هناك مثل صيني يقول : " إذا كان هناك طعام فليأكل منه الجميع " ، و الطعام هنا بمفهومه العام يعني الإمكانيات و الثروات التي يتوفر عليها أي بلد ، و الأكل هنا يعني التوزيع العادل لهذه الإمكانيات و الثروات .
موضوع هذا التقديم ما نعيشه ببلادنا منذ عقود من تناقض صارخ و تفاوت كبير بين أقلية قليلة تستحوذ على إمكانيات و ثروات بلادنا ، و أغلبية تعيش الحرمان و الفقر في أبشع صورهما .
و رغم هذا التناقض الذي يهدد باستمرار تماسكنا الإجتماعي و الاستقرار الذي نحرص عليه كمواطنين لنا غيرة على وطننا ، فإنه لا يبدو في الأفق أن هناك إرادة سياسية لدى أصحاب القرار ببلادنا ، دولة و حكومة ، لكي يغيروا من سياساتهم الحالية بما يقلص هذه الفوارق الصارخة في كل شيء ، في السكن و التعليم و الصحة و التغذية و النقل ...و الدليل على ذلك ما نعيشه من تغييب للمحاسبة و المراقبة و من تجاهل للشعار الذي ظل يتردد لعقود دون أن يجد طريقه إلى التطبيق ، و هو شعار " من أين لك هذا ؟ "
لذلك فإنني أرى أن المطلب الذي يجب أن يتصدر في الوقت الراهن لائحة مطالبنا الطويلة ، هو التوزيع العادل لثروات و إمكانيات بلادنا الكثيرة و المتنوعة ، لأن هذا المطلب يشمل كل الحقوق التي ناضل شعبنا منذ عقود و لا زال يناضل من أجل تحقيقها ، و على رأسها ضمان شروط العيش الكريم لكافة المواطنات و المواطنين ، من تغذية و سكن لائق و علاج مجاني و تعليم مجاني و جيد لأبنائهم ، إلى جانب توفير فرص الشغل للمعطلين و ضمان أجر عادل للعاملين .
كما يقتضي هذا المطلب ، أي التوزيع العادل ، بناء دولة الحق و القانون بكل ما تعنيه هذه العبارة من حرية و كرامة و عدالة اجتماعية و ديمقراطية .
قد يبدو تحقيق هذا المطلب بعيد المنال اليوم ، و لكنه مطلب مشروع ، لذلك فإنه لا بد من تحقيقه في يوم من الأيام ، و هذه اليوم من الأيام تقع علينا جميعا مسؤولية تحديد مدتها ، طولا أو قصرا ، فلنختر بمحض إرادتنا النضال من أجل توزيع عادل لثورات و إمكانيات بلادنا التي لنا جميعا الحق في الاستفادة منها ، أو لنستمر في لامبالاتنا و سلبيتنا مع استمرار الوضع على ما هو عليه .
بأيدينا الاختيار ...
كتاب الرأي