الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

لزرق: إقحام الشباب في صراع الاستقطاب بين العثماني وبنكيران دليل عدم استيعاب الحزب لرسالة خطاب العرش

لزرق: إقحام الشباب في صراع الاستقطاب بين العثماني وبنكيران دليل عدم استيعاب الحزب لرسالة خطاب العرش رشيد لزرق، خبير في الشؤون الدستورية

يعتبر الدكتور رشيد لزرق بأن الملك طرح في خطاب العرش، ضرورة استقطاب الكفاءات لتأطير الشباب، و التي تصب في اتجاه ضرورة إعادة تشكل المشهد الحزبي، عبر تشبيب الأحزاب بتجديد أساليب وآليات اشتغالها، عندما قال «والواقع أن الأحزاب تقوم بمجهودات من أجل النهوض بدورها، إلا أنه يتعين عليها استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، لأن أبناء اليوم هم الذين يعرفون مشاكل ومتطلبات اليوم. كما يجب عليها العمل على تجديد أساليب وآليات اشتغالها».

وأضاف الخبير في القانون الدستوري بأن هذا يتأتى بالقطع مع الممارسة السياسية بمنطق التكتيكات، كمسار لتثبيت الخيار الديمقراطي وتقوية المؤسسات، لكن هذا المطلب هو الذي لم تستوعبه شبيبة العدالة و التنمية، و التي تفترض الانتقال من منطق الفرد لمنطق المؤسسة، كما أن شبيبة العدالة و التنمية التي تردد شعارات تميل إلى لغة المزايدة، في إطار حرب بالوكالة بين بنكيران و العثماني في من يقود الحكومة.

 وأوضح لزرق أن العثماني، رئيس الحكومة، وإن نجح في الحصول على دعم حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، بحكم السياق الدولي، فإنه فشل في الحصول على دعم الذراع الشبيبي والذراع الحقوقي والذراع النسوي، مما يؤكد بالملموس أن الاستقطاب الدائر داخل العدالة والتنمية يرفض أصلا فكرة التمايز بين السياسة والدعوة، هذا إذا ما افترضنا أن سعد الدين العثماني من منظري فكر الدمقرطة داخل التنظيم الحركي وليس بنكيران.

والمؤسف، يتابع الدكتور رشيد لزرق، هو أن الصراع الدائر اليوم داخل العدالة والتنمية لا يتعلق بدوران النخب، لأن هذا الأمر يفرض تجديد الأفكار والمشاريع والقيام بالمراجعات اللازمة والنقد الذاتي البناء وفصل المجال الدعوي عن الفضاء الحزبي، وذاك ما لا نجده في ما يسمى بالنخب الشابة داخل العدالة والتنمية، ويشرح ذلك أن هناك فقط ما يمكن أن نصطلح عليه سيكولوجيا "شباب يستنسخ عقلية شيوخ". فلا نجد ذاك الاقتصادي البارز الذي يحمل برنامجا اقتصاديا، ولا ذاك الحقوقي المؤمن بحقوق الإنسان وحرية المعتقد، ولا ذاك القيادي المتخلص من الأساطير المؤسسة للجماعة الأم، فشتان بين الاستنساخ والتجديد.

لذا، يمكن القول، يستطرد محدثنا، إن الديمقراطي الذي يحق له إصدار الأوامر والنواهي، حتى ولو جاءت ضد قيم وروح الديمقراطية، وعارضت الحريات والحقوق، لأن ثقافة الزعيم تتعارض مع فكرة المؤسسات. وهذا ما وقع للجناح البنكيراني داخل العدالة والتنمية، الذي يختزل الديمقراطية في التمديد لشخص بنكيران.

و يبرز لزرق أن ذلك يعود ولاشك إلى جملة من الأسباب والمبررات، منها غياب مفهوم الديمقراطية المرتبطة بالمؤسسات، وحصر مفهوم التعاقد في الولاء الأعمى للزعيم، حينها يصبح أي رأي مخالف لرأي الزعيم خيانة عظمى، وهذا المفهوم هو ما حاول بنكيران تكريسه في لاوعي شباب حزب العدالة والتنمية.

 ويخلص المحلل السياسي رشيد لزرق إلى أنه مما سبق، يتضح أن تطبيق مبدأ دوران النخب داخل الأحزاب السياسية، وما تثيره من قضايا فرعية تعد من أهم القضايا التي يطرحها واقع الشأن السياسي الشديد التعقيد، وما تفرزه هذه القضية من ظواهر، بعضها طارئ عن الفعل السياسي، والبعض الآخر معتاد عرفه الفعل السياسي في السابق وعانت منه المنظومة الحزبية، رغم تخيل البعض انتهاءه وعدم عودته مجددا.

 وكل هذا يعبر عن حاجة الفعل السياسي لفهم حقيقي لما تعانيه المنظومة الحزبية من انتكاسات على مستويات عدة، ومحاولة الوصول إلى حلول فعلية للمشكلات، التي تواجهها الأدوات الحزبية، التي تدفع باتجاه استخدام العنف اللفظي والتعبيري للوصول إلى السلطة، وتجعل المؤسسة الحزبية تبتعد عن دورها الطبيعي، وهو الدفاع عن مشاريع مجتمعية بما لا يسمح، من ناحية، بتطور هذه المؤسسة بصورة طبيعية، ويؤدي، من ناحية أخرى، وفي الوقت نفسه، إلى إساءة استخدام هذه القيادات للأداة الحزبية، وهو ما ينذر بمزيد من المسخ السياسي، وبتهديد أخطر للاختيار الديمقراطي.