الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد بلمختار منيرة: لماذا يجب تقوية الصحافة؟

أحمد بلمختار منيرة: لماذا يجب تقوية الصحافة؟ أحمد بلمختار منيرة

لئن كانت المصداقية، والمهنية، والتكوين العلمي والتكوين المستمر... من التحديات الأساسية للصحافة المغربية بشقيها الورقي والالكتروني، لخوض معركة التنافسية المحمومة، في عالم مازال معولما لا يرحم الفقراء في كل مجال. فإن واقع الحال يفرض اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تقوية الصحافة والجسم الصحفي ودعمهما.

مجموعة من المعطيات والحقائق لا يمكن تجاهلها. فالسياق الدولي مملوء بالمتناقضات، وليس من باب اللغو القول إننا نعيش فعلا زمن "اللاقيم". العديد من القيم النبيلة الدينية والسياسية والاجتماعية، في مهب الريح، فقد تم تشيئ la) chosification) الإنسان في زمن العولمة المتوحشة. والهوة مازالت تتسع بين الدول المتقدمة والدول الفقيرة، الغنى الفاحش في الشمال والفقر المدقع في الجنوب. وما الهجرة من الدول الفقيرة إلى الضفة الأخرى إلا مظهر من مظاهر انعدام العدالة الاجتماعية عالميا. ونعيش عولمة الحروب، ضحاياها المستضعفون في الأرض العربية خاصة.

وطنيا، انعكاسات التطور التكنولوجي بارزة المعالم. شبابنا يقضي يومه وليله في انعزالية تامة حتى عن أقرب الناس إليه في البيت. كل واحد يتنقل بهاتفه النقال من زاوية إلى أخرى، يبحث عن أشياء ليتها كانت مجدية له. ردود فعله، تحتاج إلى دراسات ذوي الاختصاص.

هذه الحقائق أصبح يدركها المختص والإنسان العادي. ولكن السؤال هو: ما علاقة الصحافة بكل هذا ولماذا يجب تقويتها؟

إن الصحافة المواطنة، مطالبة بصياغة رسائل مقنعة لتمكين المواطنات والمواطنين، خاصة الشباب، من اتخاذ الرأي والموقف السليم تجاه ما يتلقونه من سيل من الأخبار والصور يوميا، على مدار الساعة، عبر الشبكة العنكبوتية، يصعب تصديق الكثير منها.

وبإمكان الصحافة مساعدة المتلقي (القارئ والمشاهد) على فهم ما يجري عن طريق العديد من الأجناس الصحفية من بينها التقرير والتحقيق والحوار والمقالة المتخصصة...

كما أن الصحافة مطالبة بمواجهة المنافسة الشرسة لوسائل الإعلام الأجنبية، خاصة تلك التي تتناول قضايانا الوطنية بخلفيات عدائية. ولا يمكن تفنيد مزاعمها بكلام سطحي. فالمطلوب توفر المقاولة الصحفية على جسم صحفي قوي، حرفي، له القدرة العلمية على التحليل والبرهنة والحوار مع المختصين والخبراء من المشارب العلمية المختلفة. وهي شروط لا يمكن أن تتوفر في صحافة ضعيفة من حيث مواردها البشرية والمالية.

من جانب آخر، لابد من تمكين الصحافة من القيام أكثر بدور الوسيط بين الدولة والمواطن(ة)، وتحقيق الإسهام الفعلي لجمعيات المجتمع المدني وهيئات المساواة وتكافؤ الفرص في مشاريع الجماعة والعمالة والإقليم والجهة.

كما أن التعبير بحرية عن الرأي وتقوية روح الحوار البناء داخل المجتمع، ضرورتان اليوم. والصحافة آلية من آليات تحقيق الديمقراطية.

وإذا كانت الانتخابات النزيهة شرط لإشراك المواطن(ة) في تحديد مستقبل البلاد. فهي لاتحل إلا بعد سنوات. لكن، الصحافة الحرة، تمكن المواطن(ة) من التعبير عن آرائه ومواقفه، وهمومه، وقضاياه، كل يوم. والحصيلة، لا خوف على الوطن، لأن الكل يعبر دون خوف.

تتعدد الأسباب التي تفرض تقوية الصحافة، والوسيلة واحدة: الحرية. وتعني حرية الصحافة فك القيود عن الإعلام، وتبديد المعيقات التي تحول دون التعبير الحر عن الأفكار.

إن حرية الصحافة تتعدى حرية النشر إلى حق الصحافي في الحصول على المعلومات، وحق المواطن في فهم هذه المعلومات لاتخاذ القرارات السليمة. والمتمعن بعمق في  فلسفة الجهوية المتقدمة يدرك أن روحها هي الديمقراطية التشاركية. ويمكن للصحافة أن تؤدي أدوارا مهمة في هذا الاتجاه.

وأخيرا، يرى أحد المفكرين أن الحاجة للرأي المخالف لرأي الدولة أشد إلحاحا من الحاجة للرأي الموافق. ولا يسد الحاجة للرأي المخالف إلا صحافة متحررة.

فهل ستكون 2019 سنة الاقتناع بالدور المحوري للصحافة في المساهمة الفعالة في إيجاد الحلول لمعضلات التعليم والتشغيل والتطبيب... وهو ما يعني الاقتناع بأن الصحافة والصحفيين في حاجة إلى حرية أكثر.

- أحمد بلمختار منيرة، إعلامي وباحث