الخميس 28 مارس 2024
جالية

ظاهرة مقلقة: مافيا الهجرة السرية تغرف الأطفال من حوض بني ملال لتهجيرهم لأوربا

ظاهرة مقلقة: مافيا الهجرة السرية تغرف الأطفال من حوض بني ملال لتهجيرهم لأوربا نزيف هجرة الأطفال نحو أوروبا
تعرف المدارس القروية التابعة لإقليم بني ملال، و الفقيه بن صالح -على الأقل - نزيفا حادا في عدد التلاميذ المتمدرسين بها. ليس بسبب بناء مؤسسات تعليمية جديدة قريبة من محلات سكنهم، أو بسبب التحاقهم بمؤسسات تعليمية خاصة.
لا، ليس كل هذا.بل الأمر يتعلق بظاهرة جماعية جديدة للهجرة السرية تخص هاته المرة الطفولة المنتمية لهاته المناطق :من خلال اتجاه أولياء و آباء هؤلاء الأطفال القاصرين نحو تهجير فلذات أكبادهم، وهم في سن الطفولة، حتى يتأتى لهم الالتحاق بأحد المراكز الاجتماعية بدولة المهجر الخاصة بحماية الطفولة، مما يضمن مستقبل زاهر لهؤلاء الأطفال،و إقامة شرعية، حسب اعتقاد أولياء الأمور.
يقول بعض هؤلاء في معرض دفوعاتهم المؤدية لهذا الخيار: "لولا حبنا و اهتمامنا بمستقبل أبنائنا ما كنا نتجه نحو هذا الخيار، فما يعانيه أطفالنا طيلة السنة الدراسية من قطعهم لمسافات خيالية في أجواء مناخية سيئة من أجل الوصول إلى مدرسة عمومية مهترئه، و مقررات دراسية هزيلة بتواطئ مع بعض الأساتذة غير المهتمين هو ما جعلنا مكرهين داعمين لخيار الهجرة السرية رغم صعوبة ومخاطر القرار ، فلا احد يستطيع أن يتخلى عن فلذة كبده و شريان قلبه بسهولة، لكن ظروف العيش الحالية و مسؤولية ضمان مستقبل زاهر للأبناء هي من تغصب عنا ذلك."
في حين يتجه رأي آخر، من المتابعين للظاهرة إلى القول إن الأمر يتعلق بفكرة جديدة بعثت من جديد داخل عقول رؤساء عصابات الهجرة السرية. فبعد الكساد الذي عرفته في السنوات الأخيرة مداخيلهم نتيجة تراجع الهجرة السرية نحو الجارة الشمالية، انبثقت فكرتهم الجهنمية الجديدة في تهجير أكبر عدد من الأطفال المغاربة مستغلين في ذلك الظروف المعيشية لأسر الأطفال المعنيين،محاولين توهيم أوليائهم أن كل شيء سيتغير فقط بمجرد التحاقهم بدولة المهجر، فالقوانين هناك تمنع من إرجاع الأطفال القاصرين نحو بلدانهم الأصلية، بل تأمر السلطات هنالك بضمان حقوقهم، و العناية بهم مما يجعلهم مواطنين أوربيين مكتملي الحقوق في نهاية المطاف".
كلها مبررات تجعل الآباء ، أولياء الأمور الصغار المستهدفين جد مؤمنين بهذا الخيار أمام الواقع المرير الذي هم عليه، فيتجهون نحو دفع ما ادخروه من أموال أو ما اقترضوه لعصابات الهجرة من أجل هجرة سرية محفوفة بالمخاطر، خصوصا و الأمر يتعلق بأطفال صغار لازالوا لم يستوعبوا فعلا ما هم مقبلين عليه غصبا.
الغريب في كل هذا هو هذا الصمت المكتوم للأجهزة الرسمية المسؤولة، وكذلك فعاليات المجتمع المدني المهتمة بشؤون الطفولة وصمت الاعلام الوطني رغم خطورة الظاهرة و انعكاساتها السلبية الحتمية على مستقبل هذا الوطن.
في انتظار ذلك لا يسعنا القول إلا " كل سنة، عفوا كل دخول مدرسي و المدرسة المغربية من نزيف إلى نزيف".