الاثنين 20 مايو 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: الوطن بين تماهي المسؤوليات وخوصصة الحمايات

 
 
مصطفى المنوزي: الوطن بين تماهي المسؤوليات وخوصصة الحمايات

اذا كنا عاجزين عن تأطير الحراك الحزبي والنقابي، فلا حق لنا في مزيد من تحريض الجماهير للانتفاض في قضايا فئوية تو عامة، نحو المجهول وضد جهة او جهات غير معلومة، فقد ادت فئات المجتمع محددة كلفة باهظة، من اجل التحرير والديموقراطية، ولعل مثال العدد الكبير من شهداء الوطن الذين افدوه بدمائهم وارواحهم، بغض النظر عن اعطاب ومخلفات القمع والتعذيب الوحشي والممنهج الدولتي وغير الدولتي، الذي تعرض له الوطنيون والمناضلون، وفي ظل غياب اية اجراءات وضمانات عدم تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ، ينبغي طرح سؤال الحماية والوقاية، ففي الماضي القريب، كانت الدولة تمارس العنف الممنهج ضد معارضيها وخصومها السياسيين، حيث كان الصراع تناحريا وواضحا بين الاطراف المتنازعة حول شرعيات متباينة ومستندة كل واحدة على مرجعيات سياسية وفكرية متناقضة. فما الذي تملكه الهيئات السياسية والثقافية والاجتماعية والحقوقية، سوى التضامن ورصد الخروقات ونقد ونقض الانتهاكات، مادامت فقدت اغلبها بوصلة المسير والمسار، فمن لا يملك القدرة على التعبئة والتأثير، لن يملك الاستطاعة على ضبط الايقاع الثوري وبالأحرى التأطير والتحكم، اللهم التهييج او امتصاص النقمة، في ظل التنازع بين مكونات الدولة نفسها حول من سيتحكم في تعبيرات المجتمع.

من هنا وجب الانتباه الى ان فاقد الشيء لن يعطيه، فمهما بلغت درجة التدليس والتزوير للارادات، لا يمكن تجاهل هشاشة الوضع التنظيمي وتردي الأهلية السياسية وقصور النفس الثقافي لحاملي مشاريع التغيير او الاصلاح حتى، لذلك فالدولة نفسها معنية بمزيد من الحكمة والحكامة، في ظل ارتهان الوطن والدولة وتعبيرات المجتمع لارادات جبرية، اقتضها تبعيتنا الاقتصادية والمالية والدينية والحزبية والسياسية للخارج والخوارج، وتبعا لوعي الجميع بهذا التشخيص والمصير، وجب تفادي الاستهتار بقيمة اية جذوة من شأنها اشعال الفتنة، وذلك بالتصميم على مواصلة تكريس المفهوم الجديد للعدل في اتجاه الاعتراف والانصاف، وهو مدخل للبناء الديموقراطي، لان الاقتصار على مناهضة الفساد وحده مجردا، لن يستئصل جذور الاستبداد، ما دام الفاعلون الحقيقيون يتطاوسون داخل المربعات، في ثوب الحمائم تارة وأخرى في زي الصقور، فهل يكثرون لسؤال مصير الوطن لما بعد الدولة؟ ومن سيدق ناقوس العدالة ويعلق جرس الدفاع عن الوطن، في ظل تماهي المسؤوليات وخوصصة الحمايات؟