الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

رواح: بعد إنجازنا ميثاق أخلاقيات المهنة نطالب بإحداث مؤسسة قاضي الخبرة

رواح: بعد إنجازنا ميثاق أخلاقيات المهنة نطالب بإحداث مؤسسة قاضي الخبرة إدريس رواح، رئيس المجلس الوطني لخبراء العدل

يعتزم المجلس الوطني لخبراء العدل في المغرب تنظيم ندوة علمية على هامش حفل تنصيب التنسيقية الجهوية الشرقية بوجدة الذي سيقام منتصف شهر دجنبر  2018،  في موضوع "تحصين الخبير آلية فعالة للتخليق". وفي هذا الإطار اتصلت جريدة "أنفاس بريس" بالدكتور إدريس رواح رئيس المجلس الوطني لخبراء العدل وأجرت معه الحوار التالي:

 + هل يمكن تقديم المجلس الوطني  لخبراء العدل من حيث مهامه، وإنجازاته و ماذا حقق إذا استثنينا إحداثه للبوابة الإلكترونية الخاصة به؟

اعتبارا للدور المحوري والحيوي للخبير في منظومة العمل القضائي، وانطلاقا من التطور الكمي والنوعي لمهنة الخبرة على المستوى البشري وكذا تعدد شعبها ومهامها، وأخذا بعين الإعتبار ضرورة الرفع من مستوى الخبرة والخبير على حد سواء لمواكبة مختلف التحولات والتطورات التي عرفتها منظومة العدالة دوليا ووطنيا، وسعيا لدعم استمرار مساهمة الخبير في الرقي بعمل السلطة القضائية.

في هذا السياق كله، جاء تأسيس المجلس الوطني لخبراء العدل سنة 2011، كإطار موحد التأم فيه جميع الخبراء بمختلف تخصصاتهم وانتماءاتهم الجمعوية والسياسية، وانخرط في مشروع إصلاح المنظومة القضائية حيث دشن ميلاده بالمشاركة في الحوار الوطني للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، وذلك بتنظيم مائدة مستديرة انسجاما مع تنزيل  نشاطه الثقافي الرامي إلى  التكوين المستمر لفائدة  خبراء العدل.

وبتنظيم هذه الطاولة المستديرة قام المجلس بتلبية الدعوة الموجهة إليه قصد المساهمة في إغناء الحوار المشار إليه آنفا، وذلك بتشخيص الوضعية الحالية  للخبرة القضائية من منظور خبراء المجلس الوطني لخبراء العدل، وتقديم كل المقترحات النابعة من اهتمامهم بالموضوع وتقييم عملهم اليومي، كمشاركين للقاضي في صنع القرار القضائي، وللتعبير عما يتطلعون إليه من إصلاحات لجعل الخبرة القضائية من أهم وأدق الوسائل العلمية والتقنية في خدمة العدل والعدالة، ودمجها ضمن مجموعات مشاريع قوانين إصلاح المنظومة القضائية.

كما شارك المجلس بفعالية في أشغال المائدة المستديرة المنظمة بتاريخ 21 أبريل 2017 من طرف وزارة العدل بشراكة مع اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة التابعة للاتحاد الأوروبي بالمعهد العالي للقضاء حول موضوع "دور الخبراء أمام المحاكم". وقد نوقشت خلال هذه الندوة مجموعة من الإشكاليات المتعلقة بالخبرة والخبراء وكذا الإكراهات التي تحول دون إنجاز الخبرة القضائية في الآجال وتحت الشروط التي يقيد بها القانون. وعلى ضوء العرض الذي تقدمنا به تحت عنوان "الخبراء والخبرة بالمغرب: واقع وآفاق" تم تحديد مجموعة من الحلول الممكنة لتجاوز إشكاليات الخبرة القضائية بناء على توجيهات اللجنة الأوروبية لفعالية العدالة.

وساهم المجلس أيضا كمؤطر بموضوع حول إجراءات الخبرة القضائية بجانب مجموعة من السادة الأساتذة من رؤساء المحاكم ووكلاء عامون للملك وأطر وزارة العدل في الحلقات التكوينية المنظمة من طرف هذه الأخيرة لفائدة الخبراء الجدد التي تم تنظيمها بتاريخ 27-28 أبريل و5 ماي 2017 على التوالي بمدينة فاس ومدينة أكادير التي حضرها ما يناهز 140 خبيرا.

ونظم المجلس بعد ذلك بمدينة الدار البيضاء بتاريخ 3 نونبر 2017 تحت الرئاسة الشرفية للسيد الرئيس الأول للمحكمة التجارية بالدار البيضاء حفلا للترحيب على شرف الخبراء الجدد حضره حوالي 120 خبيرا من ضمنهم زهاء 85 خبيرا جديدا. وتخلل هذا اللقاء عرضا لرئيس المجلس حول أهمية الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة في التواصل بين مكونات الإدارة القضائية.

