الجمعة 26 إبريل 2024
مجتمع

كل فتاة بأبيها معجبة وليذهب الباقي إلى الجحيم

كل فتاة بأبيها معجبة وليذهب الباقي إلى الجحيم عبد الإله بنكيران وابنته سمية

ذات يوم في جلسة نسائية بروضة، قالت إحداهن في ردّ لها على حديث دار بينهن عن أفضل الرجال "وأبيكن إن في أبي لنعتكن كرم الأخلاق، والصدق عند التلاق، والفلج عند السباق، ويحمده أهل الرفاق"، فكان رد العجفاء بنت علقمة السعدي، وكانت إحدى المشاركات في هذه الجلسة "كل فتاة بأبيها معجبة".

تتعدد الروايات التي تبرز مكانة الأب عند ابنته ومتانة العلاقة التي تجمع بينهما، وطبيعة الحب الذي تكنه الابنة لوالدها وحرصها عليه واهتمامها به، وهذا أمر محمود، وعنوان على الرضا وعلى الطاعة الأبوية المرغوبة والمنشودة، ولعل مجال الأمثال الشعبية هو الآخر يحبل بما يترجم ذلك، كما هو الحال بالنسبة للمثل القائل "اللي ما عندو بنات ماعرفوه باش مات".

وعليه، فإنه من الطبيعي أن تخرج إبنة بنكيران للدفاع عن والدها، ومهاجمة من ينتقدونه، أينما وجدوا أكانوا من "الأقارب" أم من "الأغراب"، وأن تسعى لإعلان براءة ذمته والتأكيد عليها، وهو حق مشروع لها، حتى وإن كانت مخطئة، فالحب للشخص بشكل عام، هو يجمد العقول ويغمض الأعين ويغلق الآذان، وعلى مر التاريخ وفي قصص متعددة، دفع البعض إلى اقتراف الجرائم وارتكاب المعاصي والسقوط في عديد من الأخطاء.

من حظ إبنة بنكيران أن تعيش عيشة رغيدة هانئة لم يعشها غيرها، وأن تنعم بخيرات والدتها، بارك الله لها في عمرها، وألا تحس بقساوة العيش التي اكتوى بها السواد الأعظم من مواطنات ومواطني هذا البلد، وأن تنعم بما حققه والدها وما راكمه، في الوقت الذي بكى ويبكي فيه آباء قهرا وهم يحضنون أبنائهم وبناتهم وهم يفارقون الحياة أمام أعينهم لأنهم لم يجدوا مالا يسددوه لعلاجهم. ومن حقها أن تتألم للانتقادات الموجهة لوالدها، على تلقيه مال لم يشق ولم يتعب في تحصيله، وأسر تعيش بعشرة دراهم في اليوم الواحد، بينما أخرى تعيش على التكافل الاجتماعي وعلى عطف ذوي القربى والمحسنين وغيرهم،  علما أنها لم تتألم لبكاء من غادر آبائهم الدنيا وهم في مكاتبهم عوض أن يكونوا في منازلهم بعد الرفع من سن التقاعد، ولم تبك لبكاء الأرامل اللواتي لا يتجاوز معاشهم 300 درهم، وبكاء الأيتام، والمشردين، والذين يموتون يوميا بالطرقات وبجوار المستشفيات، ولم تتألم لآلام المعطلين والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة، وللموظفين الذين يواجهون متطلبات الحياة اليومية بأجور هزيلة مقابل ارتفاعات صاروخية في الأسعار، حتى أصبح المستخدم/الموظف كالعاطل على حد سواء، وأضحى أغلب العاملين رهينة للأبناك وللضرائب وللقطاع الخاص وكل مصاصي الدماء...

هذا الوضع لم تتألم له نجلة الزعيم، ولم تخرج لتستنكره، ولم تنبه والدها وهو يرأس الحكومة إلى الكثير من الاختلالات والعلل، فقط استفزها انتقاد والدها، الذي من الطبيعي باعتباره شخصية عامة، تحمل المسؤولية وهو يحظى بالامتيازات، وغادرها وما تزال تغدق عليه العطايا والهبات، أن تكون سلوكاته محط نقاش عام وإلا كان الأولى به أن يستشعر حجم وثقل المسؤولية وأن يشتري آخرته عوض أن يبيعها.