الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف أكنوش:"سكرات موت" أحزاب الحركة الوطنية...

عبد اللطيف أكنوش:"سكرات موت" أحزاب الحركة الوطنية...

من 45 سنة خلت، كتب أستاذي المرحوم "كلود بالازولي" كتابه القيم "الموت البطيء للحركة الوطنية المغربية"، انطلاقا من ظاهرة الانقسامات التي عرفتها الأحزاب المحسوبة على الحركة الوطنية إياها...إذ لم ينفع مع هذا الموت البطيء لا "الكتلة الوطنية"، ولا "الكتلة الديمقراطية"، ولا القبول والدخول فيما سمي بالمسلسل الديمقراطي في نهاية السبعينات...
ومهما تكن أسباب هذا الموت هل ذاتية أو موضوعية، هل هي بسبب إستراتيجية القصر المشتغلة بمنطق "فرق تسد"، أو بسبب الصراع بين النخب الحزبية على المنافع المادية والمعنوية، فقد كان هذا "الموت البطيء" حقيقة من الصعب على الباحث والملاحظ أن يدحضها بحجج علمية وبمعطيات تابثة...
ومرت الأيام، وسقط جدار برلين، وأشرف المرحوم الحسن الثاني على الرحيل، ولم يجد أمامه غير ماتبقى من هذه "الحركة الوطنية" ليعهد لها بمهمة السهر على انتقال الملك من ملك إلى ملك آخر في انسجام تام مع دساتير قلما قبلت بها هي نفسها ! ودخلت "الكتلة الديمقراطية" على خط التدبير السياسي عبر بوابة ما سمي بالتناوب التوافقي إلى حدود سنة 2002 حيث عملت الدولة على تغيير "عقيدتها" السياسية تجاه "أحزاب الحركة الوطنية" تحت الضغط المزدوج الآتي من المجموعات الاجتماعية المهيمنة النافذة اقتصاديا وسياسيا والمتجذرة في دواليب الدولة ودواليب اقتصاد الريع، والآتي من "الإسلام السياسي الحركي" الذي استطاع تعبئة جزء كبير من الطبقة المتوسطة التي انتهى بها الأمر إلى الهجرة من "أحزاب الحركة الوطنية" نفسها !!
وقد تبين بالملموس وبالأرقام في الانتخابات الأخيرة أن هذه الأحزاب، التي لازالت تتشدق بسراب "الماضي الوطني"، تعيش "سكرات الموت" الأخيرة بعد أن عجزت نهائيا النفاذ من جديد إلى قواعدها التقليدية، إما بحكم اندحار مستوى قيادييها، أو بحكم تغيير الحال والمآل الذي أصاب المجتمع المغربي في العمق...
فهي مطالبة اليوم إما أن تحل نفسها وتنصهر مع مكوناتها التقليدية من اليسار بكل أطيافه، مع تناسي تيمات ومرجعيات الماضي المنعوت "وطني" برجالاته وأصنامه القديمة، وابتكار تيمات جديدة لمغاربة القرن 21، والعودة إلى الحي والمدرسة والثانوية والجامعة والمقاولة والمستشفى والسجن، بل وحتى إلى الثكنة والإدارات الأمنية، ولما لا...مطالبة بتجديد طرق اشتغالها...مطالبة بتغيير ثقافتها السياسية...مطالبة بتغيير نظرتها وعلاقتها بالمجتمع وبالدولة وبالمؤسسات وبالجمعيات وبالنقابات وبالفرد وبالجماعة وبالعالم...