الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: دفاعا عن البرلمانية ماء العينين!!

يوسف غريب: دفاعا عن البرلمانية ماء العينين!! يوسف غريب، كاتب إعلامي
تابعت كأي مواطن كل النقاشات التي رافقت ظهور أول صورة للبرلمانية المغربية الأستاذة ماء العينين وهي تراقص نسائم الحياة هناك في باريس بخلفية الطاحونة الحمراء كرمز مناسب لتحررها من الإتيك الإخواني... وتابعت باهتمام أكثر كل الردود المصاحبة المتضامنة من جهة تحت ذريعة احترام الحياة الخاصة للفرد أو تلك التي تنظر إلى الصورة كنوع من الخيانة لشعار مركزي لتنظيمها العقائدي المبني على الحجاب أصل العفة ورمز تمييزي مع غيرهن من نسوان المغرب... بل أعنف الردود هي التي انتبهت إلى استغلال الدين بشكل يسيء إلى الدين نفسه ونحن أمام هذه المفارقة بين باريس والمغرب حتى أن البعض استشهد بآية مناسبة لمثل الحالة كقوله تعالى «كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».
لكن إذا نظرنا إلى الموضوع/الصورة من زاوية أخرى فإن ما وقع كان منتظرا خصوصا إذا أخدنا بعين الاعتبار بعض الأحداث والوقائع التي انفجرت داخل هذا التنظيم بما تحمل من تناقضات لبعض القياديين بين الصورة المسوقة لهم وبين أفعال وممارسات مخالفة لشرع لله ورسوله... فإلى حدود الأمس كانت الواعظة تحث على العفة لبنات الشعب وتحذرهم من العينين الزائغتين ومن.. ومن... آخرها أن الشيطان يكون ثالثا لكل امرأة اختلت برجل... حتى كان ثالثهما رجال الأمن هناك وفي ذلك الجو الرومانسي بنسيم البحر والقصة معروفة...
وقبلها كان الكوبل الحكومي وما رافقه من تشويق وإحراج للتنظيم نفسه كنقطة خادشة لمشروعهم الأخلاقي وفي العمق، إذ لا يوجد في كل القيم البشرية ما يجعل المرء يهدم أسرة ممتدة إلى الأحفاد من أجل تلبية رغبة ذاتية ذو طبيعة شهوانية نرجسية.... أبدا.
وآخرها وفي باريس الساحرة ووقت السحور يطل علينا أحد قيادي التنظيم وهو يجدد شبابه مع خطيبته في شارع شانزليزي مشبك اليدين واثق الخطو بعد أن أدلجوا البعض من بناتنا بعدم جواز مصافحة الغريب.... ونماذج كثيرة.
لذلك أعود وأقول إن التحرر من الحجاب بالنسبة للأستاذة ماء العينين ما هو إلا نتيجة طبيعية للأحداث السابقة، إذ علينا أن نستحضر موقعها كقيادية من الصف الثاني والآتية من الجنوب بكل قيمه وتفانيه واستطاعت أن تفرض نفسها على التنظيم كما في الساحة السياسية أيضا وبكاريزمية قوية... وبكل تكوينها الأكاديمي البارز كيف يمكن لها أن تبقى رهينة هذا الوهم، وهي تلاحظ أغلبية القياديين البارزين يستمتعون بحياتهم.... كمثال للنماذج السالفة الذكر.. لا يمكن أبدا، خصوصا وأن وضعها الاعتباري وفي مواقع المسؤولية، وفر لها كل شروط الحياة في أبهى تجلياتها...
لا يمكن لذات أي إنسان أن يعيش وسط هذه التناقضات الصارخة بين قياديي الصف الأول والمؤسسين لمشروع ينطلق من تحنيط جسد المرأة وتلفيفه وسط البرقع والخمار وكل أنواع الأحجبة، وفي الوقت نفسه يكون من الأوائل الذين يسقطون أمام إغراءات الجسد...
من هنا أجدني أتعاطف مع الأستاذة في انفجارها ضد هذا الكهانوت والخروج من هذه المفارقات التي خلقتها سلوكيات قيادات الصف الأول، والتي لم تستطع أن تتحول إلى نموذج كما سوقوا لمريديهم ذات استقطاب..
إن الصورة هي رسالة داخلية أكثر من أي شيء آخر وقد يختزلها المثل القائل «إذا كان رب البيت بالدّف ضاربا... فشيمة أهل البيت كلهم الرقص».
ذلك ما فعلت الأستاذة وهي تنتصر لذاتها دون أن يحرج ذلك تدينها بالمرة.. بل أكاد أجزم بأنها عادت إلى مغربيتها تماما كتلك الشابة التي شاهدتها الأسبوع الماضي وسط سويقة الرباط وهي تلج المسجد لصلاة المغرب بلباس الدجين وبموضته الأخيرة، لأنها اقتنعت ككل المغاربة قبل هذا الزحف المشرقي بأن لله ينظر إلى أفعالنا وليس إلى ألبستنا ولحانا.
فقط سيدتي ماذا لو قدمت استقالتك حتى تقطعين دابر من يريدون الإساءة إليك...
دون أن يأخذ بعين الاعتبار حجم المعاناة والحصار الذي تعانين منه.
أما أنا فمؤمن حتى النخاع بأن كل النماذج الدخلية على هذا البلد قد تعيش سويعات لا غير ثم تنهار... تنهار تماما كهذه القفعة التي تختزل عفة المرأة في حجابها.