الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

حميد العماري: الطاقات المتجددة في خدمة الاقتصاد الأخضر المغربي

حميد العماري: الطاقات المتجددة في خدمة الاقتصاد الأخضر المغربي حميد العماري

مختلف المشاريع المهيكلة والمبرمجة في المغرب تستجيب بوضوح تام للقانون ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺭﻗﻢ 12-99 الخاص بالميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. والبعض من هذه الأوراش الكبرى يتعلق بالطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر، وفق استراتيجية وطنية تنهجها المملكة المغربية للفترة ما بين 2008 و2030 لقطاع الطاقة والنجاعة الطاقية.

وفي هذا السياق تهدف الاستراتيجية الوطنية الطاقية إلى خلق مناخ مناسب للأعمال التجارية، والظروف اللازمة لجعل قطاع الطاقة المتجددة وسيلة لتحقيق اقتصاد مستدام وصديق للبيئة من أجل تزويد المملكة بنسيج صناعي مبتكر لجعل الطاقات المتجددة ناقلة للتنمية المستدامة ورافعة للنمو والاقتصاد الأخضر للبلاد. وكل هذه الجهود المبذولة في هذا الصدد تندرج في إطار الاتفاقيات الموقعة في كيوتو، خلال المؤتمر الثالث للأطراف (COP3) الذي انعقد في اليابان في ديسمبر 1997، على اعتبار أن المغرب عضو استراتيجي في هذا المجال، حيث يشارك مع الأطراف الأخرى في جميع المؤتمرات التي تنظمها الأمم المتحدة دورياً بشأن المناخ. بل وكان المغرب منظما لها في مناسبتين اثنتين، إذ عقد مؤتمر الأطراف السابع (COP7) في مراكش بين 29 أكتوبر و10 نوفمبر من عام 2001 و COP22الذي عقد في مراكش من 7 إلى 18 نوفمبر2016.

لهذا يمكن القول بأن المغرب يتوفر على كل الفرص لجعل تنوعه البيولوجي، ومختلف مصادره الطاقية خاصة المتجددة منها كالطاقة الشمسية والريحية، والهيدرومائية، والطاقة الحرارية الأرضية، والسواحل وغيرها... مصدرًا للتنمية المستدامة؛ وفضلا على موقعه الجغرافي كباب لإفريقيا وقربه من أوروبا، وهذا ما يجعل المغرب مطالبا في أن يبقى أحد البلدان الرائدة في هذا المجال في أفريقيا والعالم؛ لكي يتمكن من مواجهة مشاكل الطاقة وتلك التي تثيرها حماية البيئة، وذلك عبر تطوير الطاقات المتجددة التي تمثل فرصة كبيرة للشباب المغربي لإظهار قدراتهم ومشاركتهم في تحدي الألفية الثالثة.

إذن فمن وجهة نظر التنمية المستدامة وحماية البيئة، لدى المملكة المغربية كل الفرص لجعل قطاع الطاقة المتجددة مصدرا للثروة لجميع المناطق والجهات. إذ أن التكامل الكبير لمواردها المتجددة سيجعل من المملكة منصة هائلة ومتنوعة للمستثمرين، وفرصة كبيرة للشباب المغربي من خلال خلق فرص العمل والبحث والتطوير والتصنيع وخلق الثروة.

ولمواجهة هذا التحدي أعد المغرب ترسانة قانونية ومؤسساتية كبيرة تستند أساسًا على أربع ركائز: الوكالة المغربية للطاقة المستدامة MASEN، ومعهد الأبحاث في مجال الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRESEN) والوكالة المغربية للنجاعة الطاقية (AMEE) وشركة الاستثمار في الطاقات (SIE)  وعلى الرغم من بعض الإكراهات التي عرفها هذا القطاع، فيمكن القول أن المملكة المغربية قد نجحت إلى حد ما في إرساء أسس هذه التنمية المستدامة التي تحترم البيئة من خلال العديد من الخطط والبرامج، بما في ذلك :خطة تطوير الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية؛ البرنامج المتكامل للطاقة الريحية؛ البرامج المغربية للطاقة الشمسية الحرارية منها والشمسكهربائية؛ البرنامج الوطني المغربي للمحافظة والإدارة المستدامة لخطة الغابات والبحر؛ البرامج الوطنية المغربية للمياه والصرف الصحي ومعالجته؛  البرنامج المغربي لتدبير النفايات والنظافة الخضراء... الخ.

كما أن جميع هذه البرامج تسير في وئام تام، وتجمع بينها التقائية تستهدف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، حيث أنه باستعمالنا للطاقة الشمسية والطاقة الريحية نكون قد أزلنا أزيد من عشر ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. وبحول الله عند مطلع سنة 2020، سوف تصل حصة الطاقة المتجددة في إجمالي الطاقة التي سيتم تركيبها في المملكة إلى 42٪، 14٪ منها سوف تنتج من الطاقة الريحية، و14٪ أخرى من الطاقة الشمسية والهيدرومائية منها سوف تصل إلى 14٪ كذلك. كما أنه في بداية هذا العام 2018، يمكن القول سلفا بأن المغرب قد حقق بالفعل رهانه لأن معدل إنتاج الطاقة المتجددة الخاصة به يقترب من 36٪، أي أكثر بقليل من 6٪ والذي لا يزال يتعين تحقيقه للسنتين القادمتين.

وكهدف لعام 2030 ، تم تعديل استراتيجية الطاقة هذه لتصل إلى 52٪ من إجمالي الطاقة المركبة في المملكة، سوف تخصص 18.2٪ منها من الطاقة الريحية، و18.6٪ من الطاقة الشمسية و15.4٪ من الطاقة الهيدرومائية. بعد فترة سياسة السدود وتخزين المياه التي نهجها المغرب واستغلالها لإنتاج الكهرباء وخدمة للزراعة وتجنب الفيضانات والحصول على مياه الشرب؛ المغرب ينتقل الآن إلى تخزين واستغلال جميع أشكال الطاقة المتجددة. مثلما تملأ الجداول السدود لتزويد السكان بمياه الشرب والكهرباء والزراعة؛ فإن الخلايا الشمسية ومجمعات الطاقة الشمسية تملأ خزانات الطاقة الكبيرة أو القنوات والكابلات الكهربائية لتزويد المعرب والشعب المغربي بالكهرباء النظيفة.

غير أن الوزارة الوصية مطالبة مع ذلك بتنويع مصادر المغرب الطاقية، حيث أن 48% المتبقية من إجمالي الطاقة الكهربائية المبرمجة في أفق 2030، يجب أن توزع بين ما هو غاز بنسبة كبيرة قد تفوق 30%، وما هو من الطاقات الأحفورية الأخرى والطاقة النووية للحيلولة دون نفاذ الطاقات المتجددة وانقطاعها لسبب من الأسباب (وجود سحاب، مطر، عدم وجود رياح ...) ؛ وتعد نسبة 5% لكل منهما كافية لهذا الغرض.

وفي الأخير أرى بأن المملكة المغربية تحتفظ بكل السجلات الرابحة للرهانات المتعلقة بالطاقات المتجددة، الريحية منها والشمسية الهيدرومائية، كما سوف نلخص ذلك في مقال قادم إن شاء الله.

 - حميد العماري، أستاذ بكلية العلوم والتقنيات جامعة الحسن الأول سطات