الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

أحداف: الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تساهم في إشاعة ثقافة المسؤولية والمواطنة لدى المواطن وإعادة ثقته في الجهاز الأمني

أحداف: الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تساهم في إشاعة ثقافة المسؤولية والمواطنة لدى المواطن وإعادة ثقته في الجهاز الأمني محمد أحداف، و مشهد من الأبواب المفتوحة

يرى محمد أحداف، أستاذ السياسات الجنائية بكلية الحقوق بمكناس، أن تنظيم الأبواب المفتوحة من طرف المديرية العامة للأمن الوطني يشكل بداية بروز وعي لدى المسؤولين الأمنيين بأهمية الانفتاح والتواصل مع المواطن، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي من تنظيمها هو استرجاع الثقة المفتقدة بين الجهاز الأمني وبين المواطن نتيجة تراكم سنوات طويلة من سواء الفهم بين الجانبين، مؤكدا بأن فعالية الجهاز الأمني تمر بالضرورة عبر تغيير عقلية المواطن ومحاربة الثقافة التي تكلست في ذهن المواطن المغربي منذ أيام الاستعمار والتي مفادها أن كل من يتواصل أو يتعامل مع الجهاز الأمني هو شخص منبوذ في وسطه الاجتماعي، موضحا بأن حماية الأمن وإنفاذ القوانين ومحاربة الجريمة يتوقف على تمكين الأجهزة الأمنية من المعلومة والتي قد تساهم في حماية السلامة البدنية وحماية أموال المواطنين أو حماية الأمن الداخلي للبلاد.

+في أي سياق يمكن إدراج الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني في دورتها الثانية ؟

++تنظيم الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني بمدينة مراكش تشكل بداية بروز وعي لدى المسؤولين الأمنيين بأهمية الإنفتاح والتواصل مع المواطن لإعتبارات عديدة. أعتقد أن كل الأجهزة الأمنية بالدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا أو ألمانيا مرت بنفس التجارب، وكما سوف نرى فهذه الأيام المفتوحة هدفها الأساسي هو إسترجاع الثقة المفتقدة بين الجهاز الأمني وبين المواطن نتيجة تراكم سنوات طويلة من سواء الفهم بين الجانبين، ومن جانبنا لايمكن إلا نشجع مثل هذه المبادرات التي تترجم حقيقة بروز عقلية جديدة لدى أصحاب القرار بالدوائر الأمنية ببلادنا، كما تعكس ايمانها العميق على أن فاعلية الجهاز الأمني ونجاعته في مواجهة الجريمة والوقاية منها وإنفاذ القوانين هي مما يقتضي من بين شروط عديدة استرجاع ثقة المواطن في الجهاز الأمني.

+وماذا عن دلالة اختيار المكان أي ساحة باب الجديد في مراكش لاحتضان هذه الأبواب المفتوحة ؟

++أعتقد أن اختيار مراكش نابع من أهميتها كمدينة سياحية ولكونها مصنفة في المرتبة الثانية من حيث النسيج الاقتصادي بعد الدار البيضاء، وأنا مقتنع تمام الاقتناع على أنه لبلوغ الغايات التي من أجلها تم اتخاذ قرار تنظيم مثل هذه الأيام التواصلية ينبغي عدم الاقتصار على المدن الكبرى، بل يجب أن تعمم على الصعيد الوطني من جهة، كما ينبغي بلورة أشكال جديدة للأبواب المفتوحة على الشبكة العنكبوتية مثلا، عبر خطوط هاتفية وعبر برامج إذاعية وتلفزية مستمرة أسبوعيا طيلة السنة تستضيف الفاعلين الأمنيين والأكاديميين والممارسين القضائيين وغيرهم من فعاليات المجتمع المدني من أجل ترسيخ ثقافة أن فعالية الجهاز الأمني ونجاعته تبدأ منا وتعود إلينا، بمعنى أن المواطن هو الشرط الأساسي لنجاح هذا الجهاز الأمني أو هو سبب فشله، وأعتقد ان عقد هذه الأبواب المفتوحة مرة كل سنة في مدينة مختلفة يجعل من شبه المستحيل عقد هذه الأبواب المفتوحة في المدن الصغرى مثل خنيفرة، أزرو، الخميسات، بني، سيدي قاسم، سيدي سليمان..وأرى أنه على المديرية العامة للأمن الوطني أن تطور هذه الفكرة بطريقة تجعل هذه الأبواب المفتوحة بمثابة دخول أمني على غرار الدخول السياسي والدخول البرلماني والدخول المدرسي..وأن يكون هذا الدخول الأمني في الأسبوع الأول أو الثاني من شهر شتنبر على الصعيد الوطني من خلال تنظيم معارض، أنشطة سينمائية، محاضرات حول الأجهزة الأمنية ببلادنا وبالبلدان المتقدمة، دور الأجهزة الأمنية في الوقاية من الجريمة وفي محاربة الجريمة، دور المواطن كطرف فاعل في هذه العملية وغير ذلك، وهو ما سيساهم في إيقاظ حس المواطنة لدى المواطن بطريقة تجعله لاينفر من الجهاز الأمني، بل تجعله يكون قناعة أن الجهاز الأمني موجود من أجل خدمته..

