السبت 27 إبريل 2024
خارج الحدود

أبشر يا مرسي إن مناديا أوحى للقرضاوي بأن الملائكة ستحررك وتعيدك للرئاسة

أبشر يا مرسي إن مناديا أوحى للقرضاوي بأن الملائكة ستحررك وتعيدك للرئاسة

"وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا، فأغشيناهم فهم لا يبصرون"، إنها الآية الكريمة التي لا يُعتقد أن هناك مخلوق بشري، وإن كان ملحدا، لا يتمنى فعلها معه. طالما أن الجميع وبصرف النظر عن سنه، لابد ومر أو سيمر بموقف كم احتاج فيه لغض الأبصار كافة عنه ولو للحظة.
لكن، وبما أننا في عصر يبعد كثيرا عن عصر النبوة ومعجزاتها العظام، ربما قد يصير منية ذاك التمني، وبلا أمل في تحققه، لغاية أن يظل أحباب الله وفي مقدمتهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ذووا الإستثناء، ودون غيرهم من باقي الخلق والعباد وإن آمنوا بالقدر خيره وشره.
ومع كل هذا اليقين النابع من الأسباب السالفة الذكر، أبى الشيخ القرضاوي إلا أن يزلزل القاعدة بإحدى خرجاته النشاز، ليعلن، وكله ثقة في سن التسعين "اللهم لا خَرف"، بأن الملائكة ستأتي لتحرير الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي من زنازن الإعتقال، لسبب أنه مؤمن وقريب من الرب. وطبعا، فإن هذا الإنفكاك من الأَسر وإعادة مصر "دولة إسلامية"، على رأي شيخنا، لا يمكن أن يتحقق مراده إلا وجميع حراس السجن جُعل بين أيديهم ومن خلفهم سدا لتغشى أبصارهم، ويعود مرسي إلى أبهة الرئاسة ونعيم القصر في أمان واطمئنان بلا "تابع ولا متبوع".
بشرى الشيخ القرضاوي هاته لمرسي لا شك وأنها ستأخذ مأخذا من حرص السجانين المسؤولين على معتقل الرئيس السابق، وذلك بعدم إغفال بلوغ مرسي مقام الرسول، وفق نظر القرضاوي، ليتقوا قدر الإمكان النزول إلى درك أبو جهل وعتبة وابن ربيعة وأمية بن خلف فتسقط المفاتيح من أيديهم كما سقطت الحجارة من أكف الكفرة. ومن ثمة إتاحة كامل الفرص المعجزة لإفلات المسجون إلى حيث أرض الله الواسعة. مع وضع في الحسبان من جهة ثانية أن القرضاوي سبق له أن أكد كون سيدنا جبريل يدعم الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، ويسانده ضدا عن أي محاولة إسقاطه.
والحقيقة، أن هذا المنادي الذي نزل فجأة على الشيخ القرضاوي لَيكشف كم هي طيبوبة الرجل، وتقديمه مصالح الناس على مصالحه، إلى درجة أنه، وبحسب مقدمات نزول الوحي، اعتكف بما فيه الكفاية، وأشرك صلوات النهار بقيام الليل، وأدمى أنامله بالتسبيح وجبهته بالسجود، حتى تأتى له أعظم خبر من الممكن أن يزف به رفيق يعرف الله حق معرفته. ومن غير أن يفكر في أن يجد لنفسه مخارج من شتى الورطات التي تلف عنقه. وترفَّع عن دعاء "اللهم اجعل من بين أيديهم سدا، ومن خلفهم سدا" لدخول أراضي البلدان الرافضة لوطأة أقدامه. كما لم يفكر في ترديد الدعاء ذاته حين تم طرده من هيئة كبار العلماء بالأزهر كمفتي الفتنة والمسيء للدولة ليل نهار.
بل الأكثر من ذلك استغنى عن إعانة الملائكة في لجم الأفواه التي تنعته بتاجر الدين، وخنق الأصوات التي تمنعه من تنظيم أي ملتقى على أرض الكنانة بدعوى أن الشعب المصري لا ينتظره ليأتي ويبيعه أفكارا ساذجة. وليس هذا فحسب، وإنما تواضع وبلا افتخار صلته بعالم الغيب إلى حد الخضوع لقرار وزارة الشؤون الإجتماعية في قطر، والقاضي بإقالته من رئاسة مجلس إدارة جمعية "البلاغ" الثقافية. مع أنه، كما سبق الذكر، بقدرته استثمار تخفي الملائكة لكبح أي نية في إهانته. أليس كل ملاك جني، وليس كل جني ملاك..؟.
إيثار قلب الشيخ يجد ترجمته أيضا في تخليه عن الإستنجاد بالوحي المخَلِّص وهو في عز المحاصرة بشماتة الشامتين، لما افتضحت حكاياته الغرامية وهو في أرذل العمر، والسخرية التي لحقته جراء زيجاته المتعددة، وخاصة من الشابة المغربية عائشة المفنن وهي في سن حفيداته بفارق 37 عاما بينهما، وكذا عبر ما تسرب من رسائل موقعة بخط يده يشكو فيها هيامه من الجزائرية أسماء بن قادة الذي يذهب به للإنقطاع عن عالم الأحياء ونسيان شيء اسمه الإمامة مثل ما جاء في العبارات الآتية: ''أحب أن أصارحك أنني أتهرب الآن من الإمامة ما استطعت، فإن تفكيري فيك لا يفارقني، وهذا ما يجعلني يا حبيبتي أسهو، ومع السهو أسهو إن أسجد للسهو".
وبما أن الإنسان لا يمكن أن يُنعت بالطيب إلا إذا في كان في استطاعته أن يكون شريرا، لابد من استحضار احتمال تخطيط هذا الشيخ التسعيني لاستدراك كل ما فاته، بمجرد إعادة الملائكة صاحبه محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة. حينها يمكنه التفيشيط" طولا وعرضا وهو "مسخن كتافو" بالرجل الأول على مصر مصداقا لمثل "إذا عاش النسر عاشو ولادو"، وتحديدا على مستوى العلاقات العاطفية بحجة ما يعرف عن أمثاله الأصوليين من ميول شبقي وفرط جنسي، ولو أن إكمال مسلسل الغراميات مع حور العين فـ"ديك الدار" لن ينفعه فيه لا مرسي ولا الكرسي، فقط "يرجع لله.. ويستغفر مولاه".