الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

عبدالسلام العزيز: مشروعية حملة المقاطعة من مشروعية مطالبها والالتفاف الشعبي حولها

عبدالسلام العزيز: مشروعية حملة المقاطعة من مشروعية مطالبها والالتفاف الشعبي حولها عبدالسلام العزيز
*المقاطعة شكل حضاري و أصيل للاحتجاج
*تحرير الأسعار و رفع الدعم عن المواد الأساسية في ظل اقتصاد شبه احتكاري و غياب آليات المراقبة المؤسساتية و المدنية، أمر لا يقبله أي منطق اقتصادي سليم.
*تحرير قطاع المحروقات و رفع الدعم عنها دون إيجاد آليات للمراقبة والمتابعة إجراء لا يقوم به إلا المتواطئ أو الساذج.
*اليسار لا يمكن أن لا يصطف إلى جانب المطالب العادلة للشعب المغربي.
كنت أفضل عدم الخوض في موضوع الحملة الشعبية التي تعرفها بلادنا لمقاطعة منتوجات ثلاث شركات، اقتناعا مني بضرورة عدم الانخراط المباشر للفاعل السياسي من موقعه الحزبي في الحركات الاجتماعية بمختلف أشكالها، و أن المطلوب منه هو الدعم و المساندة و ذلك لأن هذه الحركات و في كل دول العالم عبر التاريخ، تتوجس من انخراط الفاعل السياسي من موقعه الحزبي مخافة التوظيف أو الركوب على مطالبها، و هو أمر طبيعي. لكن نقاشا دار بيني و بين أحد الأصدقاء على هامش مسيرة فاتح ماي، دفعني للكتابة من أجل التأسيس لموقفي الواضح من حملة المقاطعة الحالية و هو الانخراط فيها و الدعم و المساندة لها.
بداية لابد من التذكير بأن المقاطعة شكل من أشكال المقاومة والممانعة ، تستعمله الشعوب للدفاع عن مصالحها، وخلق ميزان قوى يسمح بتحقيق بعض الأهداف المحددة في علاقة بدول أو بشركات، للتأثير عليها حتى تغير بعضا من سياساتها، كسياستها الاجتماعية أو ما له علاقة بالبيئة أو الأثمان وغيرها كما هو مطروح اليوم في حملة المقاطعة التي تعرفها بلادنا.
و قبل التطرق للموقف من المقاطعة ، لا بد من الرجوع إلى الخلفية التاريخية لحركات المقاطعة كشكل نضالي حضاري، والتطرق لواقع الاقتصاد الوطني خصوصا ما يتعلق بطبيعته الشبه الاحتكارية وتأثيرها على تكوين الأثمان في لسياسات التحرير التي عرفتها بلادنا منذ الثمانينيات من القرن الماضي، الشيء الذي يؤدي إلى شطط الشركات المحتكرة و تغولها من خلال ممارسات لا تنافسية و منها رفع الأثمان بشكل غير مبرر.
1. المقاطعة كشكل نضالي أصيل:
بإيجاز يمكن اعتبار مقاطعة سكان المستعمرات البريطانية خصوصا في أمريكا الشمالية لمنتوجات هذه الأخيرة و خصوصا الشاي، في إطار حرب الاستقلال نهاية القرن الثامن عشر، أولى حركات المقاطعة التي عرفها العالم،لكن مصطلح المقاطعة باللاتينية Boycott لن يرى النور إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في غرب أيرلندا حيث قام الفلاحون بمقاطعة منتوجات أحد الفلاحين الكبار، لمواجهة سوء معاملة أحد المشرفين التابعين له والذي كان يسمى Charles cunningham Baycott ، ومنذئذ انتشر هذا الاسم للتعبير عن مقاطعة منتوج معين. أما أهم حركات المقاطعة التي عرفها العالم فيمكن إجمالها في ما يلي:
- سنة 1922 سيستعمل غاندي سلاح المقاطعة ضد السياسة الضريبية للاستعمار البريطاني.
- في الخمسينيات من القرن الماضي مارتن لوتر كينغ يدعو لمقاطعة إحدى شركات النقل العمومي ضد سياسة الميز العنصري.
