الثلاثاء 7 مايو 2024
فن وثقافة

ابن بطوطة المغامر البحري بمعهد العالم العربي

ابن بطوطة المغامر البحري بمعهد العالم العربي

ابن بطوطة يحط الرحال بمعهد العالم العربي، في رحلة بحرية تدوم عدة شهور من 15 نوفمبر 2016 إلى 26 فبراير 2017 وهي من انتاج مشترك مع متحف حضارات أوروبا والبحر الأبيض المتوسط ( بمرسيليا).
ابن بطوطة من أهم الرحالة في العصور الوسطى ومغامراته البحرية تُحكى لنا في المعرض عبر تقنية خيال الظل في شريط مصغر بالمعرض يبين لنا روائع الرحلة التي قام بها هذا المغامر والمكتشف المغربي المتميز في عصره. وهكذا نكتشف حجم الملحمة الرائعة للتبادلات التجارية البحرية منذ عهد الخلفاء حتى عهد المدن التجارية، حيث ان ركوب البحر غير وطور الحضارات الانسانية مند القدم حتى اليوم.
المعرض يحكي رحلة بحرية عبر عدة قرون من سندباد الى ماركو بولو أي الفترة الذهبية التي كان فيها العرب اسياد البحر،هذه الحقبة التي اضاءت ظلمات البحر شارك فيها مغامرون مغاربة سواء بالمعرفة او ركوب السفن، نذكر منهم الجغرافي الشريف الإدريسي (حوالي 1100-1165) مؤلف أطلس شهير للعالم، الذي رسم خرائط الكون في القرون الوسطى اللاتينية والعربية، خرائط الملاحة البحرية وخرائط العالم ودراسات الفلك تجتمع كلها تحت نجوم سماء تعليمية تفاعلية" والشريف الادريسي بعمله على الخرائط بين ان التقدم في رسمها يمكن من السيطرة على المساحات بشكل فعال. بالنسبة لرئيس معهد العالم العربي جاك لونغ ان انجاز هذا اللقاء حول العرب وركوب البجر يسير عكس الاتجاه اي " ضد التيار والأفكار السائدة والتي تعتبر العالم العربي مرتبط بالصحراء،طبيعيا هذا امر صحيح، لكننا لا نعرف الى أي حد ان الشعوب العربية مرتبطة بالصحراء بقدر ارتباطها بالبخر ايضا،ونبرز من خلال هذه التظاهرة المغامرات الكبرى لركوب البحر التي قام بها العرب وخاصة في المحيط الهندي والبحر الابيض المتوسط "
من خلال التجول في مختلف مرافق هذا المعرض نكتشف ان العرب سيطروا منذ بداية الإسلام على الطرق البحرية من الخليج العربي إلى الصين. هذا الجزء من التاريخ يوضحه لنا ما وجد من حطام السفينة العربية الغارقة في جزيرة بيليتونغ في اندونيسيا والذي يعود بنا إلى القرن التاسع، بالإضافة إلى السيراميك والقطع الفنية والمخطوطات والعملات .
بعدها سيأتي زمن التوسع الأوروبي وبدايات الفصل الأول من "العولمة " يعرضها علينا في الجزء الأخير من الرحلة دليلان: البحار والدبلوماسي الصيني تشنغ خيه (1371-1433) والملاح البرتغالي فاسكو دو جاما ( 1460-1524).

في آخر الرحلة سيأتي زمن شركات الشحن البحري الكبرى ومعها تنتهي مغامرتنا البحرية لندخل العولمة بمفهومها المعاصر والتي اصبحت هي الاخرى تتثر نقاشا عكسه انتخاب الامريكيين لرئيس يريد الخروج من العولمة التي قادت بلده الى تزعم العالم.