كما تم خلال سنة 2017 إطلاق بوابة المجلس الوطني لخبراء العدل www.cnej.maبمواصفات متقدمة تتضمن قاعدة معلوماتية لجدول الخبراء محينة، النصوص القانونية الخاصة بالخبرة القضائية وكذلك إحصائيات حول الخبراء نظرا لأهميتها في اتخاذ القرار والوعي بخريطة الأشياء حيث أن البوابة تتيح الولوج لمجموعة من البيانات والمعلومات والمؤشرات بطريقة ديناميكية ومحينة حسب نوع الخبرة وحسب كل استئنافية... وقد جاء هذا الانجاز الأول من نوعه منذ بداية العمل بالخبرة القضائية تماشيا مع النهوض بالإدارة القضائية وتحديثها الذي يعد اختيارا استراتيجيا في وزارة العدل والذي جاء استجابة لجلالة الملك نصره الله وأيده في عدة خطابات ومحطات عبر خلالها عن إرادة جلالته في إصلاح القضاء ووضع منهجية هذا الإصلاح حسب مفهوم جديد انطلاقا من شعار "القضاء في خدمة المواطن" وانتهاء بالميثاق الوطني للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة. وبهذا الإنجاز المتواضع يكون المجلس قد ساهم مساهمة فعالة في ورش المحاكم الرقمية ببلادنا.

وفي نفس السياق، شارك المجلس الوطني لخبراء العدل بصفة تشاورية في ورش المخطط المديري لوزارة العدل. وانتهز الفرصة للتقدم بالشكر إلى وزارة العدل وبالخصوص إلى الدكتور عبد الرحيم الرويحن مدير التحديث والتعاون والنظم المعلوماتية بوزارة العدل على المقاربة التشاركية التي ينهجها في إعداد المخطط المديري "schéma directeur".

كما قام المجلس منذ تأسيسه بعدة لقاءات تواصلية بجهات المملكة نذكر من ضمنها لقاءات بطنجة، وجدة، الرباط، الدار البيضاء، مراكش وأكادير. وحضر مجموعة من الأنشطة العلمية والندوات نذكر من ضمنها ندوة حقوق الإنسان في مجال الشغل، ندوة الصحفي وحقوق الشخصية أية علاقة ؟ حيث تقدم بعرض حول موضوع "التكنولوجيا الرقمية ومساهمتها في انتهاك الحقوق الشخصية"...

وقد أنجز المجلس الوطني لخبراء العدل "ميثاقا لأخلاقيات المهنة" الذي يعد أيضا الأول من نوعه ونظم عدة ورشات خصصت لمناقشته وعرضت الصيغة النهائية أثناء المؤتمر الأول المنعقد بالرباط بتاريخ 30 ماي 2014 حيث صادق عليه الجمع العام  ليكون مرجعا أخلاقيا ودليلا عمليا قيما يرشد الخبراء في حياتهم العملية، ويضبط علاقاتهم مع كافة الأطراف العاملين معهم وفي محيطهم. وقد تمت بلورة ميثاق أخلاقيات المهنة حول تسعة مبادئ: الشرعية، التجرد، النزاهة، المساواة، الكفاءة، النجاعة، السرية، اللياقة والتضامن والتزم جميع خبراء المجلس بالإنخراط  الفعلي والجدي في تنزيل مبادئ هذا الميثاق في حياتهم المهنية والعملية.

+ كيف يتم التنسيق بين أصناف وشعب خبراء العدل ؟ ولماذا لم يتم إنشاء هيئة وطنية خاصة بهم؟

للتذكير يبلغ عدد الخبراء، حسب الجريدة الرسمية المنشورة  في بوابة الأمانة العامة للحكومة تحت عدد 6684 مكرر بتاريخ 21 يونيو 2018، ما مجموعه 3345 خبيرا جلهم متمركزين بمدينة الدار البيضاء موزعين على 164 اختصاصا حسب 45 شعبة (المهن الطبية، الفلاحة، الميكانيك، العقار...). وتبلغ نسبة خبراء المهن الطبية 43,6% من مجموع الخبراء. وحتى نتمكن من تواصل سلس ومركز على مهنة معينة من الخبراء قام المجلس الوطني لخبراء العدل بإعادة تنظيمهم حسب 6 شعب فقط وهي المهن الطبية، البناء والعقار، المهن الفلاحية، مهن الحساب، المهن الصناعية والمهن المتنوعة.

