الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

ميلود العضراوي: القرارات الانفرادية لا تخدم سياسة التنمية المحلية (جماعة سبت جزولة نموذجا)

ميلود العضراوي: القرارات الانفرادية لا تخدم سياسة التنمية المحلية (جماعة سبت جزولة نموذجا) ميلود العضراوي

دور المعارضة والمجتمع المدني في إرساء قواعد الديمقراطية التشاركية، دور رئيسي ولا يمكن تجاوزه أو تهميشه، لأن كل القرارات التي تأتي خارج مشروعيته القانونية التي نص عليها الدستور والقانون التنظيمي للجماعات، قرارات فوقية لا غير ولا تلبي طموح الساكنة لأنها تخدم سياسة شريحة اجتماعية معينة وفكرة اتجاه سياسة معينة واتجاه نفعي وانتفاعي معين داخل المجلس الجماعي أو في لوبيات الاستثمار والمقاولة، خصوصا إذا غابت إجراءات الرقابة القبلية والبعدية في تنفيذ وتتبع الصفقات العمومية المحلية والمشاريع الاستثمارية العمومية، تغيب أيضا رقابة الوزارة الوصية التي يؤكد عليها قانون.2.451.17الذي منح لوزارة الداخلية الرقابة على مالية الجماعات.

هناك فصول ومواد كثيرة في قانون 113.14 المنظم للمجالس الجماعية تعرف قانونيا الأدوار الوظيفية للشركاء في تدبير العام المحلي، هذه الأخيرة تتيح فرصة تشاركية للهيئات المدنية والسياسية والساكنة وحتى سائر المواطنين في الإسهام في تدبير شؤون المجلس المحلي طبقا للمواد المنصوص عليها في القانون التنظيمي للمجلس.. كي لا تكون القرارات المتخذة بشكل انفرادي قرارات ذات بعد واحد، كونها قرارات صادرة عن رئاسة المجلس وطيفها الحزبي ومؤيدة من قبل الأغلبية ومحيطها السياسي.

فالأكيد أن القرارات التي تتخذ خارج النقاش الجماعي والحوار المتبادل مع سائر الأطياف السياسية الأخرى والمعارضة داخل المجلس تكون قرارات انفرادية مغلقة مهما اكتسبت المشروعية الديمقراطية، وبالتالي فهي قرارات فوقية غالبا ما تكون نتائجها سلبية، لا تخدم المصلحة العامة ولا ترضي الساكنة؟ فمن المفروض وطبقا للقوانين المنظمة لسير المجالس الجماعية أن تتاح الفرصة للمعارضة والمواطنين ليسهموا قي برامج التنمية والاستثمار والخدمات التي تتعلق بمدينتهم وأن يسمح للمواطنين وفعاليات المجتمع المدني أن يدلوا برأيهم في سائر القضايا التي تهمهم.. فالمجلس الجماعي منتدى لتدبير الشأن العام بمساهمة مواطنيه وساكنته التي رشحته على رأس المسؤولية  التي أنيطت به لفائدة الساكنة والبلد.

طبقا لأحكام الفصل 139 من الدستور الحالي، تنص المادة 119 من القانون التنظيمي للجماعات رقم 14.113 على أن المجلس الجماعي مدعو للاستجابة للمبادرة التشاركية للمواطنين والمواطنات وجمعيات المجتمع المدني لمقترحات أطراف الشراكة وخصوصا المعارضة داخل المجلس التي تمثل الآلية التقويمية والتقييمية لعمل المجلس وأنه يتحتم إشراك سائر المواطنين في إعداد برامج العمل طبقا للكيفية المحددة للنظام الداخلي للجماعة . وفي هذا السياق وكي لا يغيب عن رئيس مجلس جزولة شيء من الأهمية بمكان، أن هذا المعطى الوارد دستوريا في المادة 120 من القانون التنظيمي للجماعات ينص على أن يكون لدى كل مجلس جماعي هيئة استشارية بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني تختص بدراسة القضايا المتعلقة بتفعيل الشراكة مع المواطنين في إطار المشورة وتبادل المقترحات. وتسمى هذه الهيئة بـ "هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع" تحدد وفق التنظيم الداخلي للمجلس وطبقا لروح القانون التنظيمي للجماعات 113.14. وتطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 139 من الدستور.. وكما تمت الإشارة إليه من قبل، فإن المادة 121 من قانون الجماعات المحلية تنص على أنه يمكن للمواطنين والمواطنات أن يقدموا وفق الشروط المحددة في القانون التنظيمي المحلي؛ عرائض تتعلق بأعمال ومشاريع وبرامج محلية وفق شروط منصوص عليها سلفا. ويمكن للمواطنين والمواطنات والهيئات المدنية أن تفوض وكيلا ينوب عنهم لدى المجلس ويتابع الإجراءات ويقدم المقترحات ويحيط الساكنة بذلك في إبانه .

إن هذا الوعي صار حاضرا في مجمل قوانين التدبير الجماعي وهو مفروض بقوة القانون، وللمجتمع المدني والمعارضة الدور الكبير في بلورته ميدانيا طبقا لما تنص عليه قوانين الديمقراطية التشاركية دستوريا، وهو آلية فعالة من آليات تدبير الشأن المحلي.. ولنا أن نتساءل حقا كيف تغيب هذه الأدوار عن المجلس الجماعي لسبت جزولة، ولماذا لا يسمح بتنفيذ نصوص قانونية جاء بها الدستور، فإن من شروط نجاح التنمية المجالية وإنعاش برامج الاستثمار محليا تمكين المعارضة السياسية داخل المجلس من المعلومة طبقا لقانون الحق في الحصول على المعلومة طبقا لقانون13.31 وتمكينها من الحق في المشاركة في التدبير عن طريق القوة الاقتراحية للمستشارين.. فلربما حان الوقت ليدرك رئيس جماعة جزولة أن التدبير الجماعي، جماعي فعلا، وأن الرأي الواحد والمخطط الواحد والفكرة الواحدة لم يعد لها مكان في برنامج التدبير الجماعي في أفق المتغيرات القادمة التي ستتمخض عنها القوانين التنظيمية للجهة، وما سيطرأ عليها من تجديد وتعديل.. فلا شك أن تداول الأفكار من شأنه بلورة شكل التقييم والنقد البناء التي تطلع به المعارضة في الجماعات المحلية. ومن شأن ذلك أيضا تطعيم الآراء وتثمين القرارات وتعزيز فكرة التعاون بين كل الأطياف التي يتشكل منها المجلس المنتخب خدمة للساكنة وللصالح العام. إن تبني فرق الأغلبية من حين لآخر رأي المعارضة في فكرة صائبة يفرز روح التعاون بين الأطراف المعنية ويعزز الفهم الصحيح للديمقراطية، ويتيح فرصة التكامل والتضامن داخل المجلس، وينفي مظاهر الفردانية والاستئثار بالرأي الواحد أو رأي الفئة في مجلس انتخب أصلا ليخدم مصلحة العموم؟