الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

ٍٍعبد القادر رجاء:قراءات و توصيات على هامش إفراج الوكالة الحضرية بأسفي عن مشروع تصميم تهيئة أيير

ٍٍعبد القادر رجاء:قراءات و توصيات على هامش إفراج الوكالة الحضرية بأسفي عن مشروع تصميم تهيئة أيير ٍٍعبد القادر رجاء
أفرجت الوكالة الحضرية لأسفي اليوسفية خلال الآونة الأخيرة عن وثائق التعمير المتعلقة بجماعة أيير الترابية التابعة إداريا لعمالة أسفي، لتكون بذلك قد أنهت شوطا مهما في المسار المتعثر الذي عرفه مشكل التعمير بجماعة أيير منذ سنوات، و الذي أدت أيير الأرض و الإنسان تكلفته غاليا بسبب غياب استراتيجيات واضحة مواكبة و مستعجلة من لدن الدولة.
و رغم النقاش الذي صاحب هذه العملية، غير أنها تعتبر مبدئيا خطوة إيجابية تستجيب لروح المادة الثالثة من الظهير الشريف رقم 1.93.51 المنظم لعمل الوكالات الحضرية. إيجابية الخطوة تتمثل في كون وزارة التعمير و إعداد التراب و سياسة المدينة أصبحت تعي أكثر من أي وقت مضى ضرورة معالجة الملفات ذات الصلة بالمجال، خاصة تلك التي عرفت و تعرف حالات تعثر أضر و يضر بمصالح المواطنين و يدفع بها إلى رقعة حالة التوقف.
أفرجت الوكالة الحضرية لأسفي اليوسفية مع نهاية شهر يناير و بداية فبراير عن مشروع التهيئة الخاص بجماعة أيير، وفتحت هذه الأخيرة البحث العلني بخصوص المشروع من 30 يناير إلى غاية 29 فبراير من السنة الجارية 2019، و ذلك لتلقي ملاحظات و تعرضات مواطنات و مواطني الجماعة بخصوص ما جاء في المشروع.
و لعل ما دفعنا في هذه الورقة إلى الكتابة في موضوع مشروع تصميم التهيئة لأيير هو كون الفرصة إيجابية و يجب تثمينها، و إعادة النظر في نقائصها و الدعوة إلى تغليب المصلحة العامة على الخصوصيات الشخصية الضيقة و المعزولة. و ستنحو قراءتنا نحوا تدريجيا يلامس معطيات متعلقة بالموضوع من أساسياته إلى حدود التعاطي معه و تلقيه و فهمه و الدعوة إلى إنجاح ما يرتبط به من عمليات لاحقة و متداخلة.
أولا : بالنظر للكلفة الاجتماعية و الاقتصادية و القانونية لإشكال التعمير و ما ارتبط به من تداعيات منذ أكثر من عقد من الزمن على جماعة أيير؛ فإن الخطوة تبقى ذات بعد إيجابي في أصلها و مبدئها، لأن المنطقة ساكنة و أرضا دفعت تكلفة باهظة لغياب وثائق تعمير قادرة على فتح تنمية سوسيو مجالية و عمرانية من شأنها المساهمة في إعطاء صورة متقدة عن جماعة لها من المقومات التاريخية و الطبيعية ما يسمح لها بأن تكون قد سارت مسارات تقدم و ازدهار.
إن العين المجردة كفيلة بأن توضح تأثير ووقع البناء غير المؤطر على المجال من جوانب متعددة كالطرقات و الواجهات و شكل البناء و الخدمات، مما جعل البلاد تعرف تراجعات مهمة عاقت تنميتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياحية، هذا دون الحديث عن غياب إدارات عمومية خدماتية كالبريد و الدرك و الأبناك و مراكز الثقافة و وقع ذلك على المواطنين.
ثانيا : إفراج الوكالة الحضرية عن وثائق التعمير و تعليقها بمقر الجماعة الترابية لأيير ترك وراءه موجة من الاستفهامات و القراءات و التفسيرات المتعددة التي تفرقت صيغها و خلفياتها؛ منها من وصلت إلى حد نسف جهود الوكالة الحضرية و القول برفض مشروع التصميم جملة و تفصيلا. و ما لم نستسغه هو كون منتخبين يمثلون الساكنة وقفوا أمام الوثائق كما وقف عدد من المواطنين غير دارين لدلالات عدد من المفاهيم و حمولاتها و آثرها القانوني و الاقتصادي على الساكنة.
و هنا كان لابد من طرح سؤال عريض عن ردود الأفعال التي جاءت من عدد من مستشاري ذات الجماعة؛ و هذا السؤال يصب أساسا فيما إذا كان ممثلونا بأيير على دراية من عدمها بما نزل في المشروع، الأمر الذي قد يفهم بصيغتين إشكاليتين أولهما أن مجلس جماعة أيير الترابية لم تتم عملية استشارته و إشراكه في تصور وضع مشروع تصميم تهيئة الجماعة، أو أن الاستشارة تمت على مستوى محدود جدا و لم يشمل مستشاري جماعة أيير الذين يتوفرون و بمنطق تشريعي على سلطة التمثيلية القانونية. فلنفترض جدلا بأن مستشاري الجماعة، باعتبارهم ممثلي الساكنة و تخول لهم اختصاصات بموجب القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14 في القسم الثالث المتعلق بالتعمير و إعداد التراب، لم يكونوا على علم، فمن كان من المفروض فيه الاطلاع و تأطير المواطنين و الحديث باسم انتظاراتهم و مخاوفهم و توجساتهم.