أما بخصوص إنشاء هيئة وطنية خاصة بالخبراء فقد سلط المجلس الوطني لخبراء العدل الضوء على أهمية الخبرة القضائية في العمل القضائي، وما تقتضيه الظرفية الحالية لإعادة النظر في القانون رقم 00-45 المنظم للخبراء القضائيين، وذلك بالعمل على تهييء وإصدار قانون جديد لإحداث هيئة وطنية لخبراء العدل على غرار باقي القوانين المنظمة للمهن القضائية الأخرى ببلادنا، مع الاستفادة من التجارب والتطورات التي عرفتها الخبرة القضائية في العديد من الدول الأجنبية، حيث وفرت هذه الدول، خاصة الأوربية والعربية منها، وسائل هامة للحصول على الخبرة القضائية الدقيقة والعادلة التي تمكن من حسم النزاع في إطار خاص يضمن للخبير القضائي تكافؤا بين واجباته المهنية وحقوقه المعنوية والمادية، وكذا تمتعيه بالحماية القانونية الواجبة في حقه، كما يتمتع بها رجال القضاء وبعض المهن القضائية الأخرى.

وقد استجاب الميثاق الوطني للإصلاح الشامل والعميق لمطلب خلق هيئة وطنية للخبراء. وفي هذا الصدد نشكر وزارة العدل على المقاربة التشاركية التي اعتمدتها في بلورة هذا المشروع حيث حضر المجلس أشغال مراجعة القانون رقم 00-45 المنظم لمهنة الخبراء القضائيين وخلق هيئة وطنية وكان من المصادقين الأوائل على هذا القانون الذي لا زال يراود مكانه بوزارة العدل.

+ لقد تمت برمجة ندوة  بمناسبة حفل تنصيب التنسيقية الجهوية الشرقية في موضوع  تحصين الخبير آلية فعالة  للتخليق، ماهي دواعي اختيار مثل هذا الموضوع الذي يوحي بوجود مخاطر في ممارسة الخبرة ؟

أشكركم كثيرا على هذا السؤال الذي من خلاله منحت لي الفرصة لتوضيح اختيار هذا الموضوع. بالفعل أؤكد أن هناك مخاطر كثيرة في ممارسة الخبرة وهذا ما يمكن ملامسته من خلال مجرد قراءة في القانون 00-45 المنظم للخبرة الذي يحمل في طياته واجبات الخبير ويغيب الحقوق غيابا كليا.

فالقانون رقم 00-45 وضع آليات لضمان تخليق المهنة وتتمثل في المراقبة من طرف الرئيس الأول والوكيل العام عملا بالمادة 28 من القانون 00-45 وفي التأديب من طرف اللجنة الوزارية عملا بالمادة 8 و9 أيضا من القانون 00-45 وفي الزجر عملا بالمادة 42 و43 من نفس القانون.

ونلاحظ رغم وجود هذه الآليات التي تتمثل في المراقبة والتأديب والزجر في إطار القانون المنظم للمهنة ارتفاع الشكايات المباشرة التي تقدم أمام رؤساء المحاكم. فالسؤال الذي يبقى مطروحا: ما المغزى من وجود قانون خاص إذا كان الخبير سيؤدب بواسطة قانون عام.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فغياب مواكبة الخبير بتنظيم تكوين قبلي في المجال القانوني وبإلزامية مشاركته في ندوات وتنظيم دورات تكوينية للخبراء عملا بالمادة 20 من قانون المهنة زاد في تفاقم وضع الخبير الذي انعكس سلبا على جودة الخبرات وأدى إلى ارتفاع الشكايات.

فهناك عدة آليات يجب التفكير في بلورتها حتى نتمكن من احتواء مخاطر المهنة نذكر منها على سبيل الاستئناس لا الحصر وضع قائمة بأتعاب الخبرة حسب كل شعبة، خلق مؤسسة قاضي الخبرة كما هو معمول به في جل الدول الأوروبية، اعتماد مدونة للأخلاقيات، خلق مكاتب التواصل مع الخبراء في المحاكم، إحداث نظام تحفيزي، تفعيل التكوين والتكوين المستمر إلى غير ذلك.

  وأتمنى  في الأخير أن يكون حضور السادة الخبراء في الندوة التي ستعقد يوم الجمعة 14 دجنبر 2018 بقصر العدالة بوجدة مكثفا  حتى  نتمكن من مناقشة موضوع حصانة الخبير والتخليق ومشاكل الخبرة والخبراء بشكل مستفيض، وسنعمل على إيصال معاناة المهنة إلى وزارة العدل التي أذكر أن أبوابها  دوما  مفتوحة لجميع المبادرات ومن هذا المنبر أشكرها على ذلك.

كما أن على السادة الخبراء أن ينكبوا على مصيرهم بأنفسهم وأن يتقدموا بأفكارهم ومشاريعهم في إطار تمثيلية موحدة وأن لا يضعوا أنفسهم في وضعية أشخاص مشمولين بالمساعدة، لأن "ما ضيعت الحقوق إلا بأهلها".