الاثنين 16 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى المانوزي: من علمني حرفا صرت معه حرا

مصطفى المانوزي: من علمني  حرفا صرت معه حرا

مهما اختلفنا فيما بيننا، ومهما كانت كلفة تداعيات الصراعات داخل الاحزاب التي ننتمي إليها، بسبب الشلل المزمن الذي ينخر الديمقراطية الداخلية، فليس المقام يسمح بالتفصيل اكثر، نظرا للظرفية الانتخابية؛ فإن المطلوب هو التركيز على شحذ الهمم بعقلنة الطموحات بجعلها جمعية وتطهيرها من النرجسية القاتلة، خاصة في ظل الهشاشة التنظيمية والعوز إلى طاقات شابة تفعل قانون نفي النفي، لا هي تمجد ماضي الأسلاف، ولا هي تبخس تضحياتهم ومنجزاتهم النضالية والفكرية والسياسية، ولا هي تتنكر للبعد الإنساني في الهوية الحزبية، حيث لا مذهبية سوى التي يؤطرها ثلاثي التحرير والديمقراطية والاشتراكية، وفي ظل التيه الثقافي الذي اعترى بوصلات الحركات التحررية والتقدمية، منذ سقوط جدار برلين إلى سقوط بغداد وانهيار رأسمالية الدول القومية تباعا.
أكيد أن ملامح قيادات الحركة التقدمية تغيرت بل شاخت، لكن من المؤكد اأضا أن الخصوم السياسيين، سواء كانوا في سدة الحكم أو خارجها يعانون من ازمة  تجديد  اسباب الكينونة والاستمرارية، التي لم تعد مضمونة بالشرعيات المتلاشية، فمطلب الديموقراطية وإقرار الحقوق الإنسانية يفرض ذاته أمام فشل ثنائية التحول والتكيف، التي تتذرع وراءها أنظمة الحكم الفردي المطلق، مما يستدعي إعادة النظر في جميع التسويات السابقة، بعد تفعيل الإيجابي منها والمهكيل  لكل شروط  بناء دولة المجتمع والمؤسسات والقانون، هذه الشروط التي تؤطرها إرادة العيش المشترك والدفاع عن السيادة الوطنية، التي تخلت عنها الدول العالمثالثية، عبر بوابة المساعدات الدولية وإملاءات المؤسسات المالية المتعدية الجنسيات، مما يستوجب تحرير السياسات العمومية من أخطبوط اشتراطاتها الحاطة بالكرامة، في العلاقة مع المجالات الحيوية والاجتماعية من التشغيل إلى الصحة ثم التربية والتعليم. وأن شروط البناء الديمقراطي غير ناضجة، لارتباط التحول المعاق بالوعي والتمثل؛ فإنه يجب اعتبار مطلب إصلاح المنظومة التربوية، في جميع تقاطعاتها التشريعية والثفافية والاجتماعية والحقوقية، سواء داخل الاسرة أو المدرسة أو الفضاء العمومي، قضية مجتمعية، لا تدخل فقط ضمن الشأن الحكومي العابر، وإنما ضمن الخيارات الاستراتيجية للوطن كشان سيادي.

من هنا تأتي أهمية العمل على اعتبار هذا الورش الاصلاحي ذو أولوية وطنية، فهو كالقضايا المصيرية المماثلة لا يعقل تفويض تدبير مقتضياته إلى حكومات عابرة غير متحررة من التمثل السلبي لحرية الاعتقاد والتأويل المنحرف للحق في الاختلاف.