الجمعة 17 مايو 2024
مجتمع

الألعاب الإلكترونية وممارسيها.. أيهما يقتحم الآخر!؟

 
 
الألعاب الإلكترونية وممارسيها.. أيهما يقتحم الآخر!؟

تجدهم دائما هائمين، وكأنهم يبحثون عن شيء لن يجدوه أبدا، إذ القضية بالنسبة لهم ليست تحديدا في ما يمكن أن يحصلوا عليه أو لا يتمكنوا منه من بطولات، ولكن القضية هي اكتشاف ما تخفيه تلك العوالم من أسرار، الأمر الذي يجعلهم وهم في الموقع ذاته إما أبطالا أو ضحايا، داخل ما يمكن اعتباره زمن التلاقي خارج الحدود. وعلى الرغم من أن أي ممارسة هي حق لأي شخص طالما يمتلك قراره الشخصي، إلا أن هناك تركيزا انتقائيا من قبل رجال الاختصاص على بعض النماذج التي تنعت بالمدمنة أو الشاذة، وهي بالمناسبة لا تحكمها مرحلة من المراحل العمرية بقدر ما تأسرها مكبوتات سيكولوجية من قبيل الرغبة في إثبات الوجود المفتقد واقعيا، أو تغطية الشعور بالنقص، لذلك توصل الطب النفسي إلى أن هناك حالات ليست بالقليلة تحمل في طياتها أسبابها التي يجب معالجتها، خاصة وأنه ثبت بالملموس كون تلك الحقيقة يدركها كثيرون، ولكن قليلين من يتحدثون عنها في مجتمعنا على الأقل..

العنف والاقتتال.. محتويات أكثر الألعاب جذبا للاهتمام

إن الحديث عن هذا الموضوع دون الإشارة إلى ما يكتنزه سوق "درب غلف" البيضاوي رقميا، يعتبر حديثا غير مكتمل الأركان، فالإثنان مرتبطان بزواج رسمي أبدي، لا يتوقف عن رعاية سخاء تكنولوجي متجدد، كوليد شرعي لذلك التلاقح. ومن ثمة فإن هذه "الجوطية" أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، أنها الخلية التي استطاعت تقديم صورة مكتملة للمشهد التكنولوجي المغربي، وتصلح بالتالي للتعبير عن عالم ينتقل بين السر والعلن. عالم لا يشترط في من يتسربون إليه مؤهلا محددا، حتى أنه نجح في ضم فئات بينها تناقضات صارخة، وإن كان الجميع يلعبون ضمن منظومة تحمل سمات اتجاه رقعة هذه الموجة نحو الاتساع.

اغتصب منها ما لا يمكن أن تمنحه إلا مرة واحدة في العمر، سرق عنوان أنوثتها وشرف كينونتها، ليتركها غارقة في وحدة قاتلة تناشد كل رجل "شهم" تأبى مروءته إلا تقتفي آثار المعتدي، وبالتالي ملاحقته إلى حين التمكن من ملابسه الداخلية، كدليل على الفوز والانتقام وأيضا الفحولة. كانت هذه مجرد ترجمة لما احتوته ورقة تقديمية خاصة بلعبة إلكترونية صادفها "أنفاس بريس" عند أولى المحلات التجارية المختصة بـ"درب غلف"، وغايتها، كما يبدو، شحن الممارس بحماس وحيوية إضافيين قبل الخوض المباشر في المطاردة المفترضة.

يعتبر هذا "الموديل" من أحدث الألعاب التي دخلت السوق، وفق ما صرح به المسمى عبد العالي بوجار، وهو أحد التجار المهتمين بهذه اللون الترفيهي، مستطردا، بأن الاختيار في هذا الشأن أصبح صعبا للغاية أمام عجلة الجديد التي لا ترضى التوقف، فكل يوم يحمل معه تصميما حديثا بفعل اتجاه الشركات المنتجة إلى إغراق المستهلك بجميع السيناريوهات التي يمكن أن تزور بال إنسان، وأصبح تبعا لذلك قانون الصدفة هو المتحكم في مسألة الميول الأخير للعبة ما، فمن دون تخطيط يمكن للزائر العثور على ما يلبي رغبته ولو أثناء جولة خاطفة. أما بخصوص نوعية الألعاب الأكثر إقبالا من لدن المهتمين، فقد أكد أكثر من مصدر على ألعاب المواجهات العنيفة التي توظف فيها أحدث التطورات التقنية في الخدع والحيل، وخاصة تلك المشاهد التي تكون حبلى بحركات الجيوش والطائرات والمدافع، فضلا عن الكواكب المنفجرة والنجوم المتهاوية والمجرات المليئة بالأجرام، مع التشديد على الرؤية المفضلة للكائنات غير المألوفة والأسلحة الغريبة وغير المعروفة مثل السيوف الضوئية والأدوات المغناطيسية، بالإضافة إلى الوسائل الحربية الإلكترونية.

وكان لابد من أجل تعميق البحث في هذه النقطة، وكذا توسيع دائرة النقاش بخصوص خلفياتها ومخلفاتها، طلب وجهة نظر المحلل النفساني عماد النصيري، الذي أرجع هذه الرغبة أو النزعة، حسب قوله، إلى عامل نفسي مزروع في أعماق أي ذات بشرية وبشكل فطري غريزي، إنما تجد تأثيرها البالغ في الأشخاص الذين يواجهون مواقف لا ترضي غرورهم السلطوي، فيعمدون إلى محاولة تعويض ذلك الخصاص من خلال تسيد وقائع وهمية. وفي جوابه عما إذا كان معظم المغاربة الممارسين يعانون هذا الفقر، بحكم جنوح أغلبهم إلى هذا النوع من الألعاب، نفى النصيري أن يكون قد قصد ذلك المعنى تحديدا، إنما يمكن، بحسبه، أن يساهم حدث واحد ولو من قبيل الصدفة بحدوث تغيير ظرفي في توجه الشخص، وكما نعلم، يؤكد المتحدث، فإن حياتنا مليئة بالصدمات، وطبيعي جدا أن تؤدي إحداها إلى اتخاذ قرار الحصول على لعبة من الألعاب العنيفة لتفريغ المكبوت.