الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

لزرق: ما توبع به نشطاء الحراك يقلل حظوط استفادتهم من العفو التشريعي

لزرق: ما توبع به نشطاء الحراك يقلل حظوط استفادتهم من العفو التشريعي رشيد لزرق خبير في الشؤون الدستورية والبرلمانية

ولو أن مناسبة الشرط كانت هي الأحكام التي صدرت، يوم الثلاثاء 26 يونيو 2018، في حق معتقلي أحداث الحسيمة، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، وما تناسلته من ردود فعل مدنية وحقوقية بالأساس. غير أن إقدام النائبين عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عمر بلافريج و مصطفى الشناوي، على تقديم مقترح قانون للعفو العام، كان حجر الركن في بناء العديد من التساؤلات عن هذه البادرة، وتميزها قياسا بالعفو الملكي الخاص. وعليه، ارتأت جريدة "أنفاس بريس" ومن منطلق عدم ترك تلك الأسئلة معلقة، لقاء الباحث في العلوم السياسية والمتخصص في القانون الدستوري، رشيد لزرق، لغرض تسليط المزيد من التوضيح بشأن الموضوع.

++ ماهي قرائتك لمقترح قانون العفو المعروض على البرلمان؟

+ القصد أكيد هو مقترح قانون الذي تقدم به نائبين من فيدرالية اليسار. لذلك سأحاول تفسير هذه الآلية على اعتبار أن هناك فرق بين العفو الملكي و العفو التشريعي. فالملك له حق العفو الخاص بصفته رئيس الدولة، و حق العفو العام باعتباره الممثل الأسمى للأمة. أما العفو التشريعي الذي تقدم بمقترحه النائبين، فالمراد منه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال المجرِّمة أصلاً. ويصدر هذا النوع من العفو بقانون عن السلطة التشريعية، فيشمل جريمة أو عدداً من الجرائم، ويكون من شأنه محو الصفة الجرمية عن بعض الأفعال. والهدف من العفو التشريعي هو إسقاط المتابعات على بعض الجرائم التي ارْتُكِبَتْ في ظروف سيئة غالباً ما تكون مرتبطة بفترات الإضطراب السياسي، أو الجرائم السياسية والجرائم ضد السلم المجتمعي وبعض الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي. ويتصف العفو التشريعي بطابعه الموضوعي؛ حيث يستفيد منه جميع المشاركين في الجرائم التي شملها العفو، كما أنه من حيث طابعه الجزائي فتقتصر آثاره على الصفة الإجرامية للفعل دون المساس بالحقوق الشخصية للمجني عليه. ويسري العفو التشريعي كذلك بأثر رجعي بمحو الصفة الجرمية عن الفعل منذ تاريخ ارتكابه. وعليه، فإن العفو الخاص بخلاف العفو العام، بحيث يؤثر في العقوبة فحسب، ولا يمتد أثره إلى الجريمة، فالعفو الخاص يُسْقِطُ العقوبة، ولا يسقط الحكم، ويمكن أن يصدر إما بإسقاط العقوبة كلياً أو جزئياً أو استبدالها بعقوبة أخف منها، ومن ثمَّ يدخل الحكم في احتساب التكرار واعتياد الإجرام، وفي أحكام وقف التنفيذ ووقف الحكم النافذ.