- في السبعينيات من القرن الماضي حملات مقاطعة منتوجات نظام الأبرتايد في جنوب إفريقيا
- 2001 حملة مقاطعة دانون في فرنسا ضد قرارها بطرد العشرات من العمال.
- حملة BDS سنة 2005 و هي حملة عالمية لمقاطعة الكيان الصهيوني.
و تعتبر شركة نستلي السويسرية أكثر تعرضا لحملات المقاطعة و ذلك منذ بداية السبعينيات .
ولابد هنا من التأكيد على أن حركات المقاطعة كانت أكثر حضورا في الدول الأنكلوساكسونية الآسيوية،بالمقارنة مع الدول ذات الثقافة اللاتينية لاعتبارات تاريخية وثقافية ولها علاقة بالحركة العمالية.
أما في المغرب فلابد من التذكير أن الحركة الوطنية استعملت سلاح المقاطعة في نضالها من اجل الاستقلال بالدعوة لمقاطعة بعض المنتوجات الفرنسية ومنها السجائر.
2. الواقع شبه الاحتكاري للاقتصاد المغربي وغياب المنافسة
يعتبر الاقتصاد المغربي اقتصادا شبه احتكاري في أغلب قطاعاته، حيث تستحوذ شركات قليلة جدا (2، 3 او4)على حصص من السوق قد تتجاوز80أو90في المائة، كما أن شركة واحدة قد تتجاوز حصتها 50في المائة، وهو ما يجعلها في وضعية الهيمنة على السوق situation de domination du marché مما يؤدي للعديد من الاختلالات في مجال المنافسة ويغري الشركات المهيمنة بالقيام بممارسات فيها الكثير من الشطط abus de position dominante وبممارسات ضد المنافسة pratiques anticoncurrentielles ، ومنها الاتفاقات بين الشركات les ententes وفِي مقدمتها الاتفاق حول الأثمان أو توزيع حصص السوق فيما بينها. ونظرًا لخطورة هذه الممارسات على الاقتصاد بصفة عامة وعلى المواطنين/المستهلكين بصفة خاصة وضعت الدول وخصوصا المتقدمة عدة قوانين وخلقت مؤسسات رسمية لمحاولة الحد من هذه الممارسات، ويمكن أن نذكر هنا ب les lois antitrust في الولايات المتحدة الأمريكية و التي كان أولها قانون شيرمان sherman antitrust act لسنة 1890 ، وبموجبه تمت متابعة شركات عظمى حيث تم حل بعضها ومنها شركة Américain Tabaccoو شركةStandard Oil سنة 2011 وشركة ATTسنة1982 كما تمت متابعة شركات أخرى منها IBM- Microsoft APPLE وغيرها. كما أن دول الاتحاد الأوروبي تملك ترسانة قانونية مهمة في هذا المجال،و خلقت مؤسسات رسمية لرصد وتتبع الممارسات الغير تنافسية للمقاولات، حيث تلعب المفوضية الأوربية دورا أساسيا في هذا المجال من خلال المفوض الأوروبي للمنافسة ، و الذي قام في السنوات الأخيرة بمتابعة العديد من الشركات العالمية كان آخرها غوغل) (Google حيث حكمت عليها المحكمة الأوروبية سنة 2017بذعيرة وصلت 2,42مليار أورو لعدم احترامها قوانين المنافسة.و بالإضافة إلى الجانب القانوني و القضائي، هناك العديد من المؤسسات العمومية والمدنية والتي تعمل على الدفاع عن المستهلك، يمكن أن نذكر منها في فرنسا مثلا، المعهد الوطني للاستهلاك( INC) والذي يقوم بدراسات في ميدان الاستهلاك والدراسات المقارنة بين العلامات التجارية وإخبار وتوعية المواطنين /المستهلكين وبنشر مجلة تسمى "60مليون مستهلك".أما بالنسبة للتنظيمات المدنية فلا يمكن أن لا نذكر الاتحاد الفيدرالي للمستهلكين) (UFC و هي أكبر جمعية للمستهلكين تضم أكثر من150000عضو، تم تأسيسها في الخمسينات من القرن الماضي ومن أهدافها الإعلام و تقديم الاستشارة، والدفاع عن المستهلكين، هذه الجمعية التي تنشر مجلة مؤثرة جدا في مجال الاستهلاك تسمى "Que choisir"