+لوحظ من خلال البرنامج المقدم لهذه الأبواب المفتوحة تخصيص جناح خاص بشهداء الواجب من موظفي الأمن الوطني، فهل هي محاولة من المديرية العامة للأمن الوطني لتحقيق نوع من المصالحة مع المواطن ومحو تلك الصورة " القمعية " التي علقت بالأذهان عن الجهاز الأمني ؟

++صحيح أن أي أجهزة أمنية سواء ببلادنا أو بالبلدان المتقدمة غايتها أمران : حماية الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي داخل الدولة، وإنقاذ القوانين ومحاربة الجريمة واعتقال مرتكبيها وإحالتهم على جهاز العدالة، صحيح أن تحقيق هاته الغايات النبيلة التي يسعى إليها الجهاز الأمني يتوقف على الموارد البشرية وجودة كوادرها وتدريبها وتكوينها وطبيعة المعدات اللوجستيكية الموضوعة رهن إشارتها والأسلحة وغيرها، ولكن أنا كأستاذ لعلم الإجرام أومن بأن فعالية الجهاز الأمني تمر بالضرورة عبر تغيير عقلية المواطن في المغرب على الأقل على مستويين : المستوى الأول ويتعلق بمحاربة الثقافة التي تكلست في ذهن المواطن المغربي منذ أيام الإستعمار والتي مفادها أن كل من يتواصل أو يتعامل مع الجهاز الأمني هو شخص منبوذ في حيه وفي وسطه الإجتماعي، وهذا خطأ، فمن أساسيات حماية استقرار الدول هو قيام المواطن بالتبليغ عن الجريمة، دون نسيان أن القانون الجنائي يعقاب عن عدم التبليغ عن جريمة، فحماية الأمن وإنفاذ القوانين ومحاربة الجريمة يتوقف على تمكين الأجهزة الأمنية من المعلومة والتي قد تساهم في حماية السلامة البدنية وحماية أموال المواطنين أو حماية الأمن الداخلي لبلادنا من العمليات الإرهابية أو من الجريمة المنظمة والإتجار في المخدرات، وغيرها من العمليات. والنقطة الثانيةّ، وتتعلق برفض المواطنين تقديم المساعدة لرجال الأمن حينما يكونون في وضعية خطر، وقد شاهدت شريط فيديو يظهر رجل أمن في تيزنيت أو تارودانت يقوم بتكبيل مواطن هائج يحمل سيفا بينما يكتفي عموم الحاضرين بتصوير المشهد بهواتفهم دون أن يتقدم أي واحد منهم لتقديم يد المساعدة لرجل الأمن، علما أن ثقافة تقديم يد المساعدة لرجل الأمن تعد من أساسيات العقل الأمريكي أو العقل الفرنسي أو العقل الألماني..إننا أمام مشكل خطير جدا، فلا المواطن يقبل بالتبليغ عن الجرائم ولاهو يقبل بتقديم يد المساعدة لرجال الأمن، كما لو أن رجال الأمن مجرد " غزاة " قادمين من بلد أجنبي.

+في هذا الإطار، ألا ترى معي نوع من المفارقة، فكثيرا ما يشتكي المواطن من تردي الأوضاع الأمنية بمنطقة معينة، ولكن حينما يتم التدخل الأمني وتجري عملية اعتقال المشتبه في ارتكابهم جرائم معينة، يسجل نوع من " التضامن " مع من يوصفون ب " المشرملين " فكيف تقرأ ذلك ؟

++الإشكال الذي طرحته يتطلب وجود برامج تلفزيونية أو إذاعية تبث مرة في الأسبوع لتحسيس المواطن بأهمية الدور الذي يقوم بالجهاز الأمني في محاربة الجريمة، فحينما نرى بكل أسف مواطنين يتحدون لمقاومة رجال الأمن ويقصفونهم بالحجارة أثناء إنفاذهم للقوانين وتنفيذهم للتعليمات التي أومروا بها، بمشاهد تذكر بأيام الميز العنصري بجنوب إفريقيا..هو أمر مأسوف لأن ثقافة المواطن مازالت لم تصل الى أن هذه المقاومة تشكل جناية، وهنا ينتصب دور وسائل الإعلام في توعية المواطنين بأن قذف رجال الأمن بالحجارة أو منعهم من اعتقال المتورطين في أفعال إجرامية يشكل جناية، وأعتقد أن هذه الظاهرة آخذة في الإتساع ببلادنا وهو ما ينبئ بعقلية خطيرة يجب أن تحارب، وأرى أن القضاء ينبغي أن يساهم في الحد منها عن طريق تشديد العقوبات ما أمكن في حق كل من منع رجال الأمن من إنفاذ القوانين، وهو ما سيساهم في تسهيل عمل رجال الأمن..إنه من المؤسف أن أشاهد مواطن في مكناس أو في الدار البيضاء أو في مراكش يقوم بمنع رجال الأمن من اعتقال شخص مطلوب من العدالة، وهذه ظاهرة خطيرة للغاية يجب أن تحظى بما يجب من عناية ومن فهم ومن تفكيك ومن دراسة بحثا عن آليات عملية لمواجهتها، من جهة أخرى لابد من الإشارة الى مشكل وجود عدد هام من التبليغات الكاذبة لرجال الأمن بوجود جريمة ، ويكفيك ان تقضي ساعة أو ساعتين مع رجال الأمن في قاعة المواصلات لكي تدرك حجم الإزعاج الذي يشكله المواطن ببلاغاته الكاذبة عن وقوع جريمة دون أن يعني أن التبليغ عن جريمة وهمية يعاقب عليها جنحيا، وبدل أن يركز رجال الأمن على طلبات الإستغاثة الحقيقية نجده تائها بين مئات البلاغات الكاذبة لمواطن اختار أن يمضي وقته بالتبليغ عن جرائم وهمية في ساعات متأخرة من الليل معتقدا أن هذا يشكل مجالا للهون، وأعتقد أن هذه العقلية ينبغي محاربتها، وعودة الى الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني، فهي تساهم في إشاعة ثقافة المسؤولية والمواطنة لدى المواطن وإعادة ثقته في الجهاز الأمني