبري، محمد صبري(بولحية) النقابي، كانوا كلهم يقطنون معي بدرب الكبير، وكذلك محمد سمهاري، الحسين كوار، مصطفى مسداد، الدباغي عبد القادر، حنيف حسن، السي محمد السلامي وعتيد بوعزة . في نفس الإطار تعرفنا على حسن موغلي (رجل تربوي بامتياز، موظف في الشبيبة والرياضة ومحتك بالكشفية وتربية الشباب)، وكانت الكشفية الحسنية قد تبناها ولي العهد آنذاك مولاي الحسن وكان الرجل الوطني عبد الكريم الفلوس رحمه الله هو المؤسس، وأسسنا نحن الكشفية مستقلة عنهم بشكل مواز (لم أعرف في تلك اللحظة ولا استوعبت لماذا لم يدمجنا حسن موغلي في الكشفية الحسنية،  فقد كان معارضا للكشفية الحسنية في ذلك الوقت). وكان عبد الصمد الكنفاوي رحمه الله، هو من فتح لنا أبواب الشبيبة والرياضة لممارسة الرياضة بملعب "كازا بلانكيز ".
هذه المجموعة ستؤسس جمعية أطلق عليها اسم "نادي الوعي" ما بين 1956 وبداية الستينيات، وكان الأصدقاء في الجمعية يعرفون المقهى التي كنت أتواجد بها  والتي كانت في ملكية (مصطفى بريقيل) الذي كان مشهورا بالنكت والضحك وهو الذي سمى أصدقائي في نادي الوعي: "تكلم لْصحاب يا أخي !". وكان يناديني "حسينة"، وهو اللقب الذي عرفت به حين كنت أمارس كرة القدم.