نشر عمر الصنهاجي، عضو شبيبة "البيجيدي"، تدوينة على الفايسبوك قال فيها: " ملي الملحدين غادي يصوتوا على البيجيدي راه القضية شدات"؛ وهو ما يعني أن التاكتيك الذي يستعمله بنكيران من أجل تحويل جزء من اليسار- على الأقل- إلى حطب جهنم، والتعامل معه كقطع غيار في حربه ضد ما يسميه" التحكم".. قد نجح، كما يعنى على المستوى نفسه أن "العقل" الإخواني يتعامل مع اليساريين بمنطق "الغاية تبرر الوسيلة"، وليس بمنطق التحالف السياسي لمواجهة ما يسميه بنكيران " التحكم أو الاستبداد".
لكن المثيرأن عمر الصنهاجي، الذي لا يخفي داعشيته، لا يعتبراليسار سوى مضخة للأصوات الملتحقين ب " الجبهة الديمقراطية" التي يقودها في نظره عبد الإلاه بنكيران. بدليل أن عمر الصنهاجي "رد التحية بأحسن منها" لشعب اليسار بأن اعتبرهم مجرد ملحدين كفرة، وأنه وقع استمالتهم واستعمالهم في معركتهم الانتخابية ضد" التحكم"، وأن "القضية شدات"، بمعنى أن الخطة نجحت..
إن هذا الموقف يكشف أن الجناح السياسي للأصوليين يرى اليساريين " أصوات مساندة في الانتخابات"، لكن الجناح الدعوي لحزب العدالة لا يراهم سوى ملحدين . وبالتالي فهم خارج الملة يجب نحرهم وسفك دمهم. وهذا ما يزكي سوابق الصنهاجي الذي سبق له أن دعا إلى قطع رأس كل من لا يصوت على بنكيران ، على اعتبار أن الأصوليين يستحلون دماء الملحدين وأموالهم وأعراضهم، وأن القتل هو مآل من يخلف شريعة الله وأحكامه (الحاكمية لله). وهنا يطرح السؤال التالي: ما هو مصير اليساريين الملحدين اذا "انتصر" الأصوليون في معركة 7 أكتوبر 2016؟ هل سيكافئ الإخوان الرفاق على اصطفافهم معهم في خندق واحد، أم سيخيرونهم بين التوبة أو القتل ماداموا يعتبرونهم مارقين ومرتدين وزنادقة؟
إن ما نسيه هؤلاء اليساريون هو أن "البيجيديين" لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يكونوا ديمقراطيين إلا في الحدود التي تسمح لهم بالانقضاض على الأمر بغاية تحقيق التحكم الشامل على غرارما يقع في الدول التوتاليتارية، إذ لا يمكن للفكر الشمولي والتكفيري والإقصائي إلا أن يسعى إلى التحكم، حتى وإن اقتضى الحال الاستعانة بالكفرة والعلمانيين والملحدين واللادينيين وعبدة الشيطان..
ويحاول فرع الإخوان المسلمين بالمغرب، بإطلاقهم لما يسمونه "جبهة مناهضة التحكم"، تسويق صورة تعكس أنهم ليسوا "قوة دينية" جاءت لتقييد الحريات و"أخونة المجتمع"، بل قوة سياسية معارضة ينبغي أن يلتحق بها جميع مناهضي التحكم- متمتلا في المخزن السياسي. وهذا ما يذكرنا بما فعله إخوان مصر في تشريعيات "مجلس الشعب" (2005)، حين قاموا بترشيح الأقباط وتقديمهم على قوائمهم الانتخابية، ليظهروا للجميع أنهم حزب مدني! والحال أن الجميع يعرف الآن ما فعله الإخوان المسلمون بالأقباط في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي، حيث بمجرد أن وصلوا إلى الحكم حتى أحرقوا الكنائس وأرهبوا الأقباط ومارسوا في حقهم حرب إبادة.