الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

عبد الصمد فلكي :ولوج المتقاضي للعدالة وحاجز الرعاية القانونية لمصلحة المحامي

عبد الصمد فلكي :ولوج المتقاضي للعدالة وحاجز الرعاية القانونية لمصلحة المحامي عبد الصمد فلكي
ان القانون في بلادنا لن يستقيم، و ان العدالة لن تبرز داخل دهاليز المحاكم، مهما كانت هناك اصلاحات، طالما يحرم المتقاضي من عدة حقوق مرتبطة اساسا بشخص المحامي، سواء كان هذا الأخير  كوكيل في القضية او انه هو الطرف التاني فيها.
فالمفروض في المحامي ان يكون حريصا على تحقيق العدالة وتسييد القانون، ذلك ان هناك قانون هو في الاصل دخيل على القوانين، خلق كي يحرم المتقاضي من حقه في مؤازرة محامي ينتمي لنفس الهيئة التي ينتمي لها الطرف التاني في الدعوى  لكونه ايضا  محامي،اتساءل في هذه الحالة ما الفائدة التي تجنيها العدالة التي هي فوق اي اعتبار؟ مهما كانت  المواقف و الاعتبارات او ما يمكن ان يتمخض عن هذا السيناريو؟
كذلك نجد ان القانون يلزم المتقاضي بضرورة مؤازرة المحامي كشرط اساسي لرفع الدعوى او الخوض فيها، بينما نجد نفس القانون بالنسبة لتبليغ الحكم يفرض عليه تبليغه للمدعى عليه الذي يستحيل معه احيانا ايجاد محل سكناه لتغييره في كل فترة معينة من الزمن، وليس لمحاميه الذي فرضه القانون قسرا للمؤازرة رغم عدم الحاجة اليه احيانا،او لثقة المتقاضي في امكانياته الشخصية للدفاع عن ملفه في الدعوى. ذلك المحامي  الذي يعتبر مكتبه محلا للتخابر في القضية طالما هو وكيلا فيها عن الشخص المراد تبليغ الحكم اليه، ثم ان بعضا من المحامين لا ياخذ القضية بنفس الاهمية التي يراها صاحبها وقد لا تزيد عن كونها بالنسبة له حالة ضمن عشرات الحالات التي أوكل للدفاع فيها عن اصحابها، كما انه قد لا  يدفع بدفوعات لو اتيحت لصاحبها الفرصة لدفع بها امام هيئة المحكمة، وكانت سببا في ظهور الحق واحقاق العدالة، كما انه لا يوجد قانون يفرض على المحامي الزامية الحضور في الدعوى التي يتولى فيها الدفاع، و قد لا يبلغ الحكم لموكله او يتخلف عن القيام باجراء مسطري او لا يستغل أجل الاستئناف رغبتة منه في استخلاص باقي اتعابه مشكلا بذلك ضغطا على موكله فتضيع الحقوق من اصحابها بسبب استهثار المحامي الذي يشعر مسبقا انه محصن من اي متابعة بتهمة الاهمال والتقصير وبالتالي لا يخضع للنص الدستوري الذي يقر بمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، هذا دون التحدث عن قضايا التعويض عن الحوادث ومبالغ التامين التي يفعل فيها بعض المحامين افعالا لا تمث بصلة لمفهوم العدالة وفلسفة الحق في شيء، فتسلب حقوق الضحايا من ابناء الطبقة الفقيرة والمسحوقة وحقوق ذويهم.
هذه بعضا من معوقات تحقيق العدالة الحقيقية، وعلاجها يكون حتما و ضروريا لنصل لقضاء نزيه كما يأمل الجميع، وليس فقط ببعض التعديلات والاجراءات البسيطة، والتي تستنزف مزيدا من تحمل الميزانية العامة للدولة بدون فائدة، فلن ننهض ببلادنا على جميع الاصعدة دون ترسانة قانونية فعالة حقيقية، وحقل قضائي لامع، لا نركز فيه فقط على القضاة، ولكن على كل مكونات العدالة، من قضاة ومحامين وادارة واجراءات، وان تكون هناك مجالات واسعة للمتقاضين تيسر ولوجهم للعدالة، وان توضع حدودا للاشتغال تخص المحامين، مع تبعات الجزاء والعقوبة في حالة تضييع الفرص والاهمال او الغش و التدليس والتزوير، فاذا كان القانون يضمن للمحامي حقوقه من المتقاضي، فمن الواجب ايضا ان يضمن القانون حماية للمتقاضي من اي سلوك غير محمود من المحامي، وان لا يسمح له باعتراض طريق المتقاضي نحو العدالة، حتى وان اقتضى الامر مؤازرة محامي ضد محامي من نفس الهيئة، فهذا امر يعود لحرية اختيار المتقاضي، وكفى من الاعراف التي تشكل تضييقا على العدالة، ويجب مراجعة منظور الهيئة لهاته الامور، لان كل الممارسات السابقة والحالية، لم تفد القانون وسريان العدالة في شيء، بالعكس نجد كل هاته الممارسات الشكلية و المعيبة قانونا، هي السبب الحقيقي لشكوى المواطنين من ضعف القضاء والعدالة في المغرب .
 
* عبد الصمد فلكي،دكتور في القانون،اطار عالي بوزارة الاقتصاد و المالية