الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لزرق: دور الملاحظ على خلفية بلاغ المحامي البريطاني ديكسون

رشيد لزرق: دور الملاحظ على خلفية بلاغ المحامي البريطاني ديكسون رشيد لزرق، دكتور العلوم السياسية خبير في القانون الدستوري

إن تتبع المحاكمة و التحقق من عدالتها، حق من حقوق الإنسان، تعمل المنظمات الدولية الحقوقية على توكيل ملاحظين لمتابعة أطوار المحاكمة عن قرب، فالمحاكمة العادلة عمادة أساسية من أعمدة القضاء المستقل، الذي يوفر شروط المحاكمة العادلة، و كل الضمانات القانونية.

فحق المحاكمة العادلة  كما جاء في المادة 10 من الإعلان العالمي للحقوق الإنسان ينص على أن "لكل إنسان - على قدم المساواة التامة مع الآخرين - الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه وإلتزاماته في أية تهمة جزائية توجه إليه". بل اعتبر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " الحق في المحاكمة العادلة معيارا من معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي يهدف إلى حماية الأفراد من المساس بحقوقهم أو الإنتقاص أوالحرمان منها.

لهذا فإن كانت الدولة ملزمة بالسماح للمنظمات الدولية بمراقبة المحاكمات، قصد رصد وتتبع سير المحاكمة، عبر تمكين الملاحظين من مختلف التسهيلات لتخويلهم القيام بمهامهم على الوجه المطلوب، فإن على "الملاحظ" المنتدب بدوره أن يكون على مسافة واحدة من أطراف الدعوى، فما يحكم هو مدى  تطبيق القانون، و في رصده يلتزم الحياد، فهو على خلاف محامي المتهم أو المشتكيات، التي تكون لهم مصلحة في تبرئة المتهم أو إدانته. تظل مهمته واضحة لأن الملاحظ هدفه ليس في الدفاع عن أي طرف بل بتتبع إعمال شروط المحاكمة العادلة المتعارف عليها دوليا.

ولهذا كضمانة أساسية لحقوق الإنسان، فإن الملاحظ كما قلت يبقى على مسافة واحدة من أطراف الدعوى أو أطراف المحاكمة، لأن مهمته هي الحرص على تطبيق القانون و عدم إفلات المتهم من العقاب أو الطعن في الإجراءات.

وبالتالي فهو يتولى دور المراقب بتتبع كل ما يهم المحاكمة سواء داخل الجلسة أو عبر تتبع وسائل الإعلام، و مقابلة فريق الدفاع الطرفين المتخاصمين، و الهيئة القضائية التي تتولى البت في القضية موضوع الملاحظة.

وعلى الملاحظ تجنب اتخاذ أي موقف مسبقا من المحاكمة، بل يجب عليه عدم إصدار أي حكم مسبق، إلا بعد الإنصات والاستماع للآخرين والتقرب من أطراف الدعوى و مراقبة كل مسار التقاضي، ليكون تقريره شاملا مبني على تمحيص و دقة، دون الوقوع والإرتماء في أحضان الذاتية. وهو  يتولى أيضا  تتبع تخويل رجال الإعلام متابعة الجلسة و رصد مدى استقلالية الهيئة القضائية من دون أي تدخل حكومي. مع رصد فصول المحاكمة، في تتبع حقوق الدفاع وتقييم الحكم بناء على تكييف للقانون.

وكل هذا يضمنه الملاحظ أخيرا في التقرير الذي يرفعه إلى المنظمة الحقوقية التي أوكلته وانتدبته للقيام بمهمة  الملاحظ.