السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

الوليد بن زيدان السعدي و السلطان محمد الخامس يطرقان باب وزارة الثقافة من أجل قصبة الوليدية

الوليد بن زيدان السعدي و السلطان محمد الخامس يطرقان باب وزارة الثقافة من أجل قصبة الوليدية الحاجة لتدخل مستعجل لحماية قصبة الوليدية

هي مدينة الوليدية ذائعة الصيت بين أوساط المغاربة والأجانب بالنظر لقيمتها السياحية والطبيعية؛ تتواجد بجنوب المملكة على الطريق الساحلية بين الجديدة وأسفي وتداعبها ككل صباح أمواج المحيط الأطلسي لتجعل منها قبلة لغير قليل من الزوار والراغبين في الاستجمام والبحث عن فسحة بين أطراف الساحل المغربي الغني تاريخيا و طبيعيا.

قضى بها المرحوم السلطان محمد الخامس فترات من حياته وعلى أرضها بادر لبناء مسجد مازال قائما بالقصبة. ولعل ما يغري في مدينة الواليدية هي بحيرتها التي تجعل منها مرتادا لعديد المصطافين من أبنائها و أبناء المناطق المجاورة لها و حتى المهاجرين و الأجانب.

وصفها الفقيه الكانوني في كتابه "أسفي وما إليه" فقال عنها بأن موقعها يوجد على مقربة من أيير وقصبتها مربعة الشكل وتمتد على أطراف سورها المتلاشية أبراجه. وينقل محمد بن احمد الكانوني العبدي عن أبو القاسم الزياني قوله أن الوليد بن زيدان السعدي هو الذي بناها بساحل دكالة على البحر  المحيط، أما مرساها فهي من أحسن المراسي كما يورد الزياني صاحب كتاب الترجمان المعرب في معرض وصفه لمجال القصبة.

وبالعودة للكتابات التاريخية القديمة؛  فالمنطقة عرفت تواجدا بشريا قديما و شملتها رحلة حانون قبل الميلاد؛ ذلك أن  الكاتب و الباحث الفرنسي ميشيل أمنكوال يشير في كتابه " أسفار في دكالة " إلى أن رحلة  حانون شملت مدينة الوليدية واصطاد بها الفيلة في مسار رحلة عرج فيها على الصويرة و البدوزة و مناطق أخرى من ساحل المغرب.

وقصبة الوليدية تحسب ضمن المباني التاريخية والمناطق التي تمت عملية تصنيفها كتراث وطني بإقليم سيدي بنور الذي تم استحداثه خلال السنوات القليلة الأخيرة. وهي تكون بهذا التصنيف الذي يرجع لسنة 1957  قد أعطيت لها القيمة التاريخية والتراثية التي تستحقها هي التي تنتصب على ساحل مغربي ذي تاريخ مليء بالأحداث و الوقائع.

وفي الوقت الذي يزعم فيه باحثون محليون بأن قصبة الوليدية هي قصبة قديمة من حيث استقرار السكان بها؛ فإن كتب التاريخ تذكر ان تجديد بنائها كانت خلال فترة السعديين الذين ساهموا بعد انحطاط الوطاسيين في تحرير عدد من تغور الساحل المغربي من الوجود البرتغالي.

ولعل تسميتها بالوليدية إشارة واضحة إلى أن  السلطان الوليد بن زيدان السعدي هو من أعاد بناءها بعد خروج البرتغال منها كما يشير إلى ذلك كاتب " أسفي و ما إليه"؛ حيث أبرز بأنه بعد خروج البرتغاليين منها، عرفت القصبة عملية تخريب ليعيد الوليد بناءها و إصلاحها على الشكل الذي توجد عليه رغم ما تعرضت له خلال السنوات الأخيرة من تأثر على مستوى تكوينها المعماري بفعل عاديات الزمن و إهمال الإنسان.

يقول الكانوني بأن ساكنة قصبة الوليدية هم في الأصل قوم من دكالة و من ضمنهم عائلة سملالية تنحدر من سوس الأقصى، وكان منهم علماء و رجال و جاهة. كما يشير الكانوني إلى أن الوليدية شهدت وجود مدرسة وزاوية للفقيه الرحالة و الصالح سيدي عبد السلام الغواص اليمني.

الوليدية حيث توجد القصبة الشهيرة تتوفر على جهة سفلى توجد بها البحيرة التي جعلت من المنطقة قبلة سياحية و قصر السلطان محمد الخامس الذي أعيد تأهيله في عهد الملك محمد السادس و كذا محطات تربية المحار.  أما القسم الثاني المشكل للوليدية فيتجلى في مركزها الذي يعد مركزا تجاريا يضاف إليه سوق أسبوعي له من الصيت ما يسمح له بالدفع بعجلة التنمية بالوليدية إلى مستويات متقدمة من خلال الارتقاء بتهيئته و الاستثمار فيه و توسيع عرضه الاقتصادي و الخدماتي.

ولعل ما زاد من القيمة السياحية و الطبيعية للوليدة هي اهتمام الزيارات الملكية بها؛ إذ شهدت  المنطقة إطلاق  برامج تنموية هادفة إلى خلق تنمية مستدامة و الحفاظ على مؤهلات البحيرة، و توفير الظروف الايكولوجية المناسبة لتربية محار المنطقة المعروف و المميز على المستوى الوطني و الدولي.

أصوات منها المحلية و الاجنبية نادت غير ما مرة وفي عدة لقاءات ومناسبات رسمية وأخرى عادية بأهمية ترميم قصبة الوليدية وإعادة الاعتبار التاريخي لها. ونذكر في هذا الباب إسهام فعاليات المجتمع المدني المحلي التي تنظم من حين لأخر لقاءات ذات صلة بالذاكرة والتراث؛ وكذا مساهمة الباحث في ذاكرة الوليدية الأستاذ مصطفى وفقي الذي يعتبر مرجعا و مرشدا في التاريخ المحلي و ما يرتبط بالمنطقة من أحداث ووقائع؛ معرفة و إلمام استشربت منها الباحثة و المهندسة المعمارية سيلفي ديروشي غير القليل من الدروس لتساهم هي و تضيف جهدها إلى الجهود المحلية مطالبة  في مراسلات ووثائق من وزارة الثقافة بالإسراع بتنزيل مشروع ترميم قصبة الوليدية.

إن ما يفرض اليوم و بشكل مستعجل ترميم قصبة الوليدية والاستثمار في  ذاكرتها وموقعها الاستراتيجي المطل على البحيرة، والذي يمكن من رؤية في جميع الاتجاهات، هو أن التعاطي مع سؤال الثقافة و الذاكرة المحلية اليوم بالمغرب وجب أن تتم  مقاربته من زاوية مجددة تجعل من هذه الصناعة الثقافية والتراثية و الموروت الايكولوجي والطبيعي الجماعي فرصا اقتصادية جديدة تضاف إلى ما يتيحه الموقع الطبيعي للوليدية عامة، وتسهم في توسيع مجال اقتصاد اجتماعي وتضامني وسياحي تستفيد منه بالشكل المباشر ساكنة المنطقة وتستثمر مداخيله في سياسات عمومية ذات صلة بالتنمية المحلية.