الخميس 25 إبريل 2024
في الصميم

طوبى للبرلمانيين بالريع ولشركات المحروقات بالربح الفاحش!

طوبى للبرلمانيين بالريع ولشركات المحروقات بالربح الفاحش! عبد الرحيم أريري

رغم أن بنكيران لم يبق رئيسا للحكومة، فإن لعنة المستهلكين ستظل تطرده أبد الدهر. فالهدية التي قدمها بنكيران لشركات المحروقات (مقابل صفقة يجهلها الرأي العام) حين بادرت حكومته إلى تحرير سعر المحروقات شكلت الضربة القاصمة التي أتت على ما تبقى من تماسك اجتماعي بالمغرب. بحكم أن سياسة التحرير شكلت مضخة لجني الأرباح الخيالية من طرف شركات المحروقات على حساب جيوب المستهلكين المنهوكة أصلا.

وإليكم الدليل القاطع على خبث الهدية - الصفقة التي أبرمها بنكيران مع شركات المحروقات:

المعطيات المالية لكل الشركات غير متاحة، كما أن اللجنة البرلمانية المكلفة بملف شركات المحروقات لم تخبر الرأي العام بالنتائج، بحكم أن البرلمانيين كلهم «واكلين من البزولة» ومن «ريع التقاعد» و"البونات" و"البورطبلات" وغيرها من الامتيازات على حساب الخزينة العامة. وبالتالي لم يبق أمامنا سوى مصدر واحد للحصول على المعطيات، ألا وهو «بورصة الدار البيضاء» التي لا تدرج فيها سوى شركة واحدة، في شخص شركة طوطال.

طوطال حققت عام 2017 أرباحا صافية بلغت مليار درهم (مائة مليار سنتيم) علما أن أرباحها عام 2016 لم تتجاوز 900 مليون درهم (90مليار سنتيم).

وهنا بيت القصيد. فقبل تحرير قطاع المحروقات حققت طوطال عام 2015 ربحا صافيا قدره 28 مليون درهم (ملياران و800 مليون سنتيم)، أي في ظرف سنتين تضاعف ربح طوطال الصافي بـ 33 مرة.

لماذا؟

لأن أثمنة المحروقات قبل التحرير كانت محددة بسقف (STRUCTURE) وكان برميل النفط في السوق الدولي منخفض ولما وقع التحرير لم تطبق شركات المحروقات التخفيض مقارنة مع السوق الدولي، فتضاعفت أرباحها بشكل فاحش وصاروخي.

الأفظع من هذا أن شركة طوطال روجت نفس الحمولة (طوناج) في عامي 2015 و2016 لكن الأرباح وصلت إلى 900 مليون درهم تقريبا عام 2016. فحسب المعطيات المتوفرة، بلغ رقم معاملات طوطال عام 2015 ما قيمته 8.3 مليار درهم (مع ربح صافي يوازي 28 مليون درهم) وبلغ رقم معاملاتها سنة 2016 بقيمته 8 مليار درهم (لكن بربح 897 مليون درهم!)

وإذا علمنا أن شركة طوطال لا تمثل سوى 15 في المائة من سوق المحروقات وحققت تلك الأرباح الخيالية، فما القول بالنسبة للشركات الأخرى التي تتقاسم السوق؟!

نعم، قد يقول قائل إن هذا الطرح واه، لأن الدولة بنفسها ربحت من سياسة التحرير عبر مضاعفة مداخيلها الضريبية المستخلصة من شركات المحروقات (الضريبة على الشركات والقيمة المضافة وحقوق الجمارك لدى الاستيراد ومصاريف الميناء...إلخ.). لكن هذا القول مردود عليه، بحكم أن الدولة الرحيمة هي التي تولد فرص التشغيل وتخلق الثروة ليستفيد عموم الشعب وليس لتستفيد حفنة من الشركات. والدولة الرحيمة هي التي تعتمد في مداخيلها على تنويع أوعيتها الضريبية وتوسيعها عبر توسيع الأنشطة والنسيج الاقتصادي لضخ الموارد، وليس بالاعتماد على جيوب المواطنين لمص دمائهم كلما توجهوا لـ «بومبة» لشراء ليصانص أو لـ «محلبة» لشراء علبة حليب أو لـ "حانوت" لاقتناء قنينة ماء أو لبنك للحصول على قرض عادي.

فطوبى للبرلمانيين بالريع، وطوبى لشركات المحروقات بالربح الفاحش!