ثالثا : النقائص المسجلة في غياب فهم كاف لما تم تعليقه من وثائق تعميرية بسبب غياب مرشد من داخل الجماعة لتأطير المواطنين، و توجيههم بشكل صحيح يعفيهم من نسج أفكار نمطية أو إعادة ما يعيده الشارع الأييري من أفكار في بعض منها جانب من الصحة و في أكثر جوانبها الأخرى مغالطات. يضاف إلى هذا ما تخلفه عملية نقل الأخبار و تناقلها و ما يصاحب ذلك من هدر للمعلومة و بثر لنقل المعلومات بين المتلقين.
و لعل هذا يفسر بكون الشارع الأييري اليوم يسعى جاهدا إلى معرفة الآثار القانونية و الاقتصادية للمسميات المضمنه في مشروع تصميم التهيئة، و مدى إلزاميتها القانوينة و علاقتها بالتحصيل الحاصل على مستوى المناطق الآهلة بالسكان و التي تنامت لعديد السنوات في غياب تأطير حقيقي و مواكبة من السلطات المختصة.
فلا عجب أن تناقل مواطنون بالجماعة إشاعات غير مفهومة الأصل و الفصل عن مصير أراضيهم، و لا غرابة إن تساءل كثيرون اليوم بأيير عن مصير سكناهم التي بنيت في مجالات حملت تسميات متعددة ك " منطقة سياحية"و "منطقة الخضر"، و غيرها من التسميات التي رسمت إزاءها عديد الاستفهامات بين أوساط المتتبعين و تعد واجهة مهمة من واجهات النقاش العمومي بأيير.
رابعا : إن عمل الإدارات يتمثل في تقديم خدمات للمواطنين و تيسير عيشهم اليومي و تأمين ممتلكاتهم و صيانة مكاسبهم؛ و لعل هذا الجانب هو الدافع لإيقاف حجم ووقع عديد الأخبار الشائعة و المتداولة عن مآل البقع المستغلة و المنازل التي بنيت في مجالات حملت تسميات معينة و غيرها من التداعيات التي حتى الآن لم يتم احتواء أبعادها و دلالاتها بالشكل الصحيح.
خامسا : مباشرة بعد تعليق وثائق التعمير الجديدة عمد عدد من مواطني الجماعة إلى تسجيل تعرضات بخصوص المشروع، رغم أن منهم من لا يعرف أصلا بخصوص ماذا يتعرض؛ لأن المعلومة شبه غائبة و المواطنين غير مؤطرين بالشكل الذي يسمح لهم بالدفاع عن مصالحهم بالشكل الصحيح و المؤسساتي. فلا الوكالة تكلمت و هي تفرج عن المشروع و لا المجلس تواصل بالشكل المطلوب منذ البداية و هو يتابع تفاصيل ما جاء في المشروع و لا المجتمع المدني الشريك بمقتضى دستور المملكة خطا للدفع إلى تثمين المحطة و الدعوة إلى جعلها مواطنة و ايجابية والمساهمة في صناعة القرار المتعلق بها.
كلمة أخيرة
إن الإفراج عن وثائق التعمير بجماعة أيير لا يمكن أن يختلف اثنان في طابعه الإيجابي باعتباره خطوة مفصلية و أساسية من شأنها فتح مجالات تنومية جديدة بالمنطقة؛ و أن تدفع بالمجلس المسير و كذا المسؤولين الإقليميين القطاعيين إلى مواكبة ما استجد من خلاله و تبني سياسات محلية و عمومية مجددة؛ و لعله لهذا وجبت مواكبة الظرفية بغير قليل من اليقظة و التفاعل المبني على أهميتها و أهمية ما سيليها من أعمال ذات ارتباط بالتعمير.
كما وجبت الإشارة إلى أن احترام الحق في السكن الذي يلزمه الفصل 31 من الدستور يفرض ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الواقع الحاصل على الأرض؛ و كذا ضرورة تبني مقاربة مرنة في التعاطي مع ملف التعمير في جماعة تنامى فيها البناء لأمد جد مهم و بدون وجود خطط استباقية لمجال أمضى سنوات مهمة في عداد غير المهيكل.
و لأن ملف التعمير بأيير لن يستقيم حله بعيدا عن مقاربة شمولية؛ وجب على السلطات الإقليمية و المركزية التعجيل بالتدخل في مجال الأراضي السلالية و الدعوة إلى الإسراع في تسوية وضعية وعائها لاستكمال إخراج وثائق التعمير المتعلقة بمجال أيير ككل مراكز و دواوير لحيز الوجود.
كما سيتوجب ذكر ملف الأراضي السلالية ملحاحية وقوف الوزارة الوصية على إشكال الاستغلال غير المعقول و المبالغ فيه لأطراف معينة لهذا الوعاء ، و علاقة أعوان السلطة بذلك و مراقبة طرق اشتغال النواب على هذا المستوى و كيفية التصويت لاختيارهم لما فيه خير المجال و تقوية لرصيده و تخليق الأنشطة المرتبطة به.
و يبقى من المفروض و الملح، و للحسم في ملفات شائكة و معمرة كالتعمير بأيير، عقد لقاءات ذات أفق و رهانات واسعة لإشراك مختلف الحساسيات المحلية في صناعة قرار جماعي قادر على أن يكون في خدمة التنمية المجالية، و أن يحقق العيش الكريم لمواطني جماعة تنتظر سياسات محلية ذات جدوى و مردودية و مشاريع خدماتية عمومية ترفع عنها بعض الحيف المجالي و القطاعي.