الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف برادة:ما العمل لمحاربة الفساد؟

عبد اللطيف برادة:ما العمل لمحاربة الفساد؟ عبد اللطيف برادة
لا شك أن الازدياد المطرد في أعداد الساكنة في المدن الكبيرة ساهم بشكل كبير في تطور المجتمع وتنوع حاجات الأفراد وهو الشيء الذي أدى إلى تضخم أجهزة الإدارات بهدف إشباع رغبات المواطن مع توفير الخدمات الاجتماعية التي أصبحت أكثر تعقيدا نظرا لتطلع الفرد إلى معايير الرفاهية رفيعة المستوى؛ مع جودة الخدمات المقدمة وهو الأمر الذي لا يمكن ضمانه إلا بتوفير نظام رقابي يكفل أفضل استخدام للموارد المتاحة لتحقيق الأهداف المنشودة ومن ثم ترسيخ مبادئ المساءلة والمحاسبة ضمن نظام الشفافية التي اتخذتها الدولة المغربية كنهج سياسي فرضته إسوة بدول أخرى متقدمة في هذا المجال على جميع النشاطات الإدارية بما فيها الصفقات العمومية من أجل رفع من مستوى الخدمات ومحاربة الفساد الإداري.
ضمن هذه الدول تأتي الدنمارك وفنلندا والسويد ونيوزلندا في مقدمة الدول الأقل فسادا في العالم. فقد حققت هذه الدول -وبثبات- أفضل النتائج في مؤشرات الفساد. ولعلنا نستفيد من تجارب هذه الدول في محاربة الفساد. ومن الأشياء التي تشترك بها هذه الدول هو سيادة القانون وتطبيقه على الجميع دون استثناء كما أن هناك إجماعا واسعا في هذه الدول على أن محاربة الفساد تتطلب وجود آليات للمشاركة العامة. وبالإضافة إلى التزام القادة السياسيين هناك بمكافحة الفساد، فإن الحريات المدنية وفي مقدمتها حرية الصحافة تساعد هذه الدول على مناهضة الفساد وما يميز حكومات هده الدول هو أنها فاعلة في عملها وتعمل ككتاب مفتوح. ولدى هده الدول إلى جانب دلك تقاليد قديمة من الانفتاح الحكومي والنشاط المدني، والثقة الاجتماعية، مع شفافية قوية مثل الإفصاح عن المعلومات، وآلية للمساءلة التي تسمح للمواطنين بمراقبة أداء السياسيين ومحاسبتهم على أفعالهم وقراراتهم.
ومن الدروس التي يمكن الاستفادة منها هنا، هو أن الكشف عن معلومات الميزانية يغلق الباب على الهدر واختلاس الأموال العامة. ولذلك، ينبغي للبلدان التي تسعى بصدق لمكافحة الفساد أن تسعى إلى تعزيز الإفصاح عن المعلومات، فضلا عن تعزيز مشاركة المواطنين في جميع مراحل عملية الميزانية.
حيث اتضح أن ظاهرة انتشار الفساد الإداري يرجع أولا وقبل كل شيء إلى عدم إخضاع السلطات الإدارية، لقوانين وضوابط معلنة، مع جهل الموظفين للضوابط القانونية، و إلى أسباب أخرى متعددة يصعب حصرها في هذا العمود.
وبما أن الفساد المالي له تكلفة اجتماعية و اقتصادية وانعكاسات على تأخير عملية التنمية، ومن تم عرقلة بناء الديمقراطية، وتقليص مجال دولة القانون والمؤسسات ولهذا كله أضحت محاربته مسألة اجتماعية غاية في الأهمية تمس في جوهرها المصالح العليا للوطن إلا أنه بالرغم أن المغرب كغيره من الدول لديه ترسنه من التشريعات ومجموعة من الأنظمة، تخص الرقابة على المال العام بهدف القضاء على ظاهرة الفساد التي تستشري في الهيكل الإداري و بالرغم من كل الإصلاحات الجارية في هذا المجال تبقى فعالية الرقابة على المال العام محدودة بسبب العديد من العوامل المرتبطة بالإطار القانوني والإمكانيات المادية والبشرية وعدم فعالية التدابير المتخذة ولهذا أصبح من الضروري، العمل على تبني التدابير الكفيلة لجعل من الرقابة عنصرا مؤثرا في إرساء دعائم الحكامة الجيدة للشأن العام على أن يتم ذلك عبر معايير محددة لكيلا تتجاوز فيها الرقابة حدودها فتؤدي بدلك إلى عرقلة النشاط المالي وشل حركة الأجهزة الحكومية المختلفة، فتشكل هكذا خطرا على النشاط الاقتصادي ككل وتؤدي إلى عكس ما تهدف إليه.