"في هذا المعرض تقول ورقة التقديم " نركب البحار مع السندباد البحري الأسطوري والإدريسي الجغرافي وابن بطوطة الرحالة الشهير وآخرين غيرهم من العرب أسياد البحار، بالإضافة إلى الملاحين الأوروبيين الكبار الذين خاضوا مساراتهم في رحلات رائعة حملتهم من البحر الأبيض المتوسط حتى أطراف المحيط الهندي. نكتشف هذا العالم ونشارك في مغامرة بحرية استمرت منذ بدايات الإسلام حتى مطلع القرن السابع عشر، في مسار متميز يجمع بين الصوت والصورة والتقنيات البصرية."
المغرب حاضر ايضا في هذا المعرض من خلال خرائط الشريف الادريسي ومن خلال تقديم رحلة بن بطوطة يقو لرئيس المعهد حول ذلك " المعرض يبرز الرحلة الاستثنائية التي قام بها ابن بطوطة الذي يعتبر الشخصية المركزية لهذا المعرض ويتم تقديم مغامرته البحرية ورحلاته من خلال تقنية خيال الظل التي تستعمل في المسرح،وابن بطوطة المرتبط بالمغرب جد معروف بالعالم العربي وكذلك بالغرب."ونتساءل حول الحب في الاكتشاف الذي سكن هذه الشخصية في رحلته عبر العالم "

هذا المعرض ينقل لنا " حكايات رائعة لرحلات تنقل إلينا أخبار التبادلات التجارية بين بحار العالم، يشاركنا فيها رحالة مشهورون من خلال شهاداتهم عن هذه المغامرات ويقودوننا إلى نقطة اللقاء بين ذهب أفريقية وفضة الغرب، بين القطع النقدية اليونانية وألماس غولكوندا الهندية، بين الأدوات الزجاجية من الاسكندرية والبندقية وبوهيميا والخزف والحرير والتوابل من الصين.."
يتم تقديم ذلك من خلال وثائق وصور وبقايا السفن التي تم العثور عليها يقول جاك لونغ،ويضيف ان البحار كانت قضاء للعنف وللقاء ايضا،وهؤلاء المغامرون البحريون العرب انطلقوا لاكتشاف العالم في فترة كان فيها العالم العربي يعرف ازدهارا في مختلف العلوم وفي جميع المجالات."
هذا المعرض يكشف لنا مخاطر ركوب البحر التي كان يتعرض لها هؤلاء المغامرون العرب والرحالة والتجار " نرحل مع سندباد ألف ليلة وليلة، لنكتشف البحر المرعب الذي يحوم حوله طائر الرخ المخيف. تسكنه وحوش البحر كما نراها في منمنمات كتاب "عجائب المخلوقات" للقزويني. نجد هنا تماثيل صغيرة ولوحات فنية وتعاويذ ومنمنمات لاتينية وعربية للتركيز على البعد الصوفي في الطقوس الدينية التي تبعد مخاطر البحر. فقد تكون هذه الأخطار اختباراً إلهياً ولكنها أيضا حقيقة يجب مواجهتها والاستعداد لها، والبرهان هو شهادة الجغرافي الأندلسي ابن جبير (1145-1217)، الذي يحكي لنا قصة مرعبة عن غرق سفينة وسط العاصفة.."

" كي تركب البحر عليك أن تتعلم كيف تسيطر عليه. بعيداً عن العواصف المهددة، نتعلم مع الملاح ورسام الخرائط ابن ماجد (1432-1500)حركات البحارة ونتأمل عجائب أدوات الملاحة ونكتشف تطور السفن في مسار اكتشافي توضحه مصممات النماذج المتعددة. "
وفي ختام هذه الرحلة البحرية بمعهد العالم العربي صرح لنا جاك لونغ " ليس هناك اقبح من الجهل، والعالم العربي كان فضاءا للمعرفة والعلوم،والمعهد هو هنا من اجل فتح فضاء للحوار واللقاء بين الحضارات.وتغيير الصورة التي تقدمها لنا وسائل الاعلام حول العالم العربي والتي تبرز فقط العنف والتطرف، هو موجود بالتأكيذ ولكن في نفس الوقت هناك اشياء جميلة ومتعددة بهذا العالم العربي يجب التعرف عليها واكتشافها".