الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

نوفل البعمري: الفنطوم الإسباني... قليلا من الانتباه

نوفل البعمري: الفنطوم الإسباني... قليلا من الانتباه نوفل البعمري

منذ حوالي أسبوعين أصبح "الفنطوم" الإسباني حديث الساعة، ودفع شبابنا إلى أن يولي وجهه نحو الضفة الأخرى، حتى تحول لأسطورة، وأصبح هناك من يلقبه بفنطوم الفقراء لأنه يقتحم الشواطئ المغربية ويقوم بنقل الشباب مجانا لإسبانيا، حسب ما تداولته بعض الفيديوهات التي وثقت للعملية وتم تداولها بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، حتى وصلنا للحظة التي أصبح فيها الشباب المغربي مهووسا بالهجرة السرية التي تحولت لعلنية أمام عمليات التوثيق التي تتم وتم صناعة الفرجة بشكل هوليودي، وتحولت العمليات التي قد تتحول لمآسي نظرا لخطورة الشكل الذي يتم به تهريب الشباب إلى عامل للفرجة وصناعة فكرة وهم الحريك.

لكن، وأمام هذه العمليات التي تتم بهذا الشكل، أليس لنا أن نتساءل عن دوافع هذا ”الفنطوم" الذي ظهر فجأة كأنه المهدي المنتظر، لماذا يخاطر هؤلاء بأنفسهم من أجل القيام بعمليات منظمة لتهريب ”البشر”، لماذا في هذا التوقيت بالضبط ولمصلحة من يريد نشر صور الشباب وهم يتهافتون على الحريك، وهم يهتفون باسم الفنطوم، وهم متحلقون حول الشواطئ من أجل ظهور هذا الفنطوم؟؟ لماذا في هذه اللحظات حيث خطب الملك مؤخرا وخصص خطابا كاملا للشباب وقدم توصيفا دقيقا عن وضعيته الاجتماعية والثقافية وطالب بتدخل عاجل لإدماج الفئات المقصية في الحياة العامة؟ لماذا الآن حيث المغرب يخوض معركة شرسة داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تجديد اتفاقية الصيد البحري بينه وبين الاتحاد الأوروبي؟ لماذا الآن حيث المغرب برز كبلد قوي بحدوده وبجهازه الأمني الذي حصنه وحصن أوروبا من عمليات إرهابية كانت ستضربه؟

هناك رغبة قوية للوبي معين يريد أن توثق مشاهد الحريك والابتسامة على محيى الشباب وهم يخاطرون بأرواحهم، هناك من يريد أن تنشر هذه الصور، لذلك هناك تشجيع عليها وعلى تداولها الواسع ليس حبا في الشباب، بل لرسم صورة معينة عن المغرب، من كونه لا يختلف عن سوريا ولا اليمن، جميعهم يفضل شبابهم الهجرة والحريك... إنها الصورة التي يراد أن تنقل للعالم ويتم تداولها في كبريات الصحف العالمية عن مغرب صنعته مافيا المخدرات واللوبي الذي يزعجه أي تقدم قد يحرزه المغرب، خاصة الاقتصادي منه، لأنه يحرره من أية تبعية خارجية، ولأن هناك من جرب لي ذراع المغرب في ملفاته الحيوية، وكان المغرب عصيا عليهم رافضا أي سياسة لأمر الواقع وتعامل الند بالند دفاعا عن قراره السيادي الوطني.

الجميع يؤكد أن الفنطوم هذا قد تكون له علاقة بتجارة المخدرات، حسب ما تم تداوله، وإذا كان كذلك فنحن أمام مافيا دولية تهرب المخدرات والبشر، وعندما تتواجد مافيا المخدرات الدولية فهي تستقدم معها الإرهاب وتجارة السلاح.. إنها المعادلة التي عاشتها مختلف الدول التي عانت من مافيا المخدرات التي تريد السيطرة على السواحل المغربية، ولتتمكن من ذلك فما عليها إلا إضعاف المغرب وإظهاره بمظهر الغير المتحكم والمسيطر على حدوده الإقليمية، مع ما قد يصاحب ذلك من فوضى وما قد يؤدي إلى هجرة جماعية لشبابه، وما يحدث ليس سوى نموذج مصغر لما قد يكون عليه الوضع.                

ما يحدث لا يجب أن يدفعنا للانجرار وراء مشاهد صور الشباب الذين هربهم الفنطوم، بل علينا طرح السؤال: هل لمصلحة المغرب أن يظهر بهذا الشكل وبهذه المشاهد؟ هل تخدمه تلك الصور أم تخدم اللوبيات المحافظة في أوروبا المتوجسة تاريخيا من أي تقارب أوروبي-مغربي، خاصة في شقه الاقتصادي والسياسي؟ بل وجب طرح السؤال: أين اختفى الشباب الذي وثق عملية الحريك بعد وصوله؟ لماذا لم نعد نشاهد صورهم وهم في شوارع إسبانيا وهم في منتزهاتها؟ لماذا لم نسمع عن اتصالاتهم بأصدقائهم وجيرانهم؟ رأيناهم فقط وهم رفقة الفنطوم-الشبح، ولم نشاهدهم بعد ذلك.. يهمنا معرفة مصيرهم ومآلهم.

المغرب يتحرك، قد يبدو تحركه بطيئا، لكن في بطئه يزعج الآخرين.