الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى نزيه: هذا هو خطاب الحسم... خطاب ملكي من أجل القطيعة مع مرحلة

مصطفى نزيه: هذا هو خطاب الحسم... خطاب ملكي من أجل القطيعة مع مرحلة

بمنتهى الصراحة خاطب الملك برلمانيي الغرفتين، و من خلالهم الحكومة والأحزاب والهيآت والمؤسسات وأيضا المواطنين مما يعني أن الوقت قد حان لوضع النقط على الحروف بل لشد أحزمة السلامة من أجل القطيعة مع مرحلة أصبح فيها المواطن حلقة ضعيفة يتقاذفها بعض الإداريين و بعض السياسيين إلى الحد الذي أصبح البعض يعتقد أننا وصلنا مرحلة اللاعودة بعد تراجع القيم و الأخلاق على مستوى العمل السياسي و الأداء الإداري.

فتدخل أعلى سلطة في البلاد عبر الخطاب الملكي بمقر البرلمان، يوم الجمعة 14 أكتوبر، لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، كان تشخيصيا، صريحا و مباشرا و يمكن القول أنه وضع نقطة للعودة إلى السطر لبداية فقرة بل مرحلة جديدة لابد أن تطبعها إعادة النظر في العمل السياسي و السير الإداري، على حد سواء، لاسترجاع ثقة المواطن في المؤسسات و إعادة الأمل في المستقبل.

فإذا كان الملك محمد السادس يريد مغربا قويا، متقدما باقتصاد صلب و يسعى لذلك من خلال المبادرات التي يتخذها و الأوراش الكبرى التي يطلقها، فلأن المغرب بلد عريق و حضارة عريقة، من جهة، و لأن المغاربة يقارنون، من جهة أخرى، بلدهم بما وصلت اليه الدول الأوروبية من تقدم و رقي و ازدهار و هو طموح شعبي مشروع فرضته الجغرافيا لقرب المملكة من إسبانيا و فرنسا و أوروبا بشكل عام و نظرا كذلك لقدم العلاقات الاقتصادية و الإنسانية مع هذه الدول التي تتواجد فيها جالية مغربية مهمة تساهم في ترسيخ هذا الطموح الواجب اتخاذه بعين الاعتبار من طرف السياسيين و صناع القرار.

فمن يزور الدول الأفريقية، مثلا، يلاحظ الفروقات في النمو مقارنة بالخطوات الكبيرة التي قطعها المغرب و كذا حجم الفوارق الاجتماعية داخل بعض هذه الدول، لكن المواطن المغربي تهمه المقارنة مع المستوى الأوروبي و يطمح إلى المزيد، وهو مزيد ممكن لو كان العمل الإداري و أداء المؤسسات المنتخبة أكثر فعالية و نجاعة.

و لكي لا نعطي الانطباع بأن طموح المواطن طوبا ويا و لكي نعطي لقيصر ما لقيصر لابد من الإشارة إلى أن ما آلت إليه المصالح الحزبية و الشخصية، من جهة، و السلوكات البيروقراطية و تعقيد المساطر و رداءة الاستقبال في بعض المرافق العمومية و الخاصة، و بعضها مهترئ، من جهة أخرى، يجعل المواطن، كيفما كان وضعه الاجتماعي، في وضعية تقزز و عدم إحساس بما تعرفه البلاد من تطور عبر أشغال كبرى هادفة إلى التنمية. أما إذا ستحضرنا معضلة البطالة و أزمة التشغيل و الصحة و التعليم، أيضا، فيصبح النفور من الاهتمام بالسياسة و بالانتخابات أمرا مفسرا.

فالخطاب الملكي ـ التاريخي ـ هذا الذي كان له وقع مؤثر في نفوس المغاربة أكد أيضا على ضرورة تشجيع الاستثمار و تسهيل مأمورية حاملي المشاريع، مغأربة و أجانب، نظرا لارتباط الاستثمار و إنشاء المقاولات بالتنمية و خلق المزيد من فرص الشغل، خاصة أن المغرب يهدف إلى ترسيخ الجهوية و اللامركزية و اللاتمركز. و قد ذكر عاهل البلاد، في هذا الصدد، بالرسالة التي و جهها سنة 2002 إلى الوزير الأول حول تشجيع الاستثمار و تبسيط المساطر و خدمة مصالح المواطنين على الخصوص.

فإذا كان الاستقرار السياسي و الأمني الذي ينعم به المغرب مثار استقطاب للإستثمار الأجنبي، فلابد للحكومة من العمل على ترسيخ ثقة المستثمرين في النسيج الاقتصادي الوطني و تشجيع المقاولات الصغرى و مساندة حاملي المشاريع من الشباب قصد تعزيز المسلسل التنموي و الإحساس المجتمعي بالكرامة و الطمأنينة. و قد استعمل الملك كلمات من قبيل : من غير المعقول و من غير المقبول. فهل صمت آذان البعض؟