الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

فاطمة البركيبي: لا سياسة مع هؤلاء السياسيين

فاطمة البركيبي: لا سياسة مع هؤلاء السياسيين فاطمة البركيبي

السياسة فن الممكن. قول مأثور، ولكن السياسة فكر حركي يتطلب نوعا من الحركة وقدرة كبيرة من المناورة ومن الصدق. ليس فقط خطابا دوغمائيا يبتغي المصلحة، بل يخدم مصلحة وفئات عريضة من المواطنين الذين يلتحقون بالأحزاب بغية تغيير نمط من السياسات السائدة والوجوه التي عمرت ردحا طويلا من الزمن، أو عائلات تتقلد مناصب في الهيئات السياسية  كمنصب للوراثة.

عبد الصمد أعرشان خلف والده على رأس حزب الحركة الشعبية الديمقراطية. وامحند العنصر منذ سنة 1986 وهو آمين عام و وزير ويستعمل نفس الخطاب المستهلك، واليوم هو يخطط ليعود على رأس حزب السنبلة. ونبيل بن عبد الله الذي عاد من جديد على رأس الحزب الكتاب. وبنكيران الذي تربع ولايتين على رأس الحزب ولا يزال يريد البقاء لولا تصدي إخوانه له بالمرصاد وحتى النفس الأخير.

أما زعماء الأحزاب الصغرى فهم معمرون جدد، وهي أحزاب ذو نفوذ صغير لا تحصل على مقاعد بالبرلمان، لكنها بالمقابل تتهافت على دعم وزارة الداخلية في الانتخابات وتستفيد بمئات الملايين، وهي وجوه تتكرر وتظهر فقط كلما تم استدعاؤهم لأداء مهمة مستعجلة. هذه فقط نماذج من نماذج أخرى. تحفظها سجلات التاريخ الحزبي بالمغرب. كل هاته التكتلات و التجمعات السياسية والأعداد الهائلة السائرة في الانتشار والمتناسلة و ذات البعد التكاثري مثل السكن الصفيحي لم نجد لها حلا سوى تواجدها غير المجدي في الساحة السياسية المغربية وتنتظر من وزارة الداخلية الضوء الأخضر لتخرج بيانا حول القضية الوطنية و تعود لسباتها من جديد.

السؤال الأكيد: أي دينامية للفعل السياسي مع هذه الوجوه التي أصبحت تصيب المغاربة بالغثيان؟ يحفظون كلامهم وصورهم وحركاتهم ومنوراتهم في كل المحطات حتى أضحى النظر إلى الوجوه يبعث على الكثير من عدم الرضى؟ لا دينامية مع هؤلاء الساسة لأنهم يحافظون على مصالحهم ولا يهمهم تجديد الخطاب السياسي. ولا يهمهم تجديد آليات العمل الحزبي. ولا يهمهم أن تتدفق دماء شابة في هذه الأحزاب ويؤلفون القصص في كل مرحلة انتخابية بفكرة تشبيب الحزب والانفتاح على الطاقات الشابة حتى وهن العظم.

أي دينامية للفعل السياسي ولقدرة الأحزاب التي تعتريها أقنعة هؤلاء الساسة، وهم يمارسون فعل الوصاية وفعل التوريث وفعل كسب مزيد من الوقت لصالح أحزاب وهنة ومقرات لا تشتغل سوى في المواسم الانتخابية؟

هؤلاء الساسة لا يكتبون مقالات، ولا يتواصلون، ولا يكتبون مذكراتهم، همهم فقط أن يصلوا إلى البرلمان على نعش أحزاب تموت يوما بعد يوم. هؤلاء الساسة ومن شابههم من عائلاتهم السياسية وخطابهم المتكرر بنفس إيقاع التخوين وبنفس تجزئ الحزب وتقويض أركانه والدفع به إلى مهاوي الضياع والانقسامات هم المسؤولون عما وصل له الخطاب السياسي من شعبوية قاتلة ومن وجوه بأقنعة تلبسها في كل ترحال سياسي.

لا سياسة مع هؤلاء الساسة، سوى في قبر الأفكار الجديدة والتواصلية مع فئات عريضة من الشعب المغربي الذي أصبح يبحث بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية ووفرة المعلومات وتداولها عمن يتواصل معه بأفكار جديدة، ويفتح له باب الحوار والانصات له وتجاوز النظرة الضيقة للأشياء، بل ومنحه فرصة التسيير وتمكين الشباب من الانخراط في الأحزاب المغربية ليس بأهداف سياسوية، بل لإنضاج أفكار تخدم مدنا وقرى وتشيع فكرة التطوع. وأن العمل السياسي ليس فقط انتخابيا حصريا بل هو فعل للتفكير في مشاكل المجتمع من منطلقات مختلفة همهما الأول هو خدمة المواطن.

لا تستقيم الحياة السياسية في المغرب مع طائفة المعمرين الذين عمروا طويلا وأشاعوا الخراب في الفعل السياسي حتى تحول لفعل للنفور...