أما في المغرب فعلى المستوى القانوني لم تكن هناك و إلى حدود نهاية التسعينيات ترسانة قانونية لتنظيم المنافسة وحماية المستهلك، ولعل ما كان يشفع لذلك هو حضور الدولة في تحديد و تطير الأثمنة من جهة، والدور الذي كان يلعبه صندوق المقاصة في دعم المواد الأساسية من جهة أخرى. وهنا لا بد من التذكير أن الزيادة في أسعار أغلب المواد للاستهلاكية كان يخضع لقرار للوزير الأول و فقأ للقانون 71-008 الصادر في أكتوبر 1971، انطلاقا من طلب معلل من الشركة التي تريد الزيادة في أسعار موادها. كما أن صندوق المقاصة كان يشمل كل المواد الأساسية من سكر و زيوت وحليب ودقيق و محروقات وغيرها. و ابتداء من نهاية الثمانينات، تم الرفع التدريجي لدعم هذه المواد، ومن جهة أخرى تحرير أسعار المواد الغير المدعومة.ولقد ساهمت كل الحكومات المتعاقبة إلى الآن في هذا المنحى التراجعي، تحت ضغط المؤسسات المالية الدولية و اللوبيات المحلية ، كان آخرها ما قامت به حكومة بنكيران من رفع نهائي للدعم عن مجموعة من المواد و التحرير المطلق لأسعار مواد أخرى كالمحروقات مثلا . و ستعرف سنة 1999 إصدار القانون 99-06 حول حرية الأسعار والمنافسة و الذي شكل بداية التراجع القانوني عن تأطير الأثمان بنسخه لقانون 1971 و التأسيس لحرية الأسعار بشكل شبه مطلق ، و الذي سيتم تعويضه فيما بعد بقانون 12-104المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 24 يوليوز 2014 ، و رغم أن هذا القانون يتضمن أهم المقتضيات التي نجدها في التشريعات الغربية ذات الصِّلة،إلا انه لم يأخذ بعين الاعتبار الواقع شبه الاحتكاري للاقتصاد المغربي وقوة ونفوذ اللوبيات المتحكمة، و ضعف آليات المراقبة المؤسساتية و القضائية والمدنية. ولعل أهم ملاحظة حول هذا القانون هو عدم تفعيله في الواقع، فرغم محدوديته وضعف الجزاءات، فإنه بصفة عامة غير مفعل، إذا استثنينا حملات إشهار الأثمان التي تقوم بها السلطات بمناسبة شهر رمضان، فصلاحيات الحكومة والبرلمان ومجلس المنافسة غير مفعلة كما أن القضاء لا يلعب الدور المنوط به في المجال، ليس فقط في إصدار الأحكام لكن أيضا في إغناء الترسانة القانونية من خلال الاجتهاد القضائي خصوصا إذا قارناه مع نظيره في الدول الغربية ( الاجتهادات القضائية للمحكمة الأوروبية نموذجا).
3. النقاش حول حملة المقاطعة الحالية ببلادنا وموقف اليسار
إن قراءة متأنية في حملة مقاطعة المواد الاستهلاكية الثلاث و التي ابتدأت منذ أكثر من 10 أيام و طرحت سؤال المشروعية عند بعض الفاعلين الذين بنوا تشكيكهم على اعتبار أن هذه الحملة محسوبة على طرف سياسي يريد توظيفها لاعتبارات سياسوية، و أساسا بدافع الانتقام السياسي و لصرف النظر عن القضايا الأخرى وخصوصا متابعة ومحاكمة نشطاء الحراك.
