الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف برادة:عباقرة هزموا اليأس

عبد اللطيف برادة:عباقرة هزموا اليأس عبد اللطيف برادة
قد تتساءل أيها القارئ عن سبب اختياري لهدا الموضوع… ذلك أنني بكل بساطة أردت أن أبعث برسالة آمل لكل إنسان استسلم لليأس أردته كذلك أن يتأمل قصة أحد هؤلاء العظماء، الدين تغلبوا على لحظات القنوط والظلام إلا هو ابراهام لنكولن اسم علم أضاء سماء وطنه إنه أحد العباقرة الذين تفوقوا على أنفسهم وأحبوا الإنسانية وبذلوا أنفسهم عنها فاستحقوا أن نكتب قصة حياتهم لتكون نموذجا لكل إنسان حتى ينجح في اكتشاف ذاته ويسعد بنجاحه في إسعاد الآخرين وكيف لا وهو الذي جعل من شعاره هده المقولة "“ الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح”.
إنه ابراهام لنكولن الذي لم ينس أبدا طول حياته تعاليم الإنجيل بل كان يحولها لسلوك شخصي فكان يزهد في المال والجاه ويعطف على الفقراء ولا يؤمن بالرق ولم تغير الرئاسة شخصيته، بل ظل بسيطا متواضعا يفتح قلبه للجميع وباب داره للفقراء مما كان يثير غيظ زوجته الارستقراطية وأول ما فعله اليوم الذي تولى فيه الرئاسة هو زيارة زوجة أبيه وفاءً لها وكان الجو قاسيا ولم يتمكن من استقلال سيارة إلى هناك، فركب قطار البضاعة فذهب إليها وقبل يديها وتناول معها العشاء.
حارب الرق والعبودية، فتزعم حركة تحرير العبيد من كلماته: (إن أعظم أجر يتقاضاه المحامي ليس هو المال بل دفاعه عن متهم برئ أو فقير مظلوم أو يتيم أو أرملة فدافع عن آلاف المظلومين ورفض أن يتقاضى أتعابا من الفقراء، وعرف بوطنيته وإيمانه وحبه للناس ودعي محرر العبيد، فالتف حوله الجميع وأنتخب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام 1861
كان همه الوحيد إلغاء الرق (العبودية) وقد لاقى صعوبات كثيرة في سبيل ذلك فكان شعاره: (إن الناس ولدوا أحرارا فكيف نجعلهم عبيدا؟ ولم يميز نفسه عن الآخرين، فقد كان يقول كذلك: لأني غير مستعد لأن أكون عبدا، فإني أرفض أن أكون سيدا أيضا..
واسمح لي أيها القارئ الكريم أن أتوقف هنا واترك ابراهم لنكولن يعبر عما بنفسه وهو يحكي..
عرفت معنى الحرمان منذ طفولتي، فقد ولدت في كوخ متواضع ليس به سوى مقعد خشبي وسرير من جذوع الأشجار ووسادة من القش، وكان أبي يعمل مزارعا تارة ونجارا تارة أخرى، وبرغم إنه كان أميا إلا أنه حرص على ذهابي للمدرسة فتفوقت وأحببت قراءة الكتاب المقدس إلا أني كنت أكره الظلم والاستعباد.
شهدت طفولتي عاصفة أخرى، فقد ماتت أمي وأنا في التاسعة من عمري ولا أنسى أبدا تلك الليلة التي جلست فيها مع أبي لنصنع تابوتا خشبيا ندفن فيه أمي، كم بكيت وأنا أفكر في محبة الأم وزاد من صعوبة الأمر إني سمعت من أصدقائي أن أبي سيتزوج من سيدة لها 3 أطفال، فحزنت كثيرا واعتقدت إن الله قد تركني ولكن الإنسان قصـير النظــر دائما لا يعـرف إن الله يــدبر له الخير، فقد كانت زوجة أبي إحدى نعم الله علي، كانت سيدة متدينة تحب الجميع وتهوى القراءة خاصة قراءة الكتاب المقدس..
هل يتصور أحد إنها كانت تدافع عني وتوبخ ابنها في أي مشاجرة بيننا؟ بل إني لن أنسى لها يوم أراد أبي أن يجعلني نجارا مثله ووقفت هذه السيدة العظيمة تتوسل إليه أن يدعني أكمل دراستي فأكملت دراستي بجانب مساعدتي لأبي في عمله الزراعي وحرث الأرض وجني المحصول ودرست القانون وأصبحت محاميا ورشحت نفسي للانتخابات لكني فشلت، ولكن الأيام علمتني ألا أيأس أبدا، فعكفت على تعلم قواعد اللغة الإنجليزية ورشحت نفسي ثانية ونجحت..
هكذا حارب هدا الرجل العظيم اليأس والفشل وسجل أسطورة نجاحه بكل إرادة وتصميم فإنه حري به أن يكون عظيما، حتى وإن كان إنسانا بسيطا في نظر الآخرين...!!!
تعلم أيها القارئ بأن الإنسان الناجح لا يستسلم أبداً لأعاصير اليأس والفشل..
تأمل آيات القرآن الكريم التي تدعوك لعدم اليأس من رحمة ربك البر الرحيم، واهتف بصدق يا رب امنحني القوة وكن لي خير معين..
أبحر مع أبيات الشعر ودعها تنساب في أعماق نفسك المتعبة، حين تحاصرها قيود اليأس وانطلق معها بأمل نحو الأفق الرحيب..
عش بأحاسيسك مع قصص هؤلاء العظماء.. استشعر بعمق تلك اللحظات اليائسة من الفشل واليأس التي كانت تحاصرهم بكل قسوة، وكيف حطموها حين آمنوا بالمواجهة ولم يرضوا بالاستسلام...
واقطف من بساتين الحكماء رحيق تجاربهم، وصدق أقوالهم التي صقلتها أعاصير المعاناة، فسكبوها لنا بكل أمانة في كؤوس بلورية من الحكمة وصدق القول..
… تذكر أيها القارئ أن لا شيء يستحق أن تتوقف عنده طويلا، أو أن تعلن انهزامك واستسلامك من أجله… لأن الفاشلين فقط هم من يفعلون
انفض عنك غبار اليأس… وتعلم أن تنهض دائما كلما كبوت..
أخيرا أيها القارئ لتدرك أن الفشل لا يعني نهاية العالم بل ربما هو الخطوة الأولى نحو درب النجاح..