الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف برادة: رسالتي وسؤالي إلى القادة العرب

عبد اللطيف برادة: رسالتي وسؤالي إلى القادة العرب عبد اللطيف برادة

هل أصبح من قدر القادة العرب ان يكتفوا عند انعقاد كل قمة بشجب قرارات دول الغرب المستفزة للمصالح العربية الإسلامية ثم ومن بعد دلك اصدار قرارات جوفاء لا تغني ولا تشبع من جوع وهي قرارات تظل كما هو الحال حبرا على ورق تماما كشأن القمة التي انعقدت أخيرا في تونس والتي اكتفي فيها الزعماء العرب بنقد قرار الرئيس الأميركي ترامب لنقل سفارته الى القدس وللأسف فالنقد من دون سلطة الفيتو كما هو معلوم لن يصلح شيء من أحوال الامة الاسلامية.

وسؤالي سأطرحه على الجامعة العربية قبلما اطرحه على القادة العرب فردا فردا وعلى الأمم المتحدة قبل الجامعة العربية ودلك لسبب خطورة قرار الرئيس ترامب لما له من ابعاد سياسية خطيرة في حال ادا ما تم تنفيذه. إذ أنه قد يُشجع لا محالة دولا اخرى على القيام بالإجراء نفسه كما انه سيشجع إسرائيل على التمادي في فرض سياسة الأمر الواقع في المدينة المقدسة، ومن ثم السعي لتغيير الوضع الديمغرافي للمدينة عبر التهجير، والإقدام على سحب هويات المقدسيين واعتبارهم مجرد سكانًا غير شرعيين في المدينة، كما سيدفع المستوطنين لتهديد المسجد الأقصى، وربّما إعادة محاولة التقسيم الزمني والمكاني، وتبرير ضمّ المستوطنات للقدس، والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي وسكاني. وهكذا سيشكل القرار الولايات المتحدة بنقلها سفارتها الى القدس سابقة في الصراع العربي-الإسرائيلي إزاء الأراضي المحتلة عام 1967؛ دلك طبعا في حال ادا لم تتم مواجهته بشكل حاسم ومنَع تنفيذه بالقوة الشعبية والسياسية والقانونية.

فالقرار يمثل بكل ما له من ابعاد استهتار بالعالم العربي والإسلامي قاطبة وبحقوق الشعوب وبالقرارات الدولية واختراقًا لاتفاقات أوسلو وكامب ديفيد ومعاهدة وادي عربة، فان الفرصة تبدو سانحة للعرب للتحلّل من هذه الاتفاقات محمّلين الولايات المتحدة وحدها المسئوليّة، لدفعها على الأقلّ إعادة النظر فيها، أو تجميدها لما في دلك من اعتداءً على القرارات الثنائية وعلى سيادة الدول وعلى مواقف مجلس الأمن المؤيدة لها حيث أصبح الان من الضروري البدء بعدّة إجراءات على المستوى العربي والإسلامي لمواجهة قرار الإدارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

كما يجب على الصعيد الفلسطيني تحقيق المصالحة الوطنية على الأرض وتشكيل قيادة فلسطينية موحدة تكون مسؤولة عن صياغة مشروع وطني فلسطيني توافقي ينطلق من المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ويوظّف الرفض العربي والإسلامي والدولي في القيام بحملات دبلوماسية وسياسية عالمية لصالح القضية الفلسطينية، بما يتيح الصمود أمام الضغوط الإسرائيلية والأمريكية. ومن تم القيام بإحياء الخيارات الأخرى للشعب الفلسطيني في سعيه لاسترداد حقوقه المشروعة بما فيها المقاومة المسلحة والشعبية السلمية، وحركة المقاطعة وفرض العقوبات، ودعم صمود الشعب الفلسطيني في أرضه وغيرها، والسعي لإحالة إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، والانضمام إلى كافة مؤسسات الأمم المتحدة الكبرى، لانتزاع قرارات تدين الموقف الأمريكي وإسرائيل، واستدراج رأي استشاري من محكمة العدل الدولية لبيان الوصف القانوني للقرار الأمريكي.

كما يجب وضع على الصعيد العربي الإسلامي خطة عمل واضحة المعالم ومجدولة زمنيًا لمواجهة القرار وتشمل الأردن، وتركيا، ما يوفر فرصة العمل على دعم الوجود الفلسطيني في القدس وتثبيته في مواجهة حملات التهويد والاقتلاع الإسرائيلية، وذلك من خلال كافّة طرق الدعم المالية والسياسية والقانونية الممكنة.

وبناء على دلك يجب وقف أيّ اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، والسعي لتشكيل جبهة وطنية فلسطينية قوية تقاوم الاحتلال، والتحرّك دبلوماسيًا بالتنسيق مع المجتمع الدولي ومؤسساته لتأكيد بطلان قرار الاعتراف الأمريكي وآثاره، مع حثّ دول العالم على الاعتراف بدولة فلسطين ذات السيادة الكاملة في الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس. تم رفع وتيرة التعبئة ضد الاحتلال والقرار الأمريكي على الساحة الدولية إعلاميًا وقانونيًا وفكريًا.