إلا أنني أعتقد أن مشروعية أي مبادرة نضالية يرجع بالأساس لمشروعية مطالبها ولمدى التفاف المواطنين حولها بغض النظر عن من أطلقها في البداية والذي لا يمكن بكل حال من الأحوال التأكد من هويته وأهدافه. بالنسبة لمشروعية المطالَب لا يمكن أن يختلف اثنان على أن بلادنا عرفت وتعرف موجات غلاء متوالية وأن هذا الغلاء راجع للسياسات النيوليبرالية المتبعة ولإستقالة الدولة/الحكومة من القيام بأي دور لحماية المواطنين من تغول قوى الرأسمال. فبعد سياسات الخوصصة والتحرير ومنها تحرير الأسعار، يلاحظ انبطاح الحكومة السابقة والحالية أمام اللوبيات الاقتصادية، فلم تعد قادرة حتى على الزيادة الهزيلة في الحد الأدنى الأجر دون موافقة الباطرونا وهي غير قادرة على تفعيل مقتضيات القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة ولعل ما وقع في قطاع المحروقات لأكبر دليل على دلك، فكيف يمكن أن يتقبل أي إنسان عاقل أن يتم رفع الدعم عن المحروقات وفِي نفس الوقت تحرير أسعارها دون التفكير في إيجاد آلية للمتابعة والمراقبة، ولو لمدة زمنية انتقالية. إن من يقوم بإجراء كهذا إما متواطئ أو ساذج حتى لا أقول أكثر.
وكيف يمكن أن نفهم عدم تفعيل الحكومة لقانون المنافسة، وهي تلاحظ كيف أن الانخفاض الذي عرفه ثمن البترول سنة 2016 لم ينعكس على ثمن المواد الطاقية، فقد انخفض ثمن البترول ما بين 20و 30 بالمائة مقابل انخفاض في أسعار المحروقات لا يتجاوز1إلى2,5 في المائة مع بقاء الأثمنة جد متقاربة بالنسبة لكل الفاعلين في القطاع.ورغم أن أرباح هذه الشركات تضاعفت أكثر من مرتين خلال السنة الأولى من التحرير، وأن الهامش الخام للربح هو أكثر من أربع مرات من هامش ربح نفس الشركات في دول أخرى مثل جنوب إفريقيا، رغم كل ذلك لم يقم رئيس الحكومة بتفعيل القانون، خصوصا ما يتعلق بالممارسات المضرة بالتنافس، لان كل هذه المعطيات يشتم منها رائحة قوية للاتفاق بين الشركات حول الأثمان، وهو ما تجرمه كل القوانين المتعلقة بالمنافسة ومنها القانون 12.104 . و كان من المفروض أن يقوم رئيس الحكومة بتقديم طلب لمجلس المنافسة ليقوم بالإجراءات المنصوص عليها، بل حتى تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي كشف عن عدة حقائق صادمة تم تجميده. إن كل هذا يؤكد مسؤولية حكومة بنكيران والحكومة الحالية في واقع الغلاء وانبطاحهما إن لم يكن تواطؤهما مع لوبي المحروقات.
إن حملة المقاطعة الحالية ببلادنا،لا تقتصر مطالبها فقط على المطالبة بتخفيض أثمنة المواد المستهدفة، بل هي كذلك للاحتجاج على الغلاء العام الذي تعرفه جل مواد الاستهلاك ببلادنا، فلا يعقل أن تكون أثمنة العديد من المواد زائدة على أثمنة نفس المواد في بلدان يساوي بها الحد الأدنى للأجر4 أو 5 مرات الحد الأدنى للأجر ببلادنا.
إن سؤال التشكيك حول أهداف و دوافع من كانوا وراء هذه الحملة، لا معنى له اليوم، فالحملة اكتسبت مشروعيتها بالتفاف شرائح واسعة من الشعب المغربي حولها و ذلك بالنظر لمشروعية و وجاهة موضوع المقاطعة، وهو الاحتجاج ضد التهاب الأسعار في بلادنا، و خاصة في ظل مواجهة كل الحركات الاحتجاجية بالمقاربة الأمنية القمعية و تبخيس و ضرب كل تعبيرات المجتمع و تنظيماته و تغييب آليات الحوار و الإشراك، في مقابل مجاراة الدولة لجشع اللوبيات المهيمنة في مجموعة من القطاعات و عدم تفعيل القوانين.
