الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي:الحق في التنقل بين قوة قيادات البوليساريو وضعف محتجزي تيندوف

الحسين بكار السباعي:الحق في التنقل بين قوة قيادات البوليساريو وضعف محتجزي تيندوف د.الحسين بكار السباعي
تتساقط يوما بعد يوم آخر أوراق التوت التي تخفي بها قيادات البوليساريو، وجهها الحقيقي تجاه ساكنة ومحتجزي تيندوف، فبعد مطالبة أحد أعضاء ما يسمى بالبرلمان الصحراوي بحقيقة تبديد حوالي 56 مليار دينار جزائري تبخر في تندوف سنة 2019 بسبب تدبير قيادة البوليساريو في أكبر نهب للمساعدات، بالإضافة إلى صراع عائلتين منتميتين لقبيلتين أدى إلى نشوب حريق داخل المخيمات، ثم عودة لعسكريين سابقين إلى ارض الوطن، هاهي اليوم ساكنة ومحتجزي تيندوف تطالب بحقها في التنقل والحركة، وتقابلها السلكات الانفصالية بالدبابات والمدرعات.
في مقالنا اليوم، سنحاول التأصيل في حرية التنقل، كحق صدح من داخل المخيمات، وقوبل بالحصار العسكري الغير مقبول من طرف قيادات فاسدة كل همها البحث عن الثراء على حساب عزل ومحتجزين.
حق التنقل هو حق أساسي من فئة الحقوق الطبيعية وهو يعني حرية المواطن في التنقل داخل بلده من جهة وحقه في مغادرتها من جهة أخرى وان الإنسان قام بهذه الخطوات منذ القدم، وبالتالي فان تاريخ البشرية قد اعترف بها اعترافا واقعيا، إلا أن هذه الخطوات لم تصبح حقوقا ليتمتع بها كل إنسان بصرف النظر عن جنسه أو عرقه أو دينية  إلا في الأزمنة المعاصرة، أي عندما اعترفت بها اعترافا قانونيا بعض المواثيق الدولة و الإقليمية  وأقرتها الدول في  دساتيرها.
لا يمكن أن يختلف اثنان كون الحق في التنقل والرأي والتعبير من أقدس الحقوق، فقد عرفت هذه الحقوق اهتماما بالغ في العهود والمواثيق الدولية وكذا الدساتير الوطنية لجل الدول في العالم. ومرد هذا الاهتمام ارتباط الحقوق الثلاث بالحقوق المدنية والسياسية الأساسية للإنسان كيفما كان انتماؤه، بغض النظر عن طبيعة الأفكار التي يريد التعبير عنها.
نصت المادة الثالثة عشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة"، وأكدت أيضا أنه "يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه".
كذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950 أكدت على حرية التنقل فنصت في المادة الثانية على حرية الأفراد في التنقل وكذلك اختيار مكان الإقامة وحق المغادرة، كما أن الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان سنة 1986 هو الأخر قد أكد تلك الحرية فنص في مادته (12) على حق كل فرد أن يتنقل بحرية داخل وطنه ولا يسمح للسلطات تقييد هذا الحق ولا يسمح بفرض قيود إلا في حدود القانون.
ورغم صراحة ووضوح حق التنقل والسفر وفقا للقوانين والاتفاقيات الدولية والإقليمية والداخلية إلا أن انتهاكات قيادات البوليساريو لحرية التنقل والسفر في إطار استمرار تنكرها وتهربها من تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة بقضايا حقوق الإنسان من داخل مخيمات تيندوف.
وحتى نربط الإطار النظري بالواقع ونقرب للقارئ الكريم حقيقة الاحتجاجات الأخيرة من داخل تيندوف، فهي جاءت بعد قرار السلطات الإنفصالية تنفيذ خطة الترخيص القاضية بتحديد عدد سيارات المهنيين المسموح لها بالعبور إلى موريتانيا ومنطقة ما وراء "الجدار الأمني" بالصحراء المغربية.
الترخيص بالعبور ليس لدواعي داخلية، ولكن اقتصادية، التي انبثقت بعد منافسة بعض أرباب الصهاريج لقيادات تيندوف فيما يخص البنزين المهرب. فالمنطقة تشهد صهاريج تبيع حمولتها في لبريكة وتعود في نفس اليوم وتحمل الدفعة الثانية إلى لبريقة، وفي مرات عديدة تبيع في ابير تيقيسيت واحيانا تبيع بآحفير .
الناحية الثانية وفق بعض العارفين بخبايا المخيمات، فإنها تمتلك 4 صهاريج متفاوتة الإحجام تشحن حمولتها مرة شهريا من المحطة الوطنية العامة، و تشحن دون شراء لان الكمية موجهة للجيش، إلا أن واحدة منها فقط تعجر إلى الناحية بتفاريتي بينما تتجه أخواتها الأربع إلى تيرس مباشرة لتبيع هناك بمحاذاة أفديرك والزويرات للموريتانيين.
ان تغليب المصلحة الشخصية المالية لقيادات تيندوف، على حساب الحق في التنقل والتعبير لمحتجزين عزل، يمثل تضاربا مع ما أورده العهد الدولي الخاص، بالحقوق المدنية والسياسية وتحديدا ما يتعلق بنص المادة 12 وبالفقرة الثانية والفقرة الثالثة وكذا المادة 13، وبالتالي نجد في قرارات الجبهة الإنفصالية هو إلغاء الاعتراف بالشخصية الإنسانية و القانونية لساكنة تيندوف، مما يشكل بعدا إضافيا يضاف إلى سجل انتهاكاتها المستمرة بحق المحتجزين بتيندوف، وهو ما يتطلب تدخل المجتمع الدولي، بشخص مجلس الأمن الدولي، لحماية ساكنة تيندوف من إجراءات قيادة البوليساريو التعسفية.

 
-الحسين بكار السباعي،  مرصد الجنوب لحقوق الأجانب والهجرة