الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف لمبرع: الأعياد الوطنية وكتائب الجماعة

عبد اللطيف لمبرع: الأعياد الوطنية وكتائب الجماعة عبد اللطيف لمبرع

ككل المناسبات الوطنية التي يطل فيها ملك البلاد من خلال وسائل الإعلام أو الاحتفالات الرسمية، تتجند الميليشيات الإعلامية للجماعة بكل ما أوتيت من قوة البهتان و التيئيس لتبخس كل عمل كبر أم صغر شأنه، كان مصدره "المخزن الظالم" أو حكومة "الإسلاميين الرجعية الموغلة في الانبطاح"... ولأن الوهم ما يفتأ أن ينطلي على صاحبه ويعميه عن رؤية الواقع، فإن كتائب الجماعة استغشى نظرها سراب من قبيل مسخرة القومة والرؤية الجماعية للرسول في المنام، فصارت تركب كل موجة فيها تعبير شعبي عن السخط من الأوضاع الاجتماعية، وتسبح في الوقت ذاته ضد التيار إذا امتزج ما هو شعبي وما هو رسمي في طقوس أو أحداث يحفظها المغاربة في أعرافهم بتلقائية ودون خلفيات سلبية ولا أبعاد مسيسة..

والطامة الكبرى، أن تضخم الأنا عند الميليشيات المذكورة ومن يمسك خيوط تحريكها، جعلها تعتقد أن الجماعة وحدها تمتلك الحقيقة، وتمتلك الصواب، وتمتلك القراءة السليمة، وتمتلك الحلول السحرية، بل وتمتلك احتكار تمثيل الشعب (أي شعب؟!) مادام اليمين مستلب الإرادة، والوسط فاسدا ومفسدا، واليسار فاقد الشرعية، وأقصى اليسار فاقد الأهلية، والإسلاميون مخادعون منبطحون للسلطان... وحدها الجماعة وقادتها الأبرار وملائكتها المسومون وفكرها النير تمثل المخرج من الضلال، والطريق إلى النور والمعبر إلى الجنة في الدنيا قبل الآخرة، في الدنيا حيت الخلافة الراشدة سوف تكتمل في أرض المغرب، ويبعث الله من يجدد به الدين (من الجماعة طبعا) ليقود بها الناس إلى الهدى، وإلى الصفاء، وإلى الرفاه، ثم إلى درجة الكمال الذي ليس بعده الا مجاورة الأنبياء والقديسين في دار الآخرة !  

إن الهديان الذي يصيب ميليشيات الجماعة وصحفيي الطابور الخامس من مريديها الطيعين، كلما حلت بالبلد مصيبة أو كلما وقف المغاربة وقيادتهم الشرعية عند دلالات حدث وطني أو ديني، يبعث، في الآن ذاته، عن الشفقة و الاشمئزاز... والجماعة كمكون سياسي رافض للمؤسسات توشك أن تصبح خارج السياق، لأن المغاربة حسموا بشكل قطعي في مسألة نظام الحكم الذي يرضون، وتضع نفسها في معزل عن واقع يتحرك لا محالة، لكن ليس في اتجاه التسليم بخرافاتها وأوهامها، وتوشك أن تجعل نفسها ضد الجميع، لأنها ترمي الجميع بالحجر وتخصص (البراز) لمن خالفها أو انتقدها... فاتقوا الله في هذا الوطن يرحمكم الله.