أما فيما يخص سؤال لماذا استهداف ثلاث شركات فقط و لماذا هذه الشركات على الخصوص دون غيرها، و هو سؤال راجع في اعتقادي لثقافتنا السياسية التي تنأى بنفسها عن تشخيص الصراع من جهة، و من جهة أخرى راجع للخلط الناتج عن أن بعض الفاعلين الاقتصاديين هم في نفس الوقت فاعلون أساسيون في الحقل السياسي، وهو ما يعيد إلى الواجهة سؤال الفصل بين السياسة و المصالح المالية و الاقتصادية للأفراد و الذي تطرحه أدبيات اليسار بوضوح. إن استهداف ثلاث شركات راجع أساسا لصعوبة مقاطعة كل الشركات في نفس الوقت، فلا أحد يمكن أن يتصور نجاح حملة مقاطعة تستهدف كل شركات المحروقات مثلا و لو ليوم واحد، لهذا فإن تجارب المقاطعة الناجحة تستهدف الشركة ذات الحصة الأولى في السوق leader ، و هو ما يمكنها من تحقيق الاستجابة الواسعة من جهة و من تحقيق أهدافها من جهة أخرى، على اعتبار أن سياسات هذه الشركات التي تمتلك الحصة الأكبر بالسوق لها دور أساسي في تحديد سياسات الشركات الأخرى.بالإضافة طبعا لأهمية رمزية المساهمين الأساسيين في هذه الشركات.
و ما يثير الأسف و الاستغراب و الاستهجان هو ردة فعل مسئولي هذه الشركات جوابا على هذه الحملة و التي عوض أن تتفاعل إيجابا مع المواطنات و المواطنين و تتبنى خطابا تواصليا متفاعلا معهم ، كما تفعل المقاولات التي تتعرض لحملات شبيهة في دول أخرى، عوض ذلك التجأت إلى تصعيد لهجتها و وصلت مستوى التخوين و التحدي و التهديد، مما يكشف عن نظرتها الاستعلائية و استقوائها على المواطنات و المواطنين، خاصة في ظل صمت غير مبرر للحكومة وكأنها غير معنية بما يحدث بل أكثر من ذلك صرح ناطقها الرسمي بأن المجلس الحكومي لم يناقش الموضوع نهائيا، و الحال أن مسؤولية الحكومة ثابتة في ما آل إليه الوضع الاقتصادي و الاجتماعي و ضرب القدرة الشرائية لشرائح واسعة.
هذه الحملة الشعبية، تسائل بالإضافة للشركات المستهدفة، باقي المؤسسات في القطاعات المختلفة الصناعية و الخدماتية و المالية، والتي تقوم بنفس الممارسات المنافية لقواعد المنافسة العادية، كما تسائل الدولة والحكومة حول سياساتها التفقيرية وحول النموذج الاقتصادي والاجتماعي النيوليبرالي المتبنى والذي كان من نتائجه التهميش والإقصاء و تعميق الفوارق الطبقية و المجالية. كما تطرح تحديا كبيرا على مناضلات ومناضلي اليسار وذلك على مستويات ثلاث:
- التحدي الأول وله علاقة بالقدرة على قراءة الواقع و تحليله التحليل الصحيح و الإنصات لنبض الشعب والوقوف دوما إلى جانبه في كل نضالا ته مهما كانت واجهاتها.فاليسار يجب أن يصطف دائما إلى جانب الفئات المستغلة( بفتح الغين) في مواجهة كل السياسات و الإجراءات التي تستهدف القرة الشرائية للمواطنين أو المس بالمكتسبات أو الحد من الحريات.
-التحدي الثاني وهو المرتبط بالقدرة على توحيد نضال القوى اليسارية وتجاوز الاختلافات في التقدير السياسي في بعض المحطات بالحوار الأخوي والرفاقي المثمر وتجاوز التشنج و العدوانية في لغة الحوار خصوصا أن واجهات النضال كثيرة ومعقدة الشيء الذي يتطلب العمل الوحدوي المستمر.
أما ثالث التحديات فله علاقة بالضرورة الملحة بالنسبة لنا لتأهيل أنفسنا ومناضلينا وخصوصا منهم الشباب للتمكن من الأشكال الجديدة للنضال ومن الفعل فيها، فالحركات الاجتماعية و حملات المقاطعة و الحملات التحسيسية وغيرها من الأشكال الجديدة التي يجب ربطها بالأشكال النضالية الحالية و ربط النضال النقابي بالحركات الاجتماعية لتعبئة أوسع الفئات ذات المصلحة في التغيير الديمقراطي.
                                              -عبدالسلام العزيز، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الاتحادي