الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

عتيقة الموساوي: في الحاجة إلى مناظرة وطنية لتأهيل التعاونيات السكنية كبديل للسكن المنخفض التكلفة

عتيقة الموساوي: في الحاجة إلى مناظرة وطنية لتأهيل التعاونيات السكنية كبديل للسكن المنخفض التكلفة عتيقة الموساوي مع نموذج لمشروع سكني

قد يتفق معي المهتمون بالسكن على أن التعاونيات السكنية أحدثت كآلية لتشجيع السكن بصيغة التضامن بين الأشخاص، ومنحتها الدولة امتيازات ومساعدات على المستوى المسطرة القانونية لتحقيق السكن بأقل كلفة في اقتناء العقار وإنجاز الأشغال.

وقد عرفت التعاونيات السكنية مند إحداثها طفرة نوعية، ونجحت بعضها في تحقيق السكن المطلوب ومكنت منخرطيها من إنجازات ومشاريع سكنية ناجحة بكل نزاهة ووضوح، وهناك نماذج يحتذى بها في مختلف انحاء مدن المغرب.

ولكن للأسف، في المقابل نجد أن هذا النجاح لم يجد طريقه نحو التعميم في كل التعاونيات السكنية المماثلة، حيث فشل بعضها وأثار استياء المنخرطين، وبدد أحلام البعض الآخر في اقتناء سكن بضياع المال وضياع الأمل، نتيجة سوء تدبير أو جشع بعض المسيرين أو تلاعب أو سقوط في أيدي عصابات عقارية اتخذت من التعاونيات سبيلا للانتهازية والاغتناء غير المشروع من أموال المنخرطين. وبالاطلاع على الشكايات العديدة التي تزدحم بها صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع والمنابر الإعلامية، يكتشف المتتبع قوة الصدمة ومدى الضرر النفسي الذي لحق ببعض ضحايا هذه التعاونيات. وبالاستماع لبعضهم نقف على حجم المعاناة. فهناك من وصفهم بالمافيا العقارية، وهناك من نعتهم بـ "المشرملين" لعباد الله. فأساليب التماطل والتزوير وتعطيل المشاريع دون نتيجة جعلت البعض ينتظر ما يفوق 20 سنة دون جدوى، خصوصا بعض أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج هناك من استنزفت أموالهم من قبل المسيرين، وهناك من تعرض للطرد من التعاونية، لأنه احتج على التأخير والتماطل، وهناك من فضل الالتجاء للمحاكم في صعود ونزول لاسترداد أمواله المسلوبة.

معاناة أصبحت تخيف المنخرطين الجدد الراغبين في الالتحاق بالتعاونيات السكنية وسؤالهم عن مدى نزاهتها من عدمه.. وهو سؤال مشروع في ظل التسيب الذي أصبحت تعرفه بعض التعاونيات. وفي ظل غياب مراقبة مباشرة من الدولة، خاصة بعد انتشار صنف الوداديات السكنية المشابه للتعاونيات، والذي يبقى إطارا جمعويا يلجأ إليه البعض لسهولة تأسيسه، فأزم ذلك الوضع بشكل أكبر.

فضحايا التعاونيات والوداديات السكنية باتوا يعدون إذن بالآلاف والشكايات على رفوف المحاكم بالمئات.

وبالفعل، فالباحث في النصوص القانونية لتنظيم التعاونيات، وخاصة الوداديات السكنية، يجد أن مراقبة الدولة المباشرة شبه منعدمة، بل يعمد رؤساء المكاتب في الجموع العامة إلى اللجوء إلى مراقبي الحسابات الذين يقدمون تقارير مالية مخدومة للجموع العامة. وبما أن أغلب التعاونيات والوداديات لا تعقد جموعها العامة بصفة منتظمة، فإن مكاتبها تستغل غياب المنخرطين وتفرقهم، وتعمل سلطتها في  التزوير والنصب وتعطيل المشاريع لسنوات طوال واستغلال الأموال في مشاريع خاصة في انتهاك واضح للميثاق  الاخلاقي.

وفي لقاء عقدته الفيدرالية الوطنية للتعاونيات السكنية بشراكة مع المركز الدولي للوساطة والتحكيم، تحت إشراف وزارة الإسكان وسياسة المدينة سنة 2015، للبحث في موضوع تمت الإشارة إلى أن المشكل الأساسي هو «مشكل قلة خبرة وتدبير لدى بعض المكاتب المسيرة لبعض التعاونيات، لزم تجاوزه بالتأهيل والحكامة الجيدة والبحت عن التمويل البديل.

ونحن من خلال موقعنا هدا نناشد كافة المتدخلين، خصوصا الوزارة الوصية ومكتب تنمية التعاون، للتفكير في عقد مناظرة وطنية لمناقشة مشكل التعاونيات السكنية كبديل للسكن المنخفض التكلفة. كما أنه إذا أرادت الدولة إصلاح جانب التعاونيات السكنية إصلاحا شاملا عليها بالمنظومة القانونية أولا، والأنظمة الأساسية للتعاونيات ثانيا، باعتماد النصوص القانونية وآليات العمل مع السلطات والجهات المحلية الإدارية والمنتجة والمصالح التقنية، وإدراج برامج التكوين والتأهيل في مجالات الحكامة والتدبير والتسيير والمحاسبة بهدف تطوير وتأطير التعاونيات السكنية حتى تواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية.

- عتيقة الموساوي، متصرفة بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة