الخميس 28 مارس 2024
في الصميم

امسحوا التعفن من باب المغرب بالكركارات !

امسحوا التعفن من باب المغرب بالكركارات ! عبد الرحيم أريري

عادة يشهد معبر "الكركارات" دينامية قوية ونشاطا مهما طوال اليوم وعلى مدار السنة. لكن اليوم 22 غشت 2018، يعرف المعبر "صمتا سيبيريا"، بسبب عيد الأضحى، وهي المناسبة المقدسة ليس بالمغرب فقط بل في دول الجوار المسلمة أيضا: موريتانيا والسينغال، تحديدا. وهو مايفسر حالة الجمود التي تطال المعبر اليوم بحكم احتفال السائقين (وهم دينامو الكركارات) في الدول الثلاثة بالعيد، وبالتالي تعطل كل مناحي التموين والنقل بين المغرب وإفريقيا لمدة تفوق ثلاثة أيام.

رغم المجهود الذي بذله المغرب لتحسين بنيات الاستقبال والمرور بالكركارات، فإن ذلك اقتصر على الاستثمار في البنيات الأمنية فقط لضبط ومراقبة محتويات الشاحنات والسيارات خوفا من تهريب كل ماهو ممنوع (مخدرات.. سلاح.. قرقوبي.. سلع مزورة، إلخ...)، لكن المحيط الخارجي للكركارات مازال يحتاج -وباستعجال- إلى تدخلات جراحية لإزالة مظاهر البؤس والحقارة والتعفن عن باب المغرب الوحيد الذي يربطنا مع إفريقيا.

نعم، خاطر مستثمرون مغاربة بمالهم لإنجاز مقاهي ومتاجر وفنادق شعبية ومحطات وقود ووكالات الصرف وغيرها، لكن كل تلك المرافق أنجزت بدون تصميم جمالي وبدون تأطير من لدن السلطة العمومية بشكل يوحي لمن يدخل لبلادنا من الكركارات وكأن المغرب دولة بدون مهندسين وبدون مخططين وبدون ولاة وعمال ووزراء.

فالمغرب وضع كل بيضه في سلة إفريقيا، بل وأحدث وزارة خاصة بإفريقيا، لكن دون أن يواكب ذلك بتنزيل رؤية مندمجة للمجال الحدودي الكركارات الذي يشهد فورة اقتصادية إيجابية، بدليل أن المعبر كانت تمر منه إلى عهد قريب حوالي 50 شاحنة في اليوم. أما اليوم، وحسب ماكشفه لي مسؤول بغرفة الصيد، فالمعبر تمر منه في المعدل 200 شاحنة يوميا.دون احتساب السيارات .وهذا المنحنى مرشح للتصاعد كل أسبوع مع قرار المغرب بناء ميناء جديد وضخم بالداخلة. أي أن القادم من الأيام سترتفع التراقصات بقوة بين المغرب وإفريقيا عبر الكركارات. ومن العار أن يبقى باب المغرب بالجنوب على تلك الصورة المذلة والكئيبة والمقززة.

صحيح إن المنطقة تعج بالألغام التي زرعتها الجزائر والبوليزاريو في زمن الحرب العسكرية بين عامي 1975 و1991، لكن ذلك لا يمنع من تركيز الجهد على المحور الفاصل بين الحدود والطريق المؤدية إلى المهيريز، وخاصة في محيط المعبر الحدودي عبر إعادة تأهيله، لإعطاء صورة مشرفة عن المغرب من جهة ولخلق الانطباع لدى الأجانب الأفارقة الذين يعبرون من الكركارات، أن أقدامهم تطأ أرض دولة عريقة ودولة قوية إقليميا اسمها المغرب من جهة ثانية.

إن تعزيز الحضور المغربي بإفريقيا لا يستقيم فقط بالغزو التجاري والبنكي والاقتصادي، بل ويتطلب الوعي كذلك بدور القوة الناعمة في تعزيز الرأسمال المعنوي للمغرب بالقارة السمراء.