الخميس 18 إبريل 2024
في الصميم

"زعماء" أحزاب ديمقراطية أم "غزاة" للصناديق الانتخابية؟!

"زعماء" أحزاب ديمقراطية أم "غزاة" للصناديق الانتخابية؟!

الانتخابات في الدول المتمدنة هي مجرد آلية من آليات التدافع المدني بين الأحزاب للوصول إلى مراكز القرار البرلماني والحكومي قصد إدارة شؤون البلاد لولاية معينة. وهي بذلك محطة لتتويج مسار من الحضور اليومي والتواجد المادي للحزب في الحياة اليومية للمجتمع، حتى إذا حضرت لحظة الحسم والاختيار في المعزل، يكون الحزب الأكثر حضورا وتواصلا مع المواطنين والحامل لهمومهم وانتظاراتهم ذو فرص وافرة للظفر بمقاعد محترمة.

هذه القاعدة البديهية لم يتم استيعابها للأسف من طرف عدد من زعماء أحزابنا، الذين يتوهمون أو يحاولون إيهام الرأي العام المغربي أن يوم 7 أكتوبر سيكون يوم الحشر أو الغزو والفتح المبين! والحال أن الديمقراطية كاختراع بشري هي الوصفة الناجحة حاليا لتدبير الصراع والاختلاف في المجتمع في إطار تداول سلمي على السلطة (اليوم وغدا علي). ولم تكن أبدا أداة تجييش الناخبين وكأنهم مجندين في ميليشيات مدعومون لحمل السلاح لإبادة الخصم السياسي!

إن الإمكانات المالية الهائلة المرصودة لحزب بنكيران ولحزب إلياس العماري مكنتهما من توجيه الرأي العام لابتلاع الطعم المتمثل في أن يوم الجمعة 7 أكتوبر 2016 هو يوم المبارزة بين «قوى الشر وقوى الخير»، وكل حزب يتقمص دور قوى الخير ويتهم غريمه بأنه عراب محور الشر، والحال أنهما معا يساهمان في نفور العديد من الناخبين من المشاركة في يوم الاقتراع، وهو النفور الذي يخدم أجندتهما معا. فحزب العدالة والتنمية له حفنة من الناخبين المنضبطين القادرة (أي الحفنة) على ترجيح الكفة في حالة العزوف (لا ننسى أن حزب بنكيران لم يحصل سوى على 7 في المائة من أصوات المسجلين في اللوائح في تشريعيات 2011 مما مكنته من رهن البلاد لمدة 5 سنوات)، وحزب الأصالة والمعاصرة له هو «حفنة» من الناخبين الدائرين في فلك أعيانه القادرين على ضمان تمثيلية نسبية له مقارنة مع الأحزاب الأخرى.

وحدها إذن المشاركة المكثفة في اقتراع 7 أكتوبر قد تقلب الموازين بالنظر إلى أن المشاركة الوازنة للناخبين في الاقتراع المقبل قد تظهر الحجم الحقيقي لكل هيأة. بل حتى وإن تم التصويت بالملغاة، فإن «حزب الأوراق الملغية» هو في حد ذاته منافسة للأحزاب المتبارية، إن لم نقل إنه (أي حزب الملغاة) الحزب الذي سيقود المشروعية المجتمعية والسياسية لكل من سينادي عليه الملك يوم 8 أكتوبر لتشكيل الحكومة حتى لا «يطبخ لينا الراس» بأنه حزب يمثل الشعب.

كيف لحزب حاز على 7 أو حتى 20 من المائة من الأصوات أن "يفرع لينا الراس أنه يمثل كافة الشعب"!