++ ما هي المرجعية الدستورية للعفو التشريعي؟

+ أعطى الفصل 58 من دستور 2011 للملك حق العفو، بينما منح الفصل 71 للبرلمان حق العفو التشريعي من خلال تنصيصه على ما يلي: "يختص البرلمان بإصدار القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور مثل العفو". وبالتالي منح الدستور للبرلمان بشكل صريح هذا الإختصاص المتعلق بممارسة حق العفو العام من خلال إصدار نص تشريعي. و مسألة العفو من ناحية المفهوم والمرجعية الدستورية، تبرز أن العفو الخاص يلغي كليا أو جزئيا العقوبة عن المحكوم عليهم دون محو الطابع الجرمي الذي ارتكبوه، بينما العفو التشريعي يمارسه البرلمان بإصدار نص تشريعي يسقط الصفة الجنائية عن الأفعال المرتكبة من طرف المتابعين. فالعفو التشريعي، يكون على شكل قانون يصوت عليه البرلمان، و الذي يرمي إلى إزالة الصفة الجنائية تماما عن الفعل المرتكب ومحو أثاره، سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها وقبل صدور الحكم أو بعد صدوره، فهو بذلك يوقف إجراءات الدعوى والمحاكمة ويمحو العقوبة في أي مرحلة تكون عليها الدعوى سواء قبل رفعها أو بعد تحريكها أو بعد صدور الحكم النهائي. غير أن هناك صعوبة، في أعمال العفو التشريعي بخصوص معتقلي أحداث الحسيمة، وذلك للأسباب التالية: كون العفو التشريعي سيزيل الصفة الجنائية كليا عن الأفعال المرتكبة ويمحو أثارها سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها وبعد صدور الحكم أو بعد صدوره. فهو بذلك يوقف إجراءات الدعوى والمحاكمة ويمحو الإدانة و العقوبة، ويستفيد منه مرتكبو جرائم معينة دون تسميتهم أو تعدادهم أو تحديدهم بصفة شخصية، كما يستفيد منه أيضا الشركاء والمتدخلون والمحرضون، وهو بالتالي يشمل العقوبات الأصلية والفرعية والإضافية.

لماذا يصعب إعمال العفو التشريعي في معتقلي الحراك؟

+ يصعب إزالة الصفة الجرمية على الأفعال الخطيرة المرتكبة  كالتي توبع بها نشطاء الحراك، و تمت إدانتهم بموجبها بها ابتدائيا، وهي الأفعال المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي. والمتمثلة في تهديد سلامة واستقرار الدولة ومحاولة القتل العمد، وعرقلة سير ناقلة بغرض تعطيل المرور، وإيقاد النار عمدا، والقيام بشكل متعمد بتهديدات وأعمال عنف ضد الموجودين على متن طائرة. وهي كلها أفعال منصوص عليها وعلى عقوبتها على اعتبار أن القاعدة القانونية تبقى مجردة وعامة و لا يمكن أن تكون موجهة لأشخاص بعينهم.

و عندما يصدر العفو من البرلمان، فهو يقوم بواسطة نص بمحو الجريمة بأثر رجعي، وتزول معه العقوبة على الأشخاص المحكوم عليهم، ويعتبرون كأنهم لم يرتكبوا أية جريمة. بخلاف العفو الخاص الذي يحصر آثاره في إسقاط العقوبة، أو التخفيف منها، أو استبدالها بعقوبة أخرى أخف، أو استبدالها بعقوبة أخرى. كما أن العفو الخاص لا يمحو الصفة الجنائية عن الفعل المرتكب ولا يؤثر على ما ينتجه الفعل من أثار، وإنما يؤدي إلى انقضاء حق الدولة في تنفيذ العقوبة أو جزء منها.

والعفو الخاص، يصدر بموجب إرادة ملكية سامية باعتباره رئيس الدولة كمنحة يمنحها إلى أفراد معينين بصفتهم الشخصية لغايات إصلاحية ونبيلة وتزول بموجبه العقوبة عن المحكوم عليهم كلها أو بعضها، أو يتم تخفيفها أو استبدالها بعقوبة أخرى يكون باسم أشخاص محددين ولا يستفيد منه إلا من صدر باسمه أو حدده العفو الخاص. فهو لا يشمل إلا العقوبة الأصلية.

وفي الأخير، فإن العفو العام والعفو الخاص لا يؤثر على المطالبين بالحقوق المدنية الناتجة عن الفعل المرتكب من قبل المحكوم عليه، وتبقى الالتزامات المدنية. كما يستطيع أصحاب هذه الحقوق المطالبة بها بدعوى مستقلة، على أن محكمة الاستئناف هي صاحبة الاختصاص بالنظر في الشق المدني.