السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

السلماني: فاتح ماي والحوار الإجتماعي المغدور

السلماني: فاتح ماي والحوار الإجتماعي المغدور عبد الغني السلماني
فاتح ماي لهذه السنة شكل مناسبة  للحكومة للتعبير عن ارتياحها لتوقيع اتفاق الحوار الاجتماعي الذي قبلته النقابات "الرسمية "يوم 26 أبريل ، ويعتبر هذا الإتفاق أضعف عرض للشغيلة المغربية . الاتفاق لم  يستجيب لكافة مطالب الأجراء المغاربة، وبهذا يعتبر خطوة انهزامية ووسيلة جديدة لإفراغ الحوار الإجتماعي من مضمونه النضالي ، كذلك هو تبخيس لما بقي من شعارات التي تطمح  في تحسين شروط ترقي الطبقة العاملة .

في هذه السنة نتذكر فاتح ماي وتاريخ الحركة العمالية المغربية التي قدمت الكثير .... لا يمكن أن نتحدث عن ماي دون أن نتحدث عن عيد العمال والشغيلة خصيصا،  التي لم تعد تحتفي بالتراكمات والمنجز النضالي ، بل أصبح فاتح ماي يوم عطلة وتنظيم رحلة وزيارة الأهل والأقارب وتقرقيب الناب في المقاهي .

المجتمع الصناعي لم يعد يحتضن الحدث، ولم يعد يختار الشعارات لمواجهة بيروقراطية الشركات المتعددة الجنسيات، لم يعد لليسار معنى ولم يعد للفكر دور في تأطير الكادحين والمشردين، لم تتمكن الأحزاب العمالية من إحتواء  الحدث - أو هضم الوجبة الثقيلة - كما يقال أحيانا. في كثير من السذاجة يمكن أن نعتقد  أن الإيديولوجيات هي التي نجّرته و قطعته وسوّته حتى يدخل ضمن قالبها وهذا هو المدهش حقا.

هل انتهى شموخ الروح وقدرة العطاء التي كان يشخصه القادة في كلماتهم والجرائد في افتتاحيتها ؟ لم يعد للحدث ما يخفي شرخ  التنظيمات وعجزها ما تبقى من العنفوان لبعض النقابات الماسكة على الجمر سوى رهان قد ينكسر في لقاءات قادمة لمائدة الحوارالإجتماعي المغشوش ؟  لماذا لا نفهم اليوم فاتح  ماي إلا بصعوبة ؟ لأن هناك جانب سطحي غير شفاف يمنعنا من الفهم  وهو انتفاء عامل المفاجئة . ماي ككل الشهور لا امتياز ولا رونق للطبقة العاملة ولا مجد  للأطر في كل المواقع،  تم  استبعاد كل ما يجعل من المسيرات، ممرا ومطلبا تٌرفع فيه الأصوات بقصدية التشويش .. رئيس الحكومة يحتج والوزراء يلقون قصائد تنتقد الأوضاع... توزيع للأدوار، وتقمص كل الأدوار الوزير مناضل ونقابي ومسؤول ... لقد أصبح  فاتح ماي ذكرى، ربما لحظة الإعتراف بالموت أو نهاية التطوع والنضالية . ماي الآن  مجرد حلقة في بناء الذهنية  القاسية الممانعة التي يمكن اعتبارها  على انها لحظة فشل داخل مسار نتيجة البنيات المتحاملة هنا وهناك. لابد أن يتحول ماي إلى إنذار أو هبّة خاطفة لنشدان الحرية والإنعتاق.

من  شعار " يا عمال العالم اتحدوا" ودور الشغيلة في فضح الإستغلال إلى تمييع المسيرة واحتضانها للرقاة والحجامة وعشاق الرقية الشرعية إنها النذالة والإستفزاز المؤسس للكرامة .. الحركات المُشوشة للمضمون الكفاحي ضد  الشبيبات  الثورية التي  فشلت في جعل من فاتح  ماي لحظة تأسيس مطالب الجيل الجديد ، وذلك في  غياب حزب الطبقة العمالية مما يجعل السوسيولوجيين يربطون   المسألة بضعف الارتباط مع الجماهير. وبالتالي يمكن أن نقول إن أول نتيجة من نتائج ماي هي حجب ماي وتغييبه.

لكن حركة التاريخ لن تتوقف، ولن يستمر الماسكون على السلطة في فرض اختياراتهم النيوليبرالية في الكذب على الشعب ،لابد من الإنتباه إلى الجوار ما يحدث  في الجزائروالسودان... يدفعنا أن نفكر بعمق في تحصين المكتسبات وتعميق المطالب التي تُكرس شعار المواطنة الكاملة في الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والمناصفة الحقيقية.

كل ماي وكل الشغيلة بألف خير !