الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك: الحرية بين "الفولار" ومنطق "النفّار" ...

وحيد مبارك: الحرية بين "الفولار" ومنطق "النفّار" ... وحيد مبارك
أؤمن بأن المعارضة التي تشبعنا بفلسفتها وبالفكر الذي يؤسس لها، والقيم التي تؤطرها، هي أرقى من أن ننجر إلى القعر وأن نعتمد يوما نفس الأسلوب المنحط الذي ظل غيرنا وهو يتربّص بنا يستعمله ضدنا، في الوقت يعرف فيه المشهد السياسي/الحزبي في بلادنا تباينا كبيرا وفرقا صارخا في هذا الصدد، بالنظر إلى أن هناك من ظل يؤسس حضوره وضمان استمراريته بالاعتماد على نهج فضائحي، ليس باعتماد الحقيقة، وإنما باختلاق الإشاعات والأكاذيب، التي كانت وبكل أسف تجد صداها.
لم أتفاعل مع واقعة الفولار بباريس ولواحقه، وتركت الأمر جانبا باعتباره سطحيا، في تقديري، لا يرقى لأن يشكل موضوع نقاش، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بحرية شخصية، بعيدا عن سيناريوهات التشكيك والفوطوشوب وغيرها من الخرجات التبريرية التي تم اعتمادها، والتي يتبين على أنها مجرد "بارشوكات" كانت تسعى إلى التخفيف من حدة ووقع الصدمات والبحث عن كيفية لجعلها ترتد بعيدا.
واليوم، ضحكت في قرارة نفسي، ضحكة "بنكيكية"، وأنا أشاهد شرعنة تبريرية، لفعل ازدواجي يؤكد أننا أمام حالة غير سوية، باعتماد "تخراج العينين"، والاستعانة بـ "بنكيران" لكي يتم الضحك على ذقون المغاربة، مرة أخرى، مادام الأمر أضحى عادة مربحة، عملا بالمثل القائل "يبيع القرد ويضحك على من اقتناه"...
إنها خلاصة التدوينة التي جاءت على إثر اللقاء الذي جمع صاحبة الفولار بصاحب "المجهود"، الذي لم يدخر جهدا لنصرة ضيفته، فأبدع خطابا تفصيليا، ينهل من فلسفة الحقوق والحريات التي أسس لها دستور الملكية الثانية، ورفع شعار التحديث، وفصل المقام والمقال، ولوّح عاليا بوشاح الحرية الشخصية، وهي كلها أمور حاربها وعارضها وواجها بضراوة، المتحدث والمدونة ومن يسير على نهجهما، لكن بما ان الغاية تبرر الوسيلة، فهي اليوم كلها مباحة إلى حين مرور العاصفة، وآنذاك يمكن العودة إلى خطاب آخر.
نعم يمكن لأي شخص أن يمارس حريته وقناعته التي لا تمس بحريات وحقوق الغير، وعليه يمكن لمن ترغب في وضع الحجاب أن تضعه، ولمن ترغب في ارتداء تنورة أن ترتديها، ومن أراد التوجه إلى المسجد للصلاة فليتوجه، ومن طرق باب حانة فهو حر في ذلك، وغيرها كثير من الحالات التي يمكن الوقوف عندها ... يمكن القيام بذلك بكل حرية وشفافية مطلقة لكن بعيدا عن ازدواجية الخطاب، وعن ثنائية الممارسة، وعن استهداف الغير ممن يمارسون هاته الحريات بنعتهم بأقبح النعوت باسم الدين والأخلاق والتقاليد وغيرها، ولنا في عدد من التدوينات والتصريحات والمواقف، أمثلة كثيرة، سواء لصاحبة الفولار أو "مول الثريات"، مع أمينة خباب نموذجا، ومع المهرجانات و اللائحة طويلة ...
هذا الطرح الاستثنائي الذي تبناه اليوم بنكيران وصحبه، هو نفسه الذي دافع ويدافع عنه آخرون في هذا البلد، لكن عن قناعة راسخة وليس باعتماد تغيير القبعات والأقنعة، فتم تكفيرهم وترهيبهم بكل الوسائل، في حرب مفتوحة ما تزال أساليبها معتمدة إلى اليوم، فما الذي تغيّر؟
اهتموا بـ "حريرتكم" ودعوا عنكم ادريس لشكر الذي عرّج على زاويته البعض هذا الصباح في محاولة لتغيير الدفة ...
فهمتيني ولا لا ...