الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

.. أفلا يستحق البيضاويون شارعا فخما يربط بين المقدس والمدنس؟!

.. أفلا يستحق البيضاويون شارعا فخما يربط  بين المقدس والمدنس؟!

إلى عهد قريب لم يكن أحد يحلم بأن الأوطوروت ستصل إلى أكادير أو إلى وجدة، كما لم يكن أي أحد يحلم بأن جبال الريف سيتم اختراقها لبناء طريق سريع بين الحسيمة وتازة أو لبناء الميناء المتوسطي... لكن بفضل الإرادة وبفضل ابتكار "مونطاج" مؤسساتي ومالي جديد أمكن لنا كمغاربة أن نبتهج لإخراج هذه المشاريع إلى حيز الوجود.

لكن بالمقابل تبقى الحيرة سيدة الموقف كلما عرجنا على أحد أهم الأوراش العمرانية بالبلاد المصاب بـ «الموت الإكلينينكي»، ونعني به ورش المحج الملكي بالدار البيضاء. فهذا المشروع الضخم الذي قدم للمغاربة كأحد المشاريع المهيكلة للتراب الوطني لما سينجم عنه من تجديد النسيج الحضري بأخطر بؤرة حضرية بالبلاد وما سيدره من رواج وثروة وتحريك للاقتصاد المحلي، نجده مجمدا ولم تقو أي إدارة على نفض الغبار عنه لدرجة أن السكان لم يتمكنوا من اتخاذ القرار المناسب بدعوى أن محلاتهم السكنية أو التجارية مشمولة بالهدم والتأهيل وبالمنفعة العامة لفائدة المحج الملكي منذ عام 1989 إلى اليوم.. لدرجة أنهم أصبحوا مثل عرب 1948 بفلسطين. أي لا هم يتصرفون في أملاكهم، ولا الدولة رفعت يدها عن الملف، ولا السلطات العمومية المختصة سطرت ما يجب فعله في تصاميم التهيئة، ولا الشركة المكلفة باشرت عمليات التهيئة، ولا المستثمرون فتح لهم المجال لـ "يشقلبوا ويقلبوا".

والأخطر أن الدولة لما خلقت شركة «صوناداك» عجزت هذه الأخيرة عن تحقيق الحلم، في حين لما ولدت شركة «إدماج سكن» عام 2006 تم تحقيق المعجزات في مجال إيواء ساكني الصفيح، علما أن الشركتين معا خلقتا في حضن وزارة الداخلية!

فالمدراء الذين تعاقبوا على «صوناداك» خمسة: السعيدي والنعيم والليث والحسني ثم المهندس عشفوبي حاليا (هذا الأخير مازال يسير صوناداك رغم تعيينه مؤخرا مديرا عاما لشركة ديار المنصور بالرباط).

والولاة الذين أمسكوا بملفها تسعة، وهم: حمودة، أوشن، مولاي سليمان، بنهيمة، الظريف، القباج، حلب، بوسعيد ثم الوالي خالد سفير حاليا.

ووزراء الداخلية الذين توالوا على منصب رئيس مجلس الإدارة لـ «صوناداك» بلغ عددهم تسعة وزراء، وهم: البصري، الميداوي، جطو، الساهل، بنموسى، الطيب الشرقاوي ثم العنصر فالوزير حصاد حاليا.

والعمال مدراء الوكالة الحضرية الذين كلفوا بإيجاد مخرج لتصاميم التهيئة بلغ عددهم ستة، وهم: الظريف، مجاهد، عارف، إيمنصار، السكروحي ثم الأوزاعي حاليا.

والرؤساء الذين كانوا شركاء في المجلس الإداري بلغ عددهم خمس ولايات جماعية، وهم: السليماني في الولاية الأولى للمجموعة الحضرية، السليماني في مستهل الولاية الثانية وبعد عزله حل محله سعد العباسي، ساجد في الولاية الأولى، ساجد في الولاية الثانية، ثم عبد العزيز العماري حاليا، هذا دون نسيان رؤساء الجماعات في النظام الجماعي السابق على اعتماد وحدة المدينة، وهم: مولاي المامون، والدوبلالي.

أما الحكومات التي تعاقبت على ملف المحج الملكي فبلغت 10 حكومات، وهي: حكومة الفيلالي الأولى، حكومة الفيلالي الثانية، ثم الفيلالي الثالثة، حكومة اليوسفي الأولى، وحكومة اليوسفي الثانية، حكومة جطو، وحكومة عباس الفاسي ثم حكومة بنكيران الأولى وحكومة بنكيران الثانية، أضف لها الحكومة الثالثة لبنكيران التي لم تخرج للوجود بعد.

أي أن كل هذه الطوابق الإدارية، وكل هذه الهندسة الدستورية والقانونية، وكل هذه «الكومندوهات» المعينة والمنتخبة لم تنفع المغاربة في ضمان أبسط حق من حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في التوفر على شارع ملكي يضاهي شوارع كبريات العواصم العالمية، مع ما سيترتب عن إحداث المحج الملكي من فضائل، لعل أهمها ضمان سكن كريم لحوالي 12 ألف عائلة معنية بالمشروع (حوالي 60 ألف نسمة)، وتمكين البيضاويين من وسط مدينة يتوفر فعلا على مقومات التمدن، وجر التراب الوطني بأكمله نحو مدارج التحضر والثراء. فلا شارع محمد السادس الذي احتله الباعة المتجولون، ولا شارع لاكورنيش الذي احتله قناصو المؤخرات، ولا شارع محمد الخامس الذي اغتالته بناية لينكولن، ولا شارع الحسن الثاني الذي لا يقود إلا إلى عاصمة الذبيحة السرية بدرب الزاوية، ولا شارع الجيش الملكي الذي احتله سائقو شاحنات الحاويات، يؤمن هذه الوظيفة وهذا الدور.

أفلا يستحق البيضاويون شارعا يربط بين المقدس (مسجد الحسن الثاني) والمدنس (وسط المدينة) لإحداث المصالحة بينهم وبين البحر!؟

أجيبونا يا خبراء الهندسة والتعمير والتدبير، ويا أيها الماسكون بالقرار!