الاثنين 16 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

محمد الساهيد: تشكيل الحكومة، الحل قد يكون بالحل

محمد الساهيد: تشكيل الحكومة، الحل قد يكون بالحل

ماذا لو لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من جمع أغلبية تخول له تشكيل حكومة؟ تساؤل مشروع، وإن كان صعب الوقوع فهو قطعا ليس بمستحيل، لذلك دعونا نفترض أن حزب الأصالة والمعاصرة تمكن من إقناع  الأحزاب الأخرى الممثلة في البرلمان، أو على الأقل تمكن من إقناع ما يلزم العدالة والتنمية رقميا، من الأحزاب للتحالف معها لتحقيق الأغلبية المتطلبة قانونا لتشكيل حكومة، هل تبقى الدولة من دون حكومة؟ أم تبقى الدولة مسيرة من حكومة تصريف أعمال؟

الاحتمال الثاني غير وارد، مادام أن الفقرة الأخيرة من الفصل 47 من الدستور، تضفي على حكومة تصريف الأعمال طابعا مؤقتا ينتهي بتشكيل الحكومة الجديدة: "تواصل الحكومة المنتهية مهامها، تصريف الأمور الجارية إلى غاية تشكيل حكومة".

وإن كان صحيحا ما يذهب إليه البعض من كون المشرع لم يحدد أجلا لرئيس الحكومة المسمى من طرف الملك، لتشكيل حكومته، فإن الأمر يدخل في اعتقادي في باب الآجال المعقولة، والتي لا يمكن باستحضار الظرف الزمني أن تتجاوز شهر دجنبر في أقصى الأحوال.

أما الاحتمال الثاني، وهو عجز رئيس الحكومة المسمى من طرف الملك، في إيجاد تحالفات تسعف حزبه، في تشكيل حكومة، يبقى واردا وإن كان كما سبق وأن قلت، مستحيلا في ظل وجود طبقة سياسية انتهازية، تسعى فقط إلى الإستوزار وإن كلفها الأمر التحالف مع الشيطان، بإدخال الغاية طبعا في تعريف الشيطان قبل الانتخابات وتعريفه بعدها.

ورغم أن القاعدة الراسخة هي أن: "ما احتمل واحتمل، سقط به الاستدلال " لا ضير في نظري، على الأقل إغناء للنقاش القانوني أن نحتمل، وفي سبيل ذلك نتساءل: ماهو الحل إذا عجز رئيس الحكومة المسمى في تشكيل حكومة؟

الحل قد يكون بلجوء الملك لخيار الحل، أي حل البرلمان بموجب ظهير، والدعوة لانتخابات جديدة داخل أجل أقصاه شهرين على الأقل تبتدئ من تاريخ اتخاذ مقرر الحل، طبقا لمقتضيات الفصل 51 من الدستور، والذي جاء فيه ما يلي: "للملك حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير، طبقا للشروط المبينة في الفصول 96 و97 و 98".

وبما أن الفصل المذكور أعلاه يحيل على فصول أخرى بعده، يكون من المفيد في سبيل فهمه ومراقبة مدى انطباقه، على ما أشرت إليه من احتمال الوقوع، واستحضار الحل بخيار الحل، أن نستحضر متن فصول الإحالة، كما يلي:

الفصل 96: "للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، أن يحل بظهير المجلسين معا، أو أحدهما"،

الفصل 97: "يتم انتخاب البرلمان الجديد في ظرف شهرين على الأكثر من تاريخ الحل

الفصل 98: "إذا وقع حل أحد المجلسين، فلا يمكن حل المجلس الذي يليه إلا بعد مضي سنة على انتخابه، ماعدا في حالة تعذر توفر أغلبية حكومية داخل مجلس النواب الجديد

ولأن المنهجية السليمة للفهم السليم للنص القانوني، تقتضي تفسير النص في سياقه القانوني الموضوعي، ينبغي استحضار كون حل الحل جاء مجردا عن مبرراته وموجباته في الفصول 51 و96 و97 إلا أن الفصل 98 أشار صراحة إلى أن اللجوء لخيار الحل، إنما يجد سنده، في عجز رئيس الحكومة في تشكيل حكومته...

إجمالا، حل البرلمان وارد لكنه صعب، وقد ارتأيت التطرق إليه عقب تتبعي لقراءات مختلف المحللين السياسيين والقانونيين بخصوص السيناريوهات المتوقعة، وتجاهلهم لهذا السيناريو المتوقع والمؤصل له بقوة أسمى قانون، دستور المملكة، على كل حال، هذا محض افتراض، وصاحب القرار بإمكانه جعل الحكومة مشكلة من حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة، فين كاين